حداد عام في لبنان.. حزب الله يتهم حزب القوات اللبنانية بإشعال اشتباكات الطيونة وعدد القتلى يرتفع إلى 7
قال الصليب الأحمر اللبناني للجزيرة إن عدد قتلى الاشتباكات التي هزت بيروت أمس الخميس ارتفع إلى 7 أشخاص، وقد شدد وزير الدفاع اللبناني موريس سليم على أن المؤسسة العسكرية لن تسمح بأي تجاوزات من شأنها إحداث اضطرابات أو تهديد السلامة العامة، حسب تعبيره.
وبحث وزير الدفاع في لقاء بالرئيس اللبناني ميشال عون الأوضاع الأمنية في البلاد، والدور الذي قام به الجيش لضبط الوضع وإعادة الأمن بعد أحداث منطقة الطيّونة في بيروت.
اقرأ أيضا
list of 3 itemsاتهمه بأنه منحاز ومسيس.. نصر الله يهاجم المحقق الرئيسي في انفجار بيروت
انهيار اقتصادي وشلل سياسي وفقر يضرب نصف سكانه.. ماذا تبقى من لبنان؟
في الأثناء، قالت وكالة الصحافة الفرنسية إن أغلب قتلى الاشتباكات من عناصر حزب الله وحركة أمل، لكن من بين الضحايا أيضا امرأة عمرها 24 عاما قتلتها رصاصة طائشة في منزلها. كما أسفرت الاشتباكات عن سقوط أكثر من 30 جريحا.
ويشهد لبنان "يوم إقفال عام حدادا على أرواح الشهداء الذين سقطوا"، وفقا لما أعلنته رئاسة الوزراء، إذ تغلق جميع الإدارات والمؤسسات العامة والبلديات والمدارس الرسمية والخاصة، كما يشيع القتلى اليوم.
هدوء حذر
وساد هدوء حذر منطقة الطيونة جنوبي بيروت، بعدما كانت أمس أشبه بساحة حرب شهدت إطلاق نيران الرشاشات والقذائف الثقيلة وانتشار قناصة على أسطح أبنية.
وقالت مراسلة الجزيرة كاترين حنا إن حركة السيارات والمارة تعود تدريجيا إلى المنطقة، وإن الجيش يواصل تعزيز انتشاره عند التقاطع الذي شهد أعنف الاشتباكات، كما عمل على تثبيت نقاط تفتيش في عدد من الشوارع.
وقد دارت الاشتباكات حوالي 5 ساعات في المنطقة التي تبعد عشرات الأمتار عن قصر العدل، على الرغم من انتشار وحدات الجيش سريعا في الموقع الذي يعد من خطوط التماس السابقة خلال الحرب الأهلية (1975-1990)، حيث يفصل بين منطقة الشياح ذات الأغلبية الشيعية ومنطقة "عين الرمانة -بدارو" ذات الأغلبية المسيحية.
وبدأت الأحداث بإطلاق نار كثيف خلال مظاهرة نظمها مؤيدون لحزب الله وحركة أمل للتنديد بقرارات المحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار والمطالبة بعزله.
واتهم حزب الله وحركة أمل مجموعات من حزب القوات اللبنانية -أبرز الأحزاب المسيحية التي شاركت في الحرب الأهلية- بقتل وجرح مؤيدين لهما خلال المظاهرة.
وقالا في بيان مشترك إن مسلحين تابعين لحزب القوات اللبنانية -الذي يتزعمه سمير جعجع- أطلقوا النار على المحتجين من أسطح مبان في بيروت مصوبين النار على رؤوسهم، في هجوم قال الحزب والحركة إنه استهدف "جر البلد إلى فتنة".
وقد وجها دعوات إلى الجيش للتدخل سريعا لاعتقال المتسببين في ما حدث، كما طالبا أنصارهما بالهدوء.
"القوات اللبنانية" تنفي
في المقابل، نفى حزب القوات اللبنانية هذه الاتهامات "جملة وتفصيلا"، وندد بالعنف الذي حمل مسؤوليته لما قال إنه "تحريض" من قبل حزب الله ضد القاضي طارق البيطار.
وقال سمير جعجع رئيس الحزب -في بيان- إن "السبب الرئيسي للأحداث في بيروت هو السلاح المتفلت الذي يهدد المواطنين في كل زمان ومكان".
واستنكر ما وقع من اشتباكات، داعيا إلى إجراء تحقيقات كاملة لتحديد المسؤوليات عما جرى.
من جهته، قال الجيش اللبناني -في بيان صدر مساء أمس- إنه "أثناء توجه عدد من المحتجين إلى منطقة العدلية للاعتصام، حصل إشكال وتبادل لإطلاق النار في منطقة الطيونة- بدارو".
وأضاف أنه "دهم عددا من الأماكن بحثا عن مطلقي النار، وأوقف 9 أشخاص من كلا الطرفين بينهم سوري"، من دون أن يحدد هوية الأطراف التي بدأت إطلاق الرصاص أو انتماءاتها.
وأعلن وزير الداخلية بسام مولوي أن "الإشكال بدأ بإطلاق النار من خلال القنص".
من ناحية أخرى، بحث الرئيس اللبناني ميشال عون مع وزير العدل القاضي هنري خوري التحقيقات الجارية في الأحداث التي وقعت أمس الخميس، وضرورة الإسراع في إنجازها لتحديد المسؤوليات.
ودعا عون إلى ضرورة تفعيل دور مجلس القضاء الأعلى، لا سيما بعد تعيين 4 أعضاء فيه وأدائهم مع العضو الخامس اليمين القانونية.
وكان عون قد قال أمس -في كلمة متلفزة- إن ما جرى "مشهد مؤلم وغير مقبول… أعادنا بالذاكرة إلى أيام طويناها".
وأضاف "ليس مقبولا أن يعود السلاح لغة تخاطب بين الأفرقاء اللبنانيين. إن الشارع ليس مكان الاعتراض"، مؤكدا أن التحقيق في انفجار مرفأ بيروت سيبقى "أولوية".
دعوات خارجية للتهدئة
وفي ردود الفعل الخارجية، قالت وزارة الخارجية السعودية -اليوم الجمعة في بيان لها- إن المملكة تتابع باهتمام الأحداث الجارية في لبنان وتعرب عن أملها في استقرار الأوضاع بأسرع وقت.
وأضاف البيان "تتطلع المملكة إلى أن يعم لبنان الأمن والسلام بإنهاء حيازة واستخدام السلاح خارج إطار الدولة وتقوية الدولة اللبنانية لصالح جميع اللبنانيين دون استثناء".
من جهة أخرى، دعت فرنسا أمس إلى "التهدئة"، كما دعت الولايات المتحدة إلى "وقف التصعيد"، وشدد كلاهما على "استقلالية القضاء" في لبنان.
أما ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة فقد دعا إلى "وقف الأعمال الاستفزازية" وإلى "تحقيق غير منحاز" بشأن انفجار المرفأ.
كما أكد الاتحاد الأوروبي على ضرورة استكمال التحقيقات في انفجار مرفأ بيروت بمصداقية وشفافية واستقلالية ومحاسبة المسؤولين عن هذه المأساة.
من جانبها وصفت الخارجية الإيرانية ما جرى في لبنان بالمؤسف والمأساوي، وقالت إن الشعب والحكومة والجيش والمقاومة في لبنان سيتغلبون على "مؤامرات إسرائيل وعملائها".
أما روسيا فقد أعربت عن "قلقها البالغ إزاء تصعيد التوترات السياسية في لبنان"، وفقا لبيان أصدرته الخارجية الروسية، ودعت الساسة اللبنانيين إلى ضبط النفس والعودة إلى العمل البناء دون أي تدخل خارجي.
موقف قضاة لبنان
في غضون ذلك، قال نادي قضاة لبنان اليوم إن القضاء "قال كلمته، وخلص غير مرة إلى عدم قبول طلبات رد المحقق العدلي في جريمة المرفأ".
وتابع "من له أذنان فليسمع صوت القانون جيدا، وليتوقف عن العبث في آخر حصن في فكرة الدولة"، وفق ما نقلت عنه الوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية.
ودعا النادي إلى تعاضد جميع القضاة ووحدتهم حول مجلس القضاء الأعلى ورئيسه "لمنع أي محاولة لتجاوز صلاحيات السلطة القضائية، والتصدي حتما لأي محاولة للتطاول والاستقواء عليها من خارجها ترمي، في ما ترمي إليه، إلى كف يد المحقق العدلي بأساليب ملتوية".
وقد رفضت محكمة التمييز في لبنان طلب تنحية القاضي طارق البيطار المحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت، مما سيتيح له استئناف عمله.
وكان وزير المالية السابق علي حسن خليل ووزير الأشغال السابق غازي زعيتر تقدما إلى المحكمة بطلب ثان لتنحية المحقق عن القضية، على اعتبار أن المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء هو المرجع لمحاكمتهما.
وتسبب انفجار مرفأ بيروت -في الرابع من أغسطس/آب 2020- بمصرع 214 شخصا على الأقل وجرح أكثر من 6 آلاف و500 آخرين، إضافة إلى دمار واسع في العاصمة. وعزت السلطات الانفجار إلى تخزين كميات كبيرة من "نترات الأمونيوم" من دون إجراءات وقائية.