إعادة إعمار غزة.. مشاريع قطرية ومصرية بدون جداول زمنية
صحيفة هآرتس الإسرائيلية قالت إن مصر والولايات المتحدة تمارسان ضغوطا على حماس والسلطة الفلسطينية، للعمل على تشكيل حكومة وحدة جديدة، لدفع تحقيق تهدئة طويلة الأمد وإعادة إعمار غزة إلى الأمام

غزة – 4 أشهر مرت على توقف أصوات الانفجارات الناجمة عن الصواريخ والقذائف الإسرائيلية خلال الحرب على غزة في مايو/أيار الماضي، والغزاويون ينتظرون انطلاقة حقيقية لعملية إعادة إعمار آلاف المنازل السكنية والمنشآت العامة والخاصة والبنى التحتية.
وتلقت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وعودا مصرية بتسريع وتيرة إعادة الإعمار وتقديم تسهيلات تضع حدا لتدهور الأوضاع التي ازدادت مأساوية منذ الحرب الأخيرة. وأنهت قيادة حماس مباحثات في القاهرة مع المسؤولين المصريين، استمرت 6 أيام، تناولت ملفات مهمة، من بينها عملية إعادة الإعمار.
اقرأ أيضا
list of 3 itemsغزة كما تريدها إسرائيل .. تعرف على خطة "التهدئة مقابل التنمية"
إعادة إعمار غزة.. معركة أخرى
وكشفت مصادر مسؤولة في غزة -للجزيرة نت- عن أن مصر شرعت في عملية تطوير مقطع من شارع الرشيد الساحلي الرئيسي شمال غزة، بينما لم تحدد "جداول زمنية" لإعادة الإعمار المتعلقة بالأبراج السكنية، في حين توقعت أن تباشر دولة قطر الأسبوع المقبل تنفيذ الجزء المتعلق بها من عملية إعادة الإعمار.
مباحثات القاهرة
وكان ملف إعادة الإعمار أحد الملفات الرئيسية على طاولة مباحثات قيادة حماس، التي اجتمع مكتبها السياسي في القاهرة بكامل هيئته لأول مرة منذ انتخابه قبل بضعة أشهر، وعقد لقاءات مكثفة مع مسؤولين مصريين.
وقالت المصادر إن حماس تلقت وعودا مصرية باتخاذ خطوات عملية قريبة بخصوص إعادة إعمار غزة، فضلا عن تسهيلات اقتصادية، وتيسير حركة البضائع عبر معبر رفح البري.
وتزامنت لقاءات حماس مع مباحثات أخرى لوفد حكومي رسمي، وآخر يمثل رجال الأعمال والتجار والمقاولين، تصب كلها في تجاه تحسين الأوضاع المعيشية والإنسانية، وتسريع عملية إعادة الإعمار.
وجاء هذا الحراك المصري، بعد أيام قليلة من لقاء الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ومستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان في القاهرة، إذ كانت أوضاع غزة حاضرة في اللقاء بينهما. ويعتقد مراقبون أن القاهرة تحركت برغبة أميركية لتثبيت حالة الهدوء في غزة.

المنحة المصرية
يقول رئيس اللجنة الحكومية لإعمار غزة، وكيل وزارة الأشغال العامة والإسكان المهندس ناجي سرحان -للجزيرة نت- إن الوفد الحكومي اتفق مع المسؤولين المصريين على مسائل عدة متعلقة بعملية إعادة الإعمار، أبرزها إنشاء المدينة السكنية الأولى شمالي غزة، ضمن المنحة المصرية في المنطقة "الأميركية".
وبحسب سرحان، فإن الاتفاق لم يشمل "جداول زمنية محددة"، في حين شرع الجانب المصري بتحضير المخططات والتصاميم اللازمة للشروع بالعملية، وتشمل المخططات تطوير الشارع الواصل بين مفترق العطاطرة شرقاً، وحتى شارع الرشيد غربا، بالإضافة إلى إعادة إعمار شارع الرشيد، الذي بدأ العمل فيه منذ نحو أسبوعين، ويتوقع الانتهاء منه في غضون 6 أشهر.
كما يجري حاليا تجهيز مخططات البنية التحتية لمنطقة مفترق الشجاعية، وتركيب جسر، للإسهام في معالجة المشكلة المرورية الخانقة.
وأسفرت المباحثات مع المصريين -وفقا لسرحان- عن توافق على تشغيل أكبر قدر من شركات المقاولات المحلية، وإدخال كافة المواد اللازمة للإعمار من معبر رفح البري، وذلك لضمان تشغيل المصانع المحلية، إضافة إلى تقديم تسهيلات لتنقل المقاولين ورجال الأعمال عبر معبر رفح.
ويوضح سرحان أن مشاريع المنحة المصرية تشمل إنشاء 3 مدن سكنية في بيت لاهيا وجباليا، شمالي قطاع غزة، وفي منطقة الزهراء (جنوب) بالإضافة إلى إنشاء جسور وطرق.
وبخصوص إعادة إعمار الأبراج السكنية المدمرة، يقول إن الوفد الحكومي طالب المسؤولين المصريين بأن يتم البدء بعملية إعمار هذه الأبراج، أو على الأقل تلك التي أسهمت الطواقم المصرية في إزالة ركامها، وقد وعدوا بوضعها ضمن الأولويات.
وكانت مصر تعهدت -عقب الحرب الأخيرة على غزة- بمبلغ 500 مليون دولار إسهاما منها في عملية إعادة الإعمار، وأرسلت وفودا هندسية وعمالا أسهموا في إزالة الركام والتهيئة لهذه العملية.

المنحة القطرية
ويتوقع سرحان أن يشهد الأسبوع المقبل انطلاقة فعلية لمشاريع إعادة الإعمار التي تشرف عليها دولة قطر، بعد إنجاز الاتفاق على الإجراءات وآليات طرح المناقصات.
ويوضح أن قطر ستتولى إعادة إعمار المباني من غير الأبراج السكنية، وهي ألف وحدة سكنية دمرت كليا، وتقدر قيمة إعمارها بـ40 مليون دولار، والمباني المتضررة بصورة بليغة وغير الصالحة للسكن تبلغ قيمة إصلاحها 10 ملايين دولار. كما ستتولى قطر إعادة إعمار البنية التحتية، التي تم التوافق على الشروع بها مطلع العام المقبل.
خسائر كارثية
وحصرت الجهات المسؤولة في غزة الأضرار الناجمة عن الحرب، التي أصابت مناحي الحياة كافة، وبحسب سرحان فإن قيمة إعادة إعمار هذه الأضرار تقدر بـ479 مليون دولار، وهي خسائر مباشرة.
ويوضح أن الخسائر المباشرة تتعلق بالدمار الذي أصاب قطاع الإسكان والبنية التحتية، حيث دمرت 1500 وحدة سكنية بشكل كلي، و880 وحدة لحق بها دمار بليغ، إضافة إلى مئات الوحدات التي تضررت بشكل متوسط وطفيف، وتقدر قيمة إعمار هذا القطاع بـ145 مليون دولار.
كما ألحقت الحرب دمارا كبيرا في البنية التحتية، ويشمل المباني العامة والطرق وخطوط الطاقة والاتصالات وخدمات الصرف الصحي، وتقدر قيمة إعمارها بـ293 مليون دولار، وفقا لسرحان.
ويقول: "يضاف إلى ذلك خسائر لحقت بقطاعات الاقتصاد والتجارة والصحة والتعليم والزراعة، فضلا عن الخسائر غير المباشرة التي تسببت بها الحرب".
ويقدر سرحان أن غزة بحاجة إلى ملياري دولار من أجل إنعاشها وإعادتها إلى الحياة، بعد سنوات مريرة من الحروب والحصار.

رؤية أميركية
ويفسّر الكاتب والمحلل السياسي ماجد الزبدة -للجزيرة نت- الحراك المصري الأخير مع حماس، بأنه ينسجم مع رؤية الإدارة الأميركية الراغبة في احتواء غزة، وضمان استقرار الأوضاع فيها، وعدم تدهورها نحو مواجهة جديدة.
وكانت صحيفة هآرتس الإسرائيلية قالت إن مصر والولايات المتحدة تمارسان ضغوطا على حماس والسلطة الفلسطينية، للعمل على تشكيل حكومة وحدة جديدة، لدفع تحقيق تهدئة طويلة الأمد وإعادة إعمار غزة إلى الأمام.
ويقول الزبدة: "الأطراف كلها أصبحت على قناعة باستحالة عودة السلطة لحكم غزة، والسيطرة عليها بشكل تام في ظل منظومة المقاومة العسكرية". وهذا ما بلور لدى هذه الأطراف قناعة بالعمل على الدفع باتجاه تشكيل حكومة وحدة فلسطينية تتولى مقاليد الحكم في غزة والضفة، وتتمتع بتمثيل الفلسطينيين سياسيا، وتشرف على إنعاش الاقتصاد وإعادة الإعمار، وفقا للزبدة.