لوفيغارو: فصائل عراقية تتحدث عن الانتقام لسليماني والمهندس
منذ مقتل قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني، وأبو مهدي المهندس نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي العراقي، في غارة أميركية قرب مطار بغداد قبل عام، يبدو أن العديد من الفصائل الشيعية خرجت عن نطاق السيطرة، وأن جماعات غيرها موالية لإيران تسعى إلى أن تجعل واشنطن تدفع ثمن فعلتها.
مراسل صحيفة لوفيغارو (Le Figaro) الفرنسية في العراق كوينتين مولر، يحرر تقريرا بدأه من أحد مقرات الحشد الشعبي بالبصرة، حيث يقف بفخر رجال يرتدون زيا عسكريا، وقائدهم يجلس في غرفة وهو يقول بصوت عال "أنا أكره الولايات المتحدة، أود أن أفجر نفسي على أرضهم!".
هذه المجموعة -حسب المراسل- تنتمي إلى لواء المنتظَر، وهي مجموعة فرعية من كتائب "سيد الشهداء" المعروفة بنشاطها في سوريا والعراق وعلاقاتها الوثيقة مع إيران، وقائدهم جواد (59 عاما) الذي فقد إحدى ساقيه في الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية، يقول إنه يود أن يمر بكرسيه المتحرك فوق العلمين الأميركي والإسرائيلي، وإنه "مستعد لحمل السلاح" في ذكرى مقتل سليماني والمهندس.
خارج السيطرة
بعد مقتل سليماني والمهندس -يقول المراسل- بدأ عدد من الفصائل المسلحة التابعة لوحدات الحشد الشعبي يخرج عن نطاق السيطرة، وبدلا من الامتثال لأوامر رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، أصبحت بعض مليشيات الحشد تستهدف المواقع الأميركية ومواقع التحالف الدولي.
ويعود آخر أكبر هجوم إلى 20 ديسمبر/كانون الأول الماضي، عندما أطلقت جماعة "عصائب أهل الحق" -حسب المراسل- صواريخ على السفارة الأميركية في المنطقة الخضراء وسط بغداد، وقد تعرضت المصالح الأميركية لحوالي 60 هجوما خلال العام الماضي.
إلى جانب هذه الهجمات، يواصل عدد من فصائل الحشد الشعبي التدخل في الحياة السياسية، حيث هددت كتائب حزب الله، المقربة جدا من إيران، بعض أعضاء البرلمان بالقتل، في حال عدم التصويت على خروج القوات الأميركية من العراق، بل إنها حاصرت الكاظمي وجهازه الأمني، واتهمته بالعمالة للولايات المتحدة.
منطقة رمادية
وقال المراسل إن التشكيلات المتحالفة مع إيران تلعب في منطقة رمادية، بحيث تضع قدما داخل الحشد الشعبي، مما يعطيها مكانة وامتيازات باعتبارها أطرافا فاعلة بالدولة، ولكنها تترك قدما أخرى مع فصائلها المسلحة خارج إطار الدولة والحشد، كما تقول إينا رودولف المحللة والباحثة في معهد كينغز كوليدج بلندن. يقول مصدر بالحشد الشعبي "العديد من هذه الجماعات خارجة عن السيطرة، أكثر مما قد يتصور الناس".
ويجلس عماد الأسدي قائد "عصائب أهل الحق" في البصرة، في مكتبه المحصن بجدران كبيرة وباب حديدي متين، بهدوء، نافيا هجمات جماعته الأخيرة على سفارة الولايات المتحدة قائلا "لا أعتقد أن لدينا أي دور مباشر أو غير مباشر". ويضيف مبتسما "هناك عملاء داخل الحكومة العراقية، أحدهم (الكاظمي) الذي كان مديرا للمخابرات وهو يمنع أي رد على الولايات المتحدة، ولكن سنجد طريقة ما للانتقام".
من جانبه، لا يريد حميد الحسيني قائد جماعة سرايا الخراساني الموالية لإيران والناشطة في سوريا، سوى الحديث عن الانتقام، يقول "أبو مهدي المهندس كان الأب لجميع المقاتلين هنا في العراق. إنني على ثقة من أنه ستكون هناك في المستقبل خطة طموحة للانتقام لهاتين الخسارتين الوطنيتين الكبيرتين. وفي ذلك اليوم سأتمكن من قطع أيدي أولئك الذين ارتكبوا مثل هذه الجريمة الجبانة".
انتقامي شخصي
أما أحمد عبد الكريم رئيس منظمة بدر في البصرة المعروف باسم أبو جهاد، فيريد خوض الحرب في الولايات المتحدة بعد أن قاتل نظامَ صدام حسين، ثم تنظيم الدولة الإسلامية، ويقول من مقر إقامته المحصّن "نحن حريصون على الانتقام لسليماني والمهندس، وسنفعل ذلك حتى لو لم تفعل الحكومة العراقية ذلك. لا نطلب موافقتها لأنه لا علاقة لهم بهذه القصة" ثم يضيف "انتقامي سيكون شخصيًا، وسيتم بشكل مستقل عن منظمة بدر المرتبطة بالحكومة".
ورغم علاقته الجيدة بطهران، ينأى الحشد الشعبي بنفسه أحيانًا عنها. علما بأن الحكومة الإيرانية تريد تخفيف التوتر مع الولايات المتحدة، مع احتمال عودة واشنطن إلى الاتفاق النووي بعد مجيء الرئيس المنتخب جو بايدن، إلا أن كل من نصبوا أنفسهم أبطالا للمقاومة بالعراق منذ اختفاء المهندس وسليماني، يريدون اختيار معاركهم وتحديد أولوياتهم بأنفسهم، وإن كانت لا تعكس بالضرورة مصالح إيران، رغم بقاء تقاربهم الأيديولوجي معها، كما تقول الباحثة في معهد كينغز كوليدج.