مقال في بلومبيرغ: لا داعي للخوف على الديمقراطية التونسية
يرى الكاتب عمرو عدلي، وهو أستاذ مساعد وباحث بمركز كارنيغي للشرق الأوسط، أن الديمقراطية التونسية بخير ولا داعي للخوف عليها. ولفت في مقاله بموقع بلومبيرغ (Bloomberg) إلى أن الذكرى العاشرة لإطاحة الدكتاتور التونسي زين العابدين بن علي مرّت من دون احتفال كبير بين الأشخاص الذين أسقطوه، وأن العالم الأوسع قد يتعجب من حقيقة أن تونس وحدها بين بلدان الربيع العربي حافظت على الحريات التي فازت بها عام 2011، لكن قلة من التونسيين كانوا ينظرون إلى الوراء بارتياح.
ومع ذلك خرج الآلاف إلى الشوارع مرة أخرى للاحتجاج على فشل وعد ثورتهم الأكبر المتمثل في "نظام اجتماعي واقتصادي أكثر عدلا وشمولا". فهم يرون أن ديمقراطيتهم ليست أكثر من مجرد واجهة، إذ تعاني بلادهم مشكلات خطيرة تتعلق بالحكم نتيجة التشرذم السياسي الشديد والاستقطاب الاجتماعي والثقافي والفساد المستشري.
وعلّق الباحث بأنه ليس من المستغرب أن يجادل البعض الآن بأن الأمور كانت أفضل في عهد بن علي وأن "الشعبويين" يجتذبون كثيرين منهم. وأضاف أنه إذا كان النظام الديمقراطي في تونس ضعيفا، لكنه مرن، أي إنه قد يبدو عاجزا عن معالجة الجذور الاجتماعية والاقتصادية المتعددة لثورة 2011، مثل الفقر وارتفاع معدلات البطالة والتفاوتات الكبيرة بين المناطق الداخلية والساحلية، ومع ذلك فإن انتشار الحركات الاجتماعية والاقتصادية وتواتر الاحتجاجات الجماهيرية يظهر أن المجال العام الذي سُيطر عليه قبل 10 سنوات لا يزال يتوسع.
وألمح إلى أن حكم بن علي المستبد كان يعني الإقصاء الاجتماعي والاقتصادي إلى جانب القمع الأمني والسياسي المكثف. وليس من المعقول أن يرغب التونسيون العاديون في عودة ذلك، وهذه شهادة على مرونة النظام الديمقراطي المتطور، فرغم كل نقاط ضعفه لا يبدو أن أيا من الفاعلين الرئيسيين -الجيش أو النخب السياسية أو الجماعات التي تقتحم الساحة العامة- مستعد أو قادر على استعادة الحكم الاستبدادي.
وأضاف الباحث أن التحديات الحالية التي تواجه الديمقراطية التونسية تظهر حدود التغيير السياسي دون أي احتمال للتغيير الاقتصادي لأن شبكات النخبة القديمة لا تزال تسيطر على اقتصاد البلاد. ولا توجد حلول قصيرة المدى لهذه المشكلات الهيكلية، لكن هناك مجالا لإجراء إصلاحات سريعة ودعم الدولة للشركات الكبيرة مما يجعل الأولى أكثر تقدمية مع إزالة الامتيازات القديمة.
وختم بأن تونس قد تكون على المسار نفسه؛ فقد تزايدت مطالب الوصول إلى الفرص الاقتصادية وإعادة توزيع الدخل والثروة منذ عام 2011، وستظل هذه الأمور الأساس للتنافس في المستقبل المنظور.