الائتلاف الأكبر تاريخيا يعلنها بعد أيام.. حكومة حمدوك أمام تحدي الاختيار ومبررات التأخير
بحلول بداية الأسبوع المقبل تأمل الحواضن السياسية للحكومة الانتقالية في السودان أن يتمكن رئيس الوزراء عبدالله حمدوك من إعلان التشكيل الوزاري الجديد، بعد مشاورات مضنية ومتطاولة بين أوسع ائتلاف حاكم في تاريخ البلاد.
وينتظر أن يكون التشكيل الوزاري المرتقب من 26 حقيبة ينال فيها المكون العسكري حقيبتي الداخلية والدفاع، بينما تحوز الحركات المسلحة "الجبهة الثورية" 7 وزارات، مقابل 17 وزارة لتحالف قوى إعلان الحرية والتغيير.
وطبقا لعبدالوهاب جميل الأمين العام للجبهة الثورية المتحدة للتحرير والعدالة (شرق السودان)، فإن من ضمن أسباب تأخير إعلان الحكومة الجديدة التفاوض حول هيكلة مجلس الوزراء.
وقادت الهيكلة لإضافة وزارات وتقسيم أخرى حتى يمكن استيعاب الحركات المسلحة التي وقّعت على اتفاق السلام بجوبا في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وبموجب اتفاق السلام تشارك الحركات في السلطة بنسبة 25% وعليه ستمنح 7 حقائب وزارية و75 مقعدا في البرلمان من جملة 300 مقعد إلى جانب 3 مقاعد في مجلس السيادة.
حصة الحركات
يعزو معتز صالح مقرر لجنة الترشيحات بقوى الحرية والتغيير للجزيرة نت، تأخير تشكيل الوزارة إلى الحوار الذي جرى مع أطراف السلام لتحديد حصتهم البالغة 25%، فضلا عن الحوار الذي جرى بين الحركات نفسها لتقاسم هذه الحصة.
ويقر عبدالوهاب جميل القيادي في الجبهة الثورية بأن الحركات الموقعة على السلام كانت جزءا فقط من أسباب تأخير تشكيل الحكومة الجديدة.
ويقول للجزيرة نت إن خلافات نشبت بين الحركات بعد أن طالب مسار دارفور وحده بنسبة 67% من جملة استحقاقات السلام في السلطة، وحسم الأمر بتدخل الوساطة الجنوب سودانية بمنح دارفور 5 حقائب من جملة 7 وزارات.
وستنال الجبهة الثورية التي تضم حركات من دارفور والحركة الشعبية (شمال) بقيادة مالك عقار بجانب مسارات الشرق والوسط والشمال وزارات "المالية والتخطيط الاقتصادي، والحكم الاتحادي، والتعدين، والتربية والتعليم، والثروة الحيوانية، والبنى التحتية، والرعاية الاجتماعية".
حصة حزب الأمة
يؤكد كل من معتز صالح وعبدالوهاب جميل أن حزب الأمة القومي كان أحد أسباب تأخير تشكيل الحكومة الجديدة.
وبحسب صالح فإن قوى الحرية والتغيير واجهت مشكلة بعد أن طالب حزب الأمة بـ6 وزارات و65 مقعدا في البرلمان ومقعدين في مجلس السيادة.
ويشير إلى أن عقبة حزب الأمة استدعت إجراء مشاورات معه عبر لجنة خاصة، بينما لم تكن هناك أي مشكلات مع بقية الأحزاب المنضوية تحت تحالف الحرية والتغيير، حيث وضع التحالف المعايير واتخذ كل الإجراءات اللازمة وباشرت لجنة الترشيحات الفرز وفق المعايير.
ويكشف صالح أن اتفاقا جرى التوصل إليه الساعات الماضية مع حزب الأمة بمنحه 4 وزارات طالب بها الحزب، وينتظر أن يدفع بمرشحيه إليها وهي "الخارجية، والشؤون الدينية والأوقاف، والنفط، والزراعة".
ولجهة أن وزارة الشؤون الدينية التي يتقلدها نصر الدين مفرح "حزب أمة" من ضمن الوزارات التي لن يطالها التغيير إلى جانب وزارتي العدل والري، حاول حزب الأمة الظفر بوزارة خامسة بحجة أن مفرح متمرد على الحزب.
أزمة في وزارتين
قائمة الترشيحات التي سترفعها لجنة الترشيحات للمجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير ومجلس شركاء الفترة الانتقالية لن تخلو من أزمات خاصة فيما يمنح وزارتي الخارجية والتربية والتعليم.
فوزارة الخارجية التي ستكون من نصيب حزب الأمة القومي، ستكون في اختبار التطبيع الصعب مع إسرائيل لجهة أن حزب الأمة من أشد المناهضين للتطبيع الذي تمضي فيه الحكومة الانتقالية بقوة لا تحسد عليها.
ويقول صالح إن حزب الأمة مطالب بالتكيف مع واقع التطبيع وأهداف الحكومة الانتقالية المثبتة في الوثيقة الدستورية والتي ترجح المصالح العليا للبلاد.
ويشير إلى أن التطبيع لن يكون حاضرا في وزارة الخارجية فقط بل سيقابل كل وزارة سواء في الزراعة أو النقل أو غيرها.
ويتوقع المتحدث احتدام معركة حول وزارة التربية والتعليم التي أصبحت من نصيب الجبهة الثورية، حيث تفيد معلومات بأن حركة العدل والمساواة رشحت لها أحمد آدم بخيت.
والأسبوع الماضي التقت لجنة المعلمين، أحد أبرز أجسام تجمع المهنيين السودانيين، رئيس الوزراء وطالبته بإبعاد الوزارة من المحاصصة والإبقاء على محمد الأمين التوم في الوزارة، كما شرعت لجنة المعلمين في تصعيد لتحقيق ذلك.
ويكشف مقرر لجنة الترشيحات عن تشكيل لجنة خاصة من لجنة المعلمين ومكتب رئيس الوزراء والجبهة الثورية للتوصل إلى توافق بشأن هذه الحقيبة وإبعادها عن الأهواء الحزبية، خاصة بعد الجدل الكثيف حول المناهج.
مجلس السيادة
رغم أن حصة قوى الحرية والتغيير في مجلس السيادة لم تكن مطروحة لإعادة تشكيلها، فإن لجنة خاصة وعضويتها غير معلنة شرعت في تقييم أداء المدنيين الخمس في المجلس السيادي، ورفعت تقريرا أوليا، وينتظر أن ترفع تقريرا نهائيا.
وبناء عليه أصبح المدنيون في مجلس السيادة عرضة للتغيير إلى جانب إضافة 3 مقاعد في المجلس للحركات المسلحة يتوقع أن يظفر بها مالك عقار والطاهر حجر والهادي إدريس، على أن يكون مني أركو مناوي حاكما لإقليم دارفور.
وبحسب مصادر تحدثت للجزيرة نت بهذا الخصوص، فإن حظوظ عضوي المجلس محمد الفكي سليمان ومحمد حسن التعايشي تبدو أقوى في البقاء، حيث ينشط الأول في ملف التطبيع بينما يعد الثاني أبرز الفاعلين في عملية السلام.
وطبقا لمقرر لجنة الترشيحات فإن اختيار ممثلي قوى الحرية والتغيير لمجلس السيادة راعت في السابق تمثيل أقاليم السودان، وهو ما سيتم الآن مع ترجيح أن يتم الاختيار عن طريق المجلس المركزي للتحالف.
ويتشكل مجلس السيادة من 11 عضوا، 5 من تحالف الحرية والتغيير ومثلهم من العسكريين وعضو بتوافق الطرفين "رجاء نيكولا من الأقباط"، وسيصبح عدد أعضاء المجلس 14 عضوا بإضافة ممثلي الحركات المسلحة.
تبعات التأخير
يعترف عبدالوهاب جميل الأمين العام للجبهة الثورية المتحدة للتحرير والعدالة بأن التأخر في إعلان الحكومة أثر على مجمل الأوضاع سياسيا واقتصاديا، لأن الوزراء الآن مكلفون وبلا تفويض لوضع برامج وخطط.
بيد أن مقرر لجنة الترشيحات يعيب على حمدوك عدم الأخذ بمقترحهم الخاص قبل فترة بتعيين وزراء للوزارات الخدمية والاقتصادية المتصلة بحياة الناس، لكنه فضل إرجاء ذلك ليتم ضمن الحكومة الجديدة.
ورغم أن جميل توقع رفع القائمة لحمدوك خلال أيام، فإنه يؤكد أن الرجل سيواجه بمشكلة تتعلق بأحزاب ليست ضمن التوافق على القائمة، وهو ما سيؤخر تسمية الوزارة في ظل حالة أمنية هشة ومضطربة في أكثر من منطقة.
لكن مقرر لجنة الترشيحات في قوى الحرية والتغيير يؤكد أن اجتماعا للمجلس المركزي اليوم الخميس سيجيز قائمة الترشيحات النهائية ومن ثم رفعها لحمدوك ليتم الإعلان عن الحكومة الجديدة الأحد أو الاثنين. وينوه إلى أن الترشيحات راعت الموازنة بين الكفاءة والتجربة العملية والوعي السياسي.