ماذا ينتظر المواطن السوري في مناطق النظام عام 2021؟
بعد أن ودّع السوريون عام 2020 بظروفه الصعبة بحسب المكان الذي يقطنون فيه -سواء أكان في مناطق النظام أو المعارضة، أو ما تعرف بقوات سوريا الديمقراطية- تتعدد مشاكلهم وتختلف حسب ظروف كل منطقة من البلاد.
ولعل أبرز المخاطر والتحديات بالنسبة لسكان مناطق المعارضة تتعلق بالقصف والمعارك، أما سكان المناطق التي تسيطر عليها ما تعرف بقوات سوريا الديمقراطية فالمخاوف في الغالب أمنية، بينما المواطنون السوريون في مناطق النظام حيث العدد الأكبر مقارنة مع بقية المناطق، فيعيشون ظروفا اقتصاديا وأمنية وطبية صعبة، والسؤلان اللذان يطرحهما الجميع في مناطق النظام السوري هما: ماذا بعد، وهل تحمل سنة 2021 حلولا معها؟
موازنة 2021
يأتي الجواب عن التساؤلين بترتيب الأولويات بالنسبة إلى المواطن السوري، ولو أردنا ترتيبها استنادا إلى هرم ماسلو الشهير، الذي يصنف الاحتياجات الإنسانية، نجد أن الحاجات الفسيولوجية المتعلقة بالمأكل والمشرب في قاعدة الهرم، أيّ أن الأوضاع الاقتصادية ستكون الهاجس الأول بالنسبة إلى المواطنين السوريين.
من المتوقع أن تفرض الولايات المتحدة الأميركية مزيدا من العقوبات على النظام السوري خلال عام 2021، عملا بقانون قيصر الذي دخل حيز التنفيذ منتصف 2020، ولأن الاقتصاد السوري مرتبط بأشخاص مسؤولين لدى النظام السوري أو رجال أعمال مقربين منه، فإن الوضع الاقتصادي سيزداد سوءا وتنهار الليرة السورية، التي تتهاوى معها أحلام السوريين في مناطق النظام بتحسين وضعهم الاقتصادي أو المحافظة على الوضع الراهن، الذي سيُعَدُّ منفرجا مقارنة مع ما بعد انهيار إضافي لليرة.
وبعد أن أصبح قانون قيصر أمرا واقعا في حياة المواطن السوري، فالنظام يلقي بالفشل الاقتصادي الذي تشهده البلاد على هذا القانون، متغافلا عن الفساد واقتصاد الظل اللذين يتغلغلان في مؤسساته، خصوصا أن سوريا بلد لا يعتمد على الاستثمار في اقتصاده حتى قبل عام 2011.
كما أن النظام السوري كشف للسوريين عن الوضع الاقتصادي منذ أن صادق مجلس الشعب في دمشق على موازنة 2021 التي لم تزد على 7 مليارات دولار أميركي، في رقم يعتبر أقل من العام السابق بنحو مليارين و400 مليون دولار أميركي، وهذا ما يؤكد أن وضعا اقتصاديا صعبا ينتظر السوريين خلال عام 2021.
الصحة والخدمات
ينتاب السوريين تخوف من فيروس كورونا في ظل عدم حديث النظام عن لقاح قادم إلى البلاد مع إعلان أغلب دول العالم عن اللقاحات المتوقعة، لكن الخوف الأكبر لديهم من حصولهم على لقاحات قد لا تكون فعّالة، والهدف منها التجربة أكثر من العلاج، والحديث هنا عن الدولتين الداعمتين للنظام السوري، روسيا والصين اللتين تعملان على لقاحات مشكوك في فعاليتها، ولأن منظمات حقوقية كشفت في وقت سابق عن اختبار موسكو لأسلحتها الجديدة بسوريا خلال المعارك في السنوات الماضية، فقد زادت المخاوف من إجراء مماثل في المجال الطبي واللقاح الذي لم يخضع للشروط الصحية المعروفة.
ولم ينهِ السوريون عام 2020 في مناطق النظام إلا بعد أن انعدمت الكثير من الخدمات وتغيرت حياتهم بسبب ترديها. وإذ شهد 2020 طوابير طويلة للحصول على أبسط مستلزمات الحياة، فإن 2021 سيكون عاما للطوابير الأطول، لأن المقومات التي يدخل بها النظام السوري هذا العام أقل من العام الماضي، فالتقنين الذي يعيشه المواطن السوري على الكهرباء والبنزين والغاز وغيرها من الأساسيات سيزداد خلال 2021 ما ينذر بكثرة الطوابير وزيادة وقتها وطولها.
وأنهى السوريون القاطنون في مناطق النظام السوري عام 2020 بتصريحات رسمية من جمعية اللحامين بأن 40% من السوريين غير قادرين على شراء اللحوم تماما، و25% قادرون على الشراء لكن جزئيا، وهذا ما يكشف عن واقع صعب ينتظرهم خلال 2021 في ظل أوضاع اقتصادية أكثر سوءا من 2020.
الهروب للخارج
تدهور الأوضاع المعيشية والأمنية في مناطق النظام السوري، وغياب حلول واضحة وحقيقية لمشاكلهم تدفع الكثير منهم إلى التفكير بالسفر، وقد بدا ذلك جليا عندما شهدت منصات التواصل الاجتماعي للسكان في مناطق النظام السوري سخرية من مؤتمر عودة اللاجئين الذي عقد في دمشق من أجل تشجيع السوريين في الخارج على العودة.
فمن المتوقع أن تشهد مناطق النظام موجة جديدة من الهجرة إلى أوروبا في النصف الثاني من عام 2021، أي بعد استقرار انتشار فيروس كورونا واستقرار الأوضاع في الدول التي قد يمرون بها خلال رحلة الهروب من واقع الحياة في سوريا، ابتداءً من تركيا ومرورا باليونان ودول أوروبا الشرقية ووصولا إلى أوروبا الغربية، حيث يجدون الاستقرار والأمان اللذين يُصنفان في ثاني قاعدة هرم ماسلو للاحتياجات الإنسانية.
وقد بدأ الكثير من الشباب السوري بالهروب من سوريا إلى دول الجوار خصوصا لبنان وتركيا استعدادا لإكمال الرحلة، كما أن البلاد قد تشهد تشديدا لسحب الشباب إلى الخدمة الإلزامية، بعد فرض النظام السوري أسعارا لدفع البدل عن الخدمة، بهدف الحصول على الأموال أو العناصر في حال لم يتمكن الشاب من الدفع بعد تحقيقه الشروط المرفقة مع القانون.