غريم الأمس صديق اليوم.. حكومة المشيشي تعيد رسم خارطة التحالفات بتونس

مثّل الانقسام السياسي الدائر بشأن حكومة هشام المشيشي، والتجاذبات بين قصر قرطاج والبرلمان، منعرجا حاسما نحو تشكيل الأحزاب خارطة تحالفات جديدة ستدفع -بحسب مراقبين- لإعادة خلط الأوراق وتشكيل مشهد برلماني جديد.
وأعلنت قيادات من "قلب تونس" و"ائتلاف الكرامة" و"النهضة" تكوين جبهة برلمانية تجمع 120 نائبا -فضلا عن مستقلين- ستكون بمثابة حزام سياسي لحكومة المشيشي غير المتحزبة، التي منحها البرلمان الثقة يوم 2 سبتمبر/أيلول الجاري بأغلبية مريحة.
وكان الناطق باسم "ائتلاف الكرامة" سيف الدين مخلوف قد كشف رسميا -في تدوينة عبر صفحته على فيسبوك- دخول حزبه في حزام برلماني يضم أكثر من 120 نائبا، سيكون من أبرز اهتماماته تشكيل محكمة دستورية وتنقيح القانون الانتخابي وتمرير جملة من القوانين ذات الفائدة الاجتماعية والاقتصادية للبلاد.
نعم ائتلاف الكرامة اختار أن يكون طرفا في حزام برلماني بأكثر من 120 نائبا .. حزام سيهدي لتونس أول محكمة دستورية في…
تم النشر بواسطة الأستاذ سيف الدين مخلوف Seif Eddine Makhlouf في الأحد، ٦ سبتمبر ٢٠٢٠
وسبق أن جابهت حكومة إلياس الفخفاخ صراعات بين الكتل الحزبية الداعمة لها (التيار الديمقراطي وحركة الشعب وتحيا تونس وحركة النهضة)، عرقلت -بحسب قيادات حزبية- عمل الحكومة، وعطلت تمرير مشاريع قوانين بسبب هشاشة الحزام البرلماني الداعم لها وانفراطها.
حزام برلماني للحكومة
وأكد الناطق الرسمي باسم حزب "قلب تونس" الصادق جبنون، في تصريح للجزيرة نت، دخول حزبه في جبهة برلمانية تضم كلا من ائتلاف الكرامة وحركة النهضة وكتلة المستقبل وبعض النواب المستقلين، ستكون بمثابة الحزام السياسي الداعم لحكومة المشيشي.
وشدد جبنون على سعي حزبه، من خلال هذا التحالف البرلماني المفتوح على جميع الأطياف السياسية، لإيجاد نوع من الاستقرار السياسي يكون بمثابة الأرضية التي تمكّن حكومة المشيشي من العمل في أريحية على خلاف سابقه إلياس الفخفاخ.
ورفض الناطق باسم "قلب تونس" ما وصفه بتكرار سياسة الإقصاء التي انتهجها رئيس الحكومة السابق من خلال رفضه تشريك "قلب تونس" في مشاورات تشكيل حكومته، لافتا إلى أن التحالفات الجديدة اقتضتها الضرورة ودقة المرحلة سياسيا واقتصاديا.
وكان رئيس الحكومة قد التقى بعد يومين من تنصيبه رئيس حزب "قلب تونس" نبيل القروي، الذي يعد الغريم السياسي لرئيس الجمهورية قيس سعيد، في مؤشر على تغير التحالفات وموازين اللعبة السياسية.
فحوى لقاء نبيل القروي برئيس الحكومة التقى رئيس قلب تونس نبيل القروي صباح اليوم الجمعة 4 سبتمبر 2020، برئيس الحكومة…
تم النشر بواسطة Nabil Karoui – نبيل القروي في الجمعة، ٤ سبتمبر ٢٠٢٠
وخلف التقارب بين الغريمين السياسيين السابقين (قلب تونس وائتلاف الكرامة) موجة جدل وانتقاد واسعة، حيث سبق أن أعلنت قيادات هذين الحزبين عن استحالة التوافق فيما بينهما والدخول في تحالف حكومي موحد.
وتبرر قيادات من "ائتلاف الكرامة" تحالفها مع "قلب تونس" بأنه كان نتاج حالة الصد الذي وجدته من أحزاب أخرى لا سيما "التيار الديمقراطي" و"حركة الشعب"، مشددة على أن هذا التحالف اقتضته الضرورة.
ويقول النائب عن حركة النهضة محمد القوماني للجزيرة نت إن حكومة المشيشي غير المتحزبة منحت الأحزاب السياسية فرصة لمراجعة أخطائها والقيام بتقييم ذاتي، في سبيل تدارك تداعيات مواقفها السابقة وطبيعة تحالفاتها.
تونس على طريق ما بعد الإيديولوجيا التحالف هو تحالف أغلبية بما لا يقل عن 120 نائب ،نواب منتخبة من طرف الشعب رغم…
تم النشر بواسطة Oussama Khlifi في السبت، ٥ سبتمبر ٢٠٢٠
ودعا القوماني الأحزاب السياسية للكف عن المناكفات والصراعات، وإعطاء فرصة للحكومة الجديدة للعمل في أريحية، مشيرا إلى أن الجبهة البرلمانية التي انضمت لها النهضة -والمتكونة من 120 نائبا- ستكون بمثابة رسالة طمأنة من الأحزاب للمشيشي.
ولفت إلى أن الجبهة البرلمانية لا تزال مفتوحة على باقي الأحزاب والقوى السياسية على غرار كتلتي "الإصلاح" و"تحيا تونس" في البرلمان، وذلك بهدف خلق نوع من التوازن والانسجام بين الحكومة والبرلمان، ومنح المشيشي فرص النجاح.
وشدد الفوماني على أن التحالفات الجديدة ستعمل على استكمال الاستحقاقات السياسية، وفي مقدمتها تنصيب المحكمة الدستورية المعطلة منذ سنوات، وتنقيح القانون الانتخابي، واستعجال النظر في مشاريع قوانين أخرى.
وانتقد محاولات بعض الأحزاب التي اختارت التموقع في المعارضة، على غرار "التيار الديمقراطي" وحركة "الشعب"، وشيطنة الجبهة البرلمانية الجديدة بالقول إنها "لم تستوعب دروس الماضي، ولا تزال مصرة على استكمال حروب المرحلة السابقة".
المشهد البرلماني في السنة السياسية الجديدة سيشهد إعادة هندسة وانتشار وتوزيع لأوراق اللعبة. لائحة سحب الثقة وتشكيل…
تم النشر بواسطة الكاتب عبد اللطيف علوي في السبت، ٥ سبتمبر ٢٠٢٠
وأكد القيادي بالنهضة -في ختام حديثه- أن المشهد البرلماني والسياسي ما بعد تنصيب حكومة المشيشي يشهد تغيرا ملحوظا في علاقة بمن اختار التموقع في المعارضة كـ"التيار الديمقراطي" وحركة "الشعب" و"الدستوري الحر"، ومن اختار دعم حكومة المشيشي.
ووسط هذه التجاذبات السياسية ولعبة التحالفات، يخشى مراقبون أن تصاب أحزاب محسوبة على الخط الديمقراطي والثوري بمعضلة التصدع والاندثار التي أصابت أحزاب اليسار سابقا، لا سيما بعد إعلان الأمين العام لحزب "التيار الديمقراطي" محمد عبو عن قراره المفاجئ بالانسحاب من الحياة السياسية ومن قيادة الحزب.
ويشدد خالد الكريشي النائب عن الكتلة الديمقراطية -التي تضم كلا من حركة "الشعب" و"التيار الديمقراطي"- أن الكتلة لا تزال صلبة ومتماسكة في البرلمان، بعد أن اختارت التموقع في المعارضة ورفضت منح الثقة لحكومة المشيشي.
وأضاف في حديثه للجزيرة نت، أن الكتلة تعمل حاليا على توسيع حجمها داخل البرلمان وتطعيمها بنواب مستقلين، نافيا أي إمكانية للتحالف مع كتلة عبير موسي في البرلمان لاختلاف الرؤى والسياسات، وفق قوله.