الأتراك يحتفلون بعيد النصر وسط توتر مع اليونان.. تعرف على أبرز المعارك بين البلدين ومن انتصر فيها

انطلقت في تركيا اليوم الأحد احتفالات عيد النصر ويوم القوات المسلحة المعروف باسم "الظفر" الذي يصادف 30 أغسطس/آب من كل عام، وفيه يحتفل الأتراك بانتصار جيشهم على الجيش اليوناني عام 1922.
ويتزامن احتفال هذا العام مع تصاعد التوتر بين تركيا واليونان، وسط مخاوف من اندلاع حرب جديدة -بعد 98 عاما- بين البلدين على خلفية تنقيب أنقرة عن مصادر الطاقة في مناطق بحرية شرق المتوسط.
فعاليات النصر
وبدأت فعاليات عيد النصر بمسيرة نحو ضريح مؤسس الجمهورية مصطفى كمال أتاتورك وسط أنقرة قام به وفد رسمي يتقدمه الرئيس رجب طيب أردوغان.
وضم الوفد رئيس البرلمان مصطفى شنطوب، وفؤاد أقطاي نائب الرئيس، ورئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض كمال كليجدار أوغلو، ورئيس حزب "الحركة القومية" المعارض دولت بهتشلي، وزعيمة حزب "إيي" المعارض مرال أقشنر، وعددا من المسؤولين والقادة العسكريين.
وأكد أردوغان خلال زيارته ضريح أتاتورك أن بلاده مصممة على بلوغ مئوية تأسيس الجمهورية التركية عام 2023 بقوة اقتصادية وعسكرية وسياسية ودبلوماسية أكبر.
وشهدت كافة الولايات التركية عروضا عسكرية، وشارك أردوغان وقادة مؤسسات الحكومة والبرلمان والقضاء والجيش والمعارضة في الفعاليات البروتوكولية بأنقرة لإحياء عيد الظفر، في مشهد يعكس استقرار تركيا وقوتها الإقليمية بعدما ودعت عهد الانقلابات العسكرية كما عبر مسؤولون.
وأمس السبت، قال أردوغان في رسالة نشرها بمناسبة عيد النصر إنه "ليس من قبيل المصادفة أن الساعين إلى إقصاء بلادنا شرق المتوسط هم أنفسهم الذين حاولوا الاستيلاء على أراضيها قبل قرن".
وأضاف أن "كفاح أنقرة مستمر حتى اليوم، والأمة التركية لن تتردد إطلاقا في إحباط مساعي فرض معاهدة "سيفر" جديدة اليوم في "الوطن الأزرق" (المياه الإقليمية) مثلما حققت الاستقلال رغم الفقر وقلة الإمكانات".
وتصدّر اليوم وسم "30 Ağustos Zafer Bayramımız" أي (30 أغسطس/آب عيد نصرنا) قائمة الأكثر تداولا في تركيا، حيث حاز على مشاركة كبيرة في تويتر وبقية مواقع التواصل الاجتماعي.
الجيش التركي
وبهذه المناسبة، هنأت قيادة القوات البرية التابعة لحلف شمال الأطلسي (ناتو) الموجودة في مدينة إزمير -في بيان لها- حليفتها تركيا.
ونشرت وزارة الدفاع التركية مقطع فيديو عشية عيد النصر، ذكّرت فيه أثينا بالتاريخ وبهزيمتها، وأكدت أن "الأناضول ستبقى لتركيا التي أثبتت أنها قوية".
Malazgirt’ten Dumlupınar’a Bitmeyen Destan -4 🇹🇷#MalazgirtZaferi#BüyükTaarruz pic.twitter.com/4hzRgodHZY
— T.C. Millî Savunma Bakanlığı (@tcsavunma) August 29, 2020
وتحدث الفيديو عن معارك حصلت بين منطقتي "ملاذغرد" و"دملوبينار" انتصرت فيها تركيا واستعادت إزمير من اليونانيين.
وقالت الوزارة في الفيديو إن "الجيش التركي أثبت قوته في معارك درع الربيع، في إشارة إلى الشمال السوري، مضيفة أن "الجيش إما ينتصر أو يستشهد في معاركه".
واحتفل الجيش التركي بالمناسبة في وقت بات يركز فيه على حماية الوطن "في وجه المهددات التي تحيط به"، وبعد تكريس إبعاده من السياسة الذي بدأ بالتدرج منذ وصول حزب العدالة والتنمية إلى الحكم عام 2002.
ويُبرز الانتقال السلس للحكم في تركيا -في ظل القدرات الكبيرة للقوات المسلحة- مدى تكريس الحكم المدني في البلاد التي عانت لأكثر من 5 عقود من الانقلابات العسكرية وتدخل الجيش في العملية السياسية.
وسبق للجيش التركي أن نفذ عدة انقلابات، كان أولها عام 1960، حيث أطاح بالحكومة المنتخبة وأعدم رئيسها عدنان مندريس، ثم انقلاب عام 1971 ضد حكومة سليمان ديميريل، وانقلاب عام 1980.
وكان إقصاء الإسلامي نجم الدين أربكان عن الحكم على يد الجيش عام 1997 آخر الانقلابات الناجحة، حيث فشلت لاحقا محاولة انقلاب الجيش في 15 يوليو/تموز 2016 ضد حكم الرئيس أردوغان.
معلومات تاريخية
خاضت الدولة العثمانية بقيادة مصطفى كمال أتاتورك وحلفائه حرب تحرير منطقة الأناضول واستقلالها، بعد أن احتل اليونان ودول الحلفاء معظم أجزائها، وانتصرت في حرب الاستقلال.
يشار إلى أن قوات التحالف احتلت تركيا بعد هزيمة الإمبراطورية العثمانية نهاية الحرب العالمية الأولى (1914-1918)، وبدأت الحملة اليونانية بتشجيع من حلفائها الغربيين -خاصة رئيس الوزراء البريطاني ديفيد لويد جورج- الذين وعدوا اليونان بمكاسب إقليمية على حساب الدولة العثمانية، مما دفع الأتراك بقيادة أتاتورك لخوض حرب الاستقلال بين عامي 1919 و1922 التي طردوا من خلالها الغزاة من الأناضول.
وأطلق الأتراك في 26 أغسطس/آب هجومهم المضاد "الهجوم الكبير"، فسيطروا على جميع المواقع القتالية والخطوط الدفاعية اليونانية التي غزت أراضي الدولة العثمانية في ذلك التاريخ، واستطاعوا تحرير مدينة "أفيون قره حصار".
وفي 30 أغسطس/آب استطاع الأتراك إلحاق هزيمة قاسية بالجيش اليوناني في معركة "دملوبينار" بولاية كوتاهيا الغربية، حيث سقط نصف جنود الجيش اليوناني بين قتيل وجريح وأسير، كما سقطت معظم المعدات القتالية التابعة للجيش اليوناني بيد الجيش التركي بحسب مؤرخين أتراك.
وبحلول نهاية عام 1922 كانت جميع القوات الأجنبية غادرت الأراضي التي أصبحت مجتمعة جمهورية تركيا الجديدة بعد عام واحد.
واعتبر المؤرخ التركي الشهير إلبر أورطايلي أن انتصار تركيا الحاسم على القوات اليونانية في معركة دوملوبينار عام 1922 -والذي تم إضفاء الشرعية عليه في وقت لاحق بموجب اتفاقية لوزان (1923)- كان بمثابة رسالة للعالم مفادها "نحن باقون هنا".
وقال أورطايلي إنه على الرغم من أن الجيش التركي كان يفتقر إلى المعدات والأسلحة الأساسية ضد الجيش اليوناني فإنه كان أكثر خبرة في خوض الحرب.
وأضاف أن القائد اليوناني إيوانيس ميتاكساس رفض شن الهجوم، وأبلغ السياسيين اليونانيين أنه لا يمكن الانتصار في الحرب ضد الأتراك.
وذكر المؤلف ديفيد فرومكين في كتابه "سلام لإنهاء كل السلام" عن ميتاكساس قوله آنذاك أن "الأتراك نما بداخلهم شعور قومي".
وقال فرومكين في كتابه نقلا عن القائد اليوناني إن "الأتراك عازمون على النضال لنيل حريتهم واستقلالهم، إنهم يؤمنون بأن آسيا الوسطى بلدهم وأننا غزاة، وبالنسبة لمشاعرهم القومية فالحقوق التاريخية التي نبني عليها ادعاءاتنا ليس لديها أي تأثير".