عندما تتقزم أحلام اللبنانيين.. النجاة من الموت قبل العدالة أحيانا

دمر انفجار مرفأ بيروت الكارثي منزل ريتا فرج أوغلو فتقطعت السُبُل بأسرتها كما يُحتمل أن يدفع زوجها عادل ساقه ثمنا لما جرى.
ومثل العديد من اللبنانيين، كابدت الأُسرة المعاناة على عدة مستويات منذ الانفجار الذي وقع في 4 من الشهر الجاري وأودى بحياة 179 شخصا وتسبب في إصابة 6 آلاف آخرين، وأشعل شرارة احتجاجات ضد النخبة الحاكمة التي تُلام على الاضطرابات السياسية والانهيار الاقتصادي في البلاد.
وتهدمت منازل وشركات في قلب بيروت التجاري، الأمر الذي أدى لتشريد نحو ربع مليون شخص يتكدس كثيرون منهم الآن في شقق أقاربهم الصغيرة ولا يستطيعون تصور كيف سيكونون قادرين على تحمل نفقات معيشتهم.
وقالت ريتا -التي انتقلت مع زوجها المصاب عادل وصغيريهما كريستي (عامان) وسايمن (8 أعوام)- إلى شقة تعيش فيها والدتها مع زوجها وأختها "هلأ (الآن) الوضع كتير صعب" كما أن التكلفة باهظة للعملية الجراحية التي يحتاج عادل الخضوع لها قريبا.
فعندما دوى الانفجار في أنحاء بيروت، كان عادل ملقى على الأرض يستغيث طالبا النجدة في ذلك الوضع الفوضوي. ولجأ أحدهم إلى استخدام حزاما لوقف النزيف. وقام آخر، وهو نادل، بتغطية ساق عادل المصابة.
وقال المواطن الجريح "فيه كتير عالم شافتني (كان هناك كثيرون يرونني) صارت تنوهل وتفل (كانوا يصابون بالصدمة ويفرون)".
وعادل كان يكافح بالفعل للعثور على عمل خلال فترة الانهيار الاقتصادي التي تمر بها البلاد. ويجلس الآن والألم يعتصره خشية أن يضطر الأطباء لبتر ساقه المثبتة في الوقت الحالي بمسامير معدنية.
يقول "حتى الدواء ما عم باقدر أحس فيه، صرت أنا عم بجرب إني أتعود عليه، أتعرف عليه ويتعرف علي. أوقات أصير باقعد… أغنجها (أدلل قدمي) باحكي أنا وياها. بأصير باقعد أبكي … من الوجع".
وتطارد عادل صورة أبيه الذي أُصيب في الحرب الأهلية التي عصفت بلبنان بين عامي 1975 و1990. وقال "وعيت على الدنيا وأنا بيي (أبي) منصاب، مقطوشة (مبتورة) رجله.. كمان حاطط أجهزة كمان أسياخ وهيك".
ومثل الكثير من اللبنانيين، يلقي عادل باللوم على قادة البلاد الذين يُنظر لهم باعتبارهم مقصرين في انفجار 2750 طنا من نترات الأمونيوم، وهي شحنة كانت متروكة لسنوات في المرفأ دون اتخاذ إجراءات الأمان.
وقال أيضا إنهم لم يكونوا أبدا قادرين على تحمل المسؤولية، إذ لم يعملوا على حماية شعبهم أو بلدهم، بل كانوا يحمون أنفسهم و"العصابة" التي كانت تدعمهم.
ودائما كانت الحكومة تقول إنها ستحاسب المسؤولين عن الانفجار. لكن هذه الأُسرة مهتمة بالبقاء على قيد الحياة أكثر من العدالة.
وعادت ريتا "من دون زوجي، لا يمكنني أن أقف".