اتفاق على ضرره بالقضية ووحدة الموقف العربي.. هل يحرك التطبيع الإماراتي المصالحة الفلسطينية؟

مدونات - إسماعيل هنية وعباس
إسماعيل هنية (يسار) اتصل بالرئيس محمود عباس سريعا بعد إعلان الاتفاق (رويترز)

يثير الاتفاق الإماراتي الإسرائيلي مخاوف الفلسطينيين، من إقدام عواصم عربية أخرى على مثل هذه الخطوة التي توحَّد الفلسطينيون على اعتبارها طعنة في ظهر القدس والقضية الوطنية.

ويطرح هذا الاتفاق تساؤلات عدة حول مدى الضرر الذي سيلحق بالقضية الفلسطينية على المستويين الإقليمي والدولي، وهل يشكل دافعا للفلسطينيين لإدراك المخاطر المحدقة بهم ويدفعهم نحو المصالحة وإنهاء الانقسام؟

يقول الدكتور باسم نعيم القيادي في حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، رئيس "حملة المقاطعة-فلسطين" -للجزيرة نت- إن ما وصفه باتفاق العار الإماراتي الإسرائيلي لم يكن مفاجئا، فعلى مدى سنوات أعطت أبو ظبي إشارات كثيرة لمدى تقاربها مع إسرائيل.

وأضاف "بهذا الاتفاق أصبحت الفاحشة تشيع، ويتحدثون عنها بكل فخر، بعد سنوات من الفعل السري المحرم".

وكالإمارات، هناك دول عربية أخرى تربطها علاقات بمستويات مختلفة مع إسرائيل، يمكن وصفها بالسرية، وقد تشجعها الخطوة الإماراتية على اتخاذ خطوة مماثلة، بعدما كانت لفترة طويلة لا تجرؤ على المجاهرة بها، وفقا لنعيم.

عضو مكتب العلاقات الدولية في حركة حماس باسم نعيم
باسم نعيم: الاتفاق الإماراتي الإسرائيلي لم يكن مفاجئا (مواقع التواصل)

انهيار المواقف

وقال إن "هناك انهيارات مريرة في مواقف بعض العواصم العربية، ولا شك أن خسائر إستراتيجية كبيرة تصيب القضية الفلسطينية بسبب العلاقات العربية الشاذة مع إسرائيل، ولكنها لن تغير من حقائق الأمور بأن قضيتنا أعدل قضية، وأن إسرائيل دولة محتلة".

إعلان

وتابع رغم أن مثل هذه الاتفاقيات تفتح لإسرائيل أبواب المنطقة على مصراعيها، خصوصا على الصعيدين السياسي والاقتصادي، وتساهم في خروجها من عزلتها، فإن إسرائيل تدرك أنها اتفاقيات أنظمة قمعية دكتاتورية لا تحظى بدعم شعوبها".

سياسيا، يعتقد نعيم أن الإمارات بهذا الاتفاق كشفت الظهر الفلسطيني، خصوصا للسلطة الفلسطينية التي ستصبح أكثر عرضة للضغوط من أجل التنازل، بعدما كان الموقف العربي المتضامن أحد الأوراق التفاوضية التي تمتلكها السلطة.

وفي شأن توقيت الاتفاق، رأى نعيم أن الإمارات تكافئ إسرائيل وتشجعها على المضي قدما في تهويد القدس، ومخطط الضم في الضفة الغربية، والتغول بالعدوان على غزة.

ورفض نعيم الادعاء الإماراتي ومحاولة أبو ظبي "التمسح" بالقضية الفلسطينية، وأنها نجحت في سياق الاتفاق مع إسرائيل في وقف مخطط الضم، وقال: "الإمارات غير مخولة بالحديث عنا كفلسطينيين، ولم يوكلها أحد بالتفاوض عنا".

وأضاف تأجيل مخطط الضم جاء نتيجة الموقف الفلسطيني الموحد، والارتباك الأميركي الإسرائيلي، مشددا على أن "إسرائيل تعمل حساب المقاومة ولا تكترث بالمواقف العربية".

مصلحة إستراتيجية

وحول مدى توفر فرصة حقيقية للمصالحة الداخلية في الوقت الراهن، شدّد نعيم على أن "المصالحة تمثل واجبا وطنيا ودينيا، ولا يجوز أن نفقد الأمل باستمرار العمل لإنجازها كمصلحة إستراتيجية، والاتفاق الإماراتي الإسرائيلي يدفعنا أكثر نحو المصالحة".

وكان رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية بادر سريعا -بعد إعلان الاتفاق- إلى الاتصال بالرئيس محمود عباس، وإعلان دعمه لموقف السلطة الرافض والمندد.

ووصف عضو المجلس الثوري لحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) عبد الله عبد الله -للجزيرة نت- هرولة بعض العواصم العربية نحو إسرائيل بأنه "عمى ألوان"، ووهم بالحماية الأميركية الإسرائيلية لكراسي الحكم في هذه العواصم، وتساءل: ما الذي فعلته واشنطن للسعودية التي تتعرض منذ سنوات لقصف حوثي، استهدف مواقع إستراتيجية؟!

إعلان

ووضع عبد الله الاتفاق الإماراتي وما سيتبعه من اتفاقات مع عواصم أخرى، في سياق الأجواء التي تخلقها الولايات المتحدة لتسويق "صفقة القرن" وتصفية القضية الفلسطينية.

عبد الله عبد الله / عضو المجلس الثوري لحركة فتح - ما وراء الخبر - المصالحة الفلسطينية - 31/03/2013
عبد الله عبد الله: الإمارات ومن يلحق بها لن ينالوا من الحق التاريخي الفلسطيني (الجزيرة)

إشارات ممهدة

وقلل عبد الله من أهمية الإمارات ودورها بالنسبة للقضية الفلسطينية، في ضوء الموقف الصارم للقيادة الفلسطينية من أبو ظبي ردا على الاتفاق، وقال: "الإمارات تعطي إشارات قوية منذ سنوات وتمهد لتطبيعها الكامل مع إسرائيل، ومنذ عام 2011 لم تقدم أي دعم يذكر للسلطة الفلسطينية".

وأكد أن الإمارات ومن سيلحق بها لن يغيروا من الواقع شيئا، ولن ينالوا من الحق التاريخي الفلسطيني.

وقال إن التقصير الفلسطيني، وحتى الانقسام الداخلي، لا يبرر ارتماء عواصم عربية في "الحضن الإسرائيلي".

وحول ما إذا كان الاتفاق الإماراتي الإسرائيلي سيدفع في اتجاه المصالحة، قال عبد الله إن خطوات إيجابية جرت في هذا الاتجاه منذ الإعلان الإسرائيلي عن "مخطط الضم"، وهناك وحدة في الميدان والموقف السياسي، وبعد اتصال هنية بالرئيس عباس "ننتظر الخطوة المقبلة".

آليات وأفكار

ويعتقد أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأمة بغزة الدكتور حسام الدجني أن تحقيق المصالحة فعليا بحاجة إلى "تغيير الآليات والأفكار وحتى بعض القيادات"، وليس مرتبطا بحدث، وقد كانت هناك أحداث لا تقل خطورة عن الاتفاق الإماراتي الإسرائيلي، كنقل السفارة الأميركية للقدس وصفقة القرن ومخطط الضم، ولم ينتج عنها مصالحة حقيقية، وإنما وحدة في المواقف فقط.

وقال الدجني -للجزيرة نت- إن الانقسام والتشرذم الفلسطيني جرَّأ أطرافا عربية وغربية على اتخاذ مواقف تضرّ بالقضية الفلسطينية، متوقعا أن تفتح الإمارات بتطبيعها مع إسرائيل الباب أمام 3 أو 4 دول أخرى على اللحاق بها في المدى المنظور، أقربهم لذلك البحرين وسلطنة عمان.

إعلان

واعتبر أن الإمارات أحدثت "اهتزازا كبيرا" في الموقف العربي، لكنها لم تقدم على اتفاقها من دون دعم ومباركة عواصم عربية كبيرة، أبرزها الرياض.

المصدر : الجزيرة

إعلان