أحيا جدلا نسويا حادا.. الرئيس التونسي يحسم موقفه من المساواة في الإرث

قيس سعيد أكد أن الإرث محكوم بنص قرآني لا يقبل التأويل (مواقع التواصل)

أثار موقف الرئيس التونسي قيس سعيد من قضية المساواة في الإرث حفيظة جمعيات حقوقية نسوية، بعد تأكيده على أن المسألة محسومة بنص قرآني واضح لا يقبل التأويل، وبأن منظومة الإرث في الإسلام تقوم على العدل والإنصاف.

وأكد سعيد خلال كلمة ألقاها بمناسبة الاحتفال بعيد المرأة، وأمام جمع غفير من الوجوه الحقوقية النسوية، على أن "الصراع حول الإرث والميراث هو صراع خاطئ، وأن الأجدر هو تحقيق المساواة بين المرأة والرجل في الحقوق الاقتصادية والاجتماعية قبل الحديث عن فقه المواريث".

كلمة رئيس الجمهورية قيس سعيد بمناسبة العيد الوطني للمرأةكلمة رئيس الجمهورية قيس سعيد بمناسبة العيد الوطني للمرأة

تم النشر بواسطة ‏Présidence Tunisie رئاسة الجمهورية التونسية‏ في الخميس، ١٣ أغسطس ٢٠٢٠

وأوضح أن النص القرآني واضح بخصوص هذه المسألة، وأن منظومة الإرث في الإسلام تقوم على العدل والإنصاف، لافتا إلى أن "المساواة كما تمت بلورتها في الفكر الليبرالي مساواة شكلية لا تقوم على العدل بقدر ما تقوم على الإيهام به".

ويأتي إعلان الرئيس عن موقفه من الميراث ليحيي نقاشا ليس بجديد حول ذات القضية الجدلية داخل المجتمع التونسي، والتي سبق أن طرحت بشكل أكثر جرأة مع الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي.

إعلان

وسبق أن أقر الرئيس الراحل مبادرة تشريعية في 13 أغسطس/آب 2017 تتعلق بالمساواة التامة في الميراث بين الجنسين، كمشروع قانون تمت إحالته على البرلمان، وأوكلت مهمة إعداده إلى "لجنة الحريات الفردية والمساواة"، لكنه اصطدم برفض غالبية الكتل ليتم قبر المشروع برمته.

خطاب رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي بمناسبة الاحتفال بعيد المرأةأشرف رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي يوم الإثنين 13 أوت 2018 بقصر قرطاج على موكب الاحتفال بالعيد الوطني للمرأة وبمرور 62 عاما على إصدار مجلة الأحوال الشخصيّة. وفي الخطاب الذي ألقاه بالمناسبة شدّد رئيس الجمهورية على أن إصدار مجلة الأحوال الشّخصية يظلّ أهم إصلاح اجتماعي في القرن العشرين في تونس وفي المنطقة بمجملها حيث وضع المرأة في صلب تغيير المجتمع. ونوّه رئيس الدولة بما تميز به عمل لجنة الحقوق الفردية والمساواة من عمق وجدية وجرأة فكرية وعلمية تجسّدت خاصة في ما قدمته من مقترحات قانونية رأت فيها مدخلا لتأكيد الحريات الفردية وضمانها وتكريسا للمساواة وتركيزها. واعتبر رئيس الجمهورية أن ما دار من جدل حول التقرير أمر طبيعي ومحمود حتى وإن صدرت بعض المواقف من نفس الأطراف الرافضة لاحترام الرأي المخالف والتي نصّبت نفسها وصيّة على الشعب التونسي متجاهلة تاريخ البلاد الإصلاحي ونافية لسنّة الاختلاف والتطور ولمدنية الدولة المنصوص عليها في الدستور. وأكّد أنّ تطور مساهمة المرأة في الحياة الخاصة كما في الحياة العامة من ناحية وتأكيد دستور 26 جانفي 2014 توطئة وفصولا على مبدأ المساواة في الحقوق والواجبات بين التونسيات والتونسيين، يجعل من الضروري القيام بمراجعات في القوانين المنظّمة لعديد الأوضاع ومنها المساواة في الإرث التي لم تعد تتلاءم لا مع الدستور ولا مع الواقع المعاش للنساء المتميز بانخراط كلّي في تحمّل الأعباء في الريف كما في المدينة وفي الشرائح الفقيرة الحال كما في الشرائح الغنية في المجتمع. وبخصوص المساواة في الإرث، اعتبر رئيس الدولة أنّه " من الضروري، في إطار التوازنات التي جاء بها دستور الدولة التونسية بين مدنية الدولة واحترام حرية المعتقد والضمير، تنفيذ التزامات الدولة تجاه مواطناتها ومواطنيها في تحقيق المساواة بينهم مع احترام إرادة الأفراد الذين يختارون عدم المساواة في الإرث فيكون بذلك تحقيق شروط المساواة واجب محمول على الدولة ويبقى لأفرادها حرية اختيار عدم المساواة بين بناتهم وأبنائهم في قائم حياتهم اعتمادا على معتقداتهم الدينية، وبهذه الطريقة يتم حفظ واجب الدولة في القيام بالمبادرة التشريعية لتحقيق المساواة بين مواطناتها ومواطنيها، تكريسا لمدنيّة الدولة وتنفيذا لالتزاماتها، وتحفظ الدولة المدنية أيضا، تشريعيا لمن اختار من مواطنيها عكس ذلك، الحق في تكريس رغبته وفقا لحرية المعتقد والضمير ". وأعرب رئيس الجمهورية عن أمله في مصادقة مجلس نواب الشعب على مشروع القانون الذي سيقدمه بخصوص المساواة في الإرث بين الجنسين مع احترام إرادة الأفراد الذين يختارون عدم المساواة، كما أكّد على ضرورة مراجعة مجلة الأحوال الشخصية لمواكبة تطور المجتمع وملاءمة التشريعات الجاري بها العمل والذي هو من صميم الدستور ومن صميم العدل والإنصاف. © Présidence Tunisie رئاسة الجمهورية التونسية

تم النشر بواسطة ‏Présidence Tunisie رئاسة الجمهورية التونسية‏ في الاثنين، ١٣ أغسطس ٢٠١٨

إعلان

جمعيات نسوية تدين

وسارعت منظمات حقوقية نسوية وناشطات في مجال حقوق المرأة لإبداء رفضهن الشديد وإدانتهن لموقف الرئيس من قضية الميراث، خاصة بعد أن علقن آمالا كبيرة على إعادة إحياء مشروع المساواة في الميراث مع الرئيس الجديد.

ونددت "الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات" -والتي تعد من أهم المنظمات النسوية الناشطة في مجال حقوق المرأة- بموقف الرئيس من قضية المساواة في الميراث، في بيان شديد اللهجة.

واتهمت الجمعية قيس سعيد بالانقلاب على مسار صياغة الدستور، والتملص من دوره في ضمان الحقوق والحريات، ومحاولة شيطنة الحركات النسوية خدمة لأغراض سياسية ضيقة.

ما عدت اريد ان أرهق نفسي في نقاشات جوفاء… ما لم يميز المسلمون بين الله والقرآن… ما داموا يختزلون الكل في جزء… فلن…

تم النشر بواسطة ‏‎Olfa Youssef‎‏ في الجمعة، ١٤ أغسطس ٢٠٢٠

وقالت رئيستها يسرى فراوس -للجزيرة نت- إن "رئيس الجمهورية يمارس التوظيف السياسي لقضية المواريث عبر مغازلة من وصفتهم بالتيارات الظلامية المعادية للمساواة، سعيا منه لتسجيل نقاط سياسية ضد خصمه المتمثل في حركة النهضة وائتلاف الكرامة".

واعتبرت فراوس أن سعيد بصدد ممارسة الشعبوية والمتاجرة بقضايا النساء ولا سيما الريفيات منهن، في إطار مواصلة حملته الانتخابية وسعيا منه لطمأنة أنصاره من شق المحافظين.

تفاعلًا مع خطاب سيادة رئيس الجمهورية بمناسبة احياء عيد المرأة ، اسوق بعض الملاحظات الأساسية في انتظار كتابة نص في…

تم النشر بواسطة ‏‎Saida Garrach‎‏ في الخميس، ١٣ أغسطس ٢٠٢٠

وفي المقابل، أثنى رئيس "التنسيقية الوطنية للدفاع عن القرآن والدستور" شهاب الدين تليش -في تصريح للجزيرة نت- على موقف رئيس الجمهورية الرافض لمسألة المساواة في الميراث، والمتشبث بنص القرآن غير القابل للتأويل، وفق تقديره.

وسبق أن خاضت ذات التنسيقية رفقة شيوخ وعلماء الزيتونة تحركات احتجاجية ضد مبادرة الرئيس الراحل السبسي، وصلت حد استصدار فتوى تحرم انتخاب أي نائب يصوّت على مشروع قانون المساواة في الميراث.

إعلان

واعتبر تليش أن من يتهمون رئيس الجمهورية بالانقلاب على الدستور -ولا سيما من النساء العلمانيات والناشطات في مجال حقوق المرأة- قمن بقراءة خاطئة لمضمونه.

وشدد على أن فصول الدستور جاءت صريحة حين أكدت أن الإسلام هو دين الدولة ولا يتعارض مع مدنيتها، فضلا عن إلزام الدولة ومن ورائها الرئيس بالسهر على حماية مقدسات الشعب التونسي المسلم وعدم النيل منها.

في اخر التحليل كيما يقولوا قبل يعطيه الصحة سعيد بربشنا خلي نرجعوا نتجندوا لقضايا الحقوق الفردية و المساواة 🤣.

تم النشر بواسطة ‏‎Bochra Bel Haj Hmida‎‏ في السبت، ١٥ أغسطس ٢٠٢٠

موقف مبدئي

ويقول الكاتب والعضو السابق في لجنة الحريات الفردية والمساواة صلاح الدين الجورشي -في حديث للجزيرة نت- إن موقف الرئيس قيس سعيد من المساواة في الميراث لم يتغير، وسبق أن أعلنه إبان حملته الانتخابية، معربا في المقابل عن أسفه لتعامل الرئيس مع القضية من منظور ديني بحت.

ولفت إلى أن الرئيس يفتقر لرؤية واضحة في هذه القضية وفي قضية النهوض بحقوق النساء بشكل عام، مشيرا إلى أن خطابه قطع الطريق -من دون مبرر- على الحركات النسوية الحداثية لإحياء مشروع المساواة في الميراث.


إعلان