للنيل من مكانته.. حملة إعلامية سعودية تستهدف ولي العهد السابق ومساعده
شنت حسابات ووسائل إعلام سعودية حملة موجهة ومدعومة حكوميا -وفقا لوكالة رويترز- تتهم فيها ولي العهد السابق محمد بن نايف ومساعده سعد الجبري بالفساد، في أحدث تحركات ولي العهد محمد بن سلمان لترسيخ نفوذه داخل الأسرة الحاكمة.
وبدأت الجمعة تغريدات تهاجم الأمير محمد بن نايف -الذي عُزل وأطيح به كوريث للعرش من قبل محمد بن سلمان ابن عمه، في انقلاب داخل القصر عام 2017- كما استهدفت أيضا مساعده المسؤول السابق في الاستخبارات السعودية سعد الجبري.
وقال مصدران سعوديان لوكالة رويترز -بشرط عدم الإفصاح عن اسميهما- إن الحملة التي يشنها -على ما يبدو- داعمون للحكومة تهدف إلى التأثير على الرأي العام قبل إعلان مرتقب لاتهامات ضد محمد بن نايف بالفساد.
وقال أحد المصدرين إنهم يعدون وثائق ضده منذ مارس/آذار الماضي، مضيفا أن من يقفون خلف حملة تويتر يريدون "تشويه سمعته في الداخل".
وقال المصدر السعودي الثاني إن الحملة يبدو جليا أنها تلقى دعما من الحكومة، إذ عملت شخصيات بارزة مقربة من ولي العهد محمد بن سلمان على إبراز تلك التغريدات.
وأوردت عدة صحف سعودية، لها ثقلها في المملكة، الأحد تقريرا نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" (The Wall Street Journal) الجمعة الماضي، ونقل عن مسؤولين سعوديين ووثائق حكومية القول إن الجبري كان يقود شبكة من المسؤولين الذين أهدروا 11 مليار دولار أميركي من أموال الحكومة من صندوق تابع لوزارة الداخلية.
وسوم موجهة
وكتب حساب "الردع السعودي" -وهو أحد الحسابات البارزة، والذي ينشر عادة تغريدات ذات محتوى مؤيد للحكومة، وله أكثر من 1.2 مليون متابع على تويتر- أن محمد بن نايف سمح "لشبكة الفساد التي يديرها الجبري بالعمل بالطرق المشبوهة".
ومنذ الجمعة، استخدمت آلاف الحسابات على تويتر وسمي "الهارب سعد الجبري"، و"فساد سعد الجبري".
ونفى خالد، نجل الجبري، بشدة تقرير وول ستريت جورنال، وقال إن والده لم تكن له أي سيطرة على الصندوق، وإن محمد بن نايف كانت له "وحده حرية التصرف فيه بتفويض واضح ومطلق من الملك عبد الله".
ولم يتسن لرويترز التحقق بشكل مستقل لمعرفة من كان يسيطر على الصندوق.
وتأتي عاصفة التغريدات في وقت دخل فيه الملك سلمان (84 عاما) مستشفى في العاصمة الرياض أمس الاثنين، وهو يعاني من التهاب في المرارة، حسب ما ذكرته وكالة الأنباء السعودية، ورفض مركز التواصل الحكومي التعليق أكثر على حالته.
وقبل الإطاحة به، كان ينظر إلى محمد بن نايف على أنه المنافس الأهم على العرش، فقد كان يسيطر على قوات الأمن في البلاد، وطوّر علاقات وثيقة مع أجهزة استخبارات غربية، ولا يزال يحظى بشعبية بين المحافظين الذين قام ولي العهد بتهميشهم.
ولم يرد مركز التواصل الحكومي على طلب للتعليق، كما لم تتمكن رويترز من الوصول إلى الأمير محمد بن نايف أو محاميه أو إلى الجبري للحصول على تعليق من أي منهم.
اعتقال ومنفى
واعتقلت السلطات السعودية محمد بن نايف في مارس/آذار الماضي، ويحتجز مع عضوين بارزين آخرين من العائلة المالكة في مكان لم يفصح عنه، ويعيش الجبري في منفى بكندا، لكن السلطات السعودية ألقت القبض أيضا على اثنين من أبنائه البالغين في مارس/آذار الماضي.
وكتب خالد نجل الجبري في رسالة هاتفية لرويترز قائلا إن حملة تويتر هي "انحراف عن مسار القصة الحقيقية، المتمثلة في أخذ أخيه وأخته رهائن، إلى جانب الاضطهاد غير القانوني والادعاءات الكاذبة".
وفي يونيو/حزيران الماضي، قالت مصادر سعودية مطلعة لرويترز إن الأمير محمد بن سلمان يسعى لتوجيه اتهامات إلى محمد بن نايف تتعلق بمزاعم فساد خلال فترة توليه منصب وزير الداخلية، وكان يرغب في الحصول على وثائق كان بوسع الجبري الوصول إليها. ولم ترد السلطات السعودية آنذاك على طلبات من رويترز للتعليق.
والتحركات ضد الأمير محمد بن نايف هي الأحدث ضمن سلسلة من الإجراءات التي ينظر إليها على أنها تستهدف ترسيخ قوة محمد بن سلمان داخل أسرة آل سعود الحاكمة، والتخلص من أي تهديدات محتملة لسلطته، قبل أن ينتهي به المطاف بخلافة الملك إثر وفاته أو تنازله عن العرش.
وقال دبلوماسي مطلع إن تغريدات تويتر مهدت الطريق أمام السلطات السعودية لتوجيه اتهام إلى محمد بن نايف بالتورط في الفساد المنسوب إلى الجبري.
وقال المصدر السعودي الأول إن مساعدي محمد بن سلمان "يعملون على تسريع وتيرة الحملة" ضد محمد بن نايف والجبري قبل انتخابات الرئاسة الأميركية في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، في حال خسارة الرئيس الأميركي الحالي دونالد ترامب، الذي أعلن صراحة تأييده لابن سلمان.
وكان جو بايدن، مرشح الديمقراطيين ومنافس ترامب المحتمل في سباق الرئاسة الأميركية، اتخذ موقفا أكثر صرامة من محمد بن سلمان، ووعد بأن يجعله "يدفع ثمن" قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي عام 2018، كما تعهد بإنهاء مبيعات الأسلحة إلى المملكة.
وكان تويتر أداة مفضلة لسعود القحطاني، المساعد البارز لابن سلمان، الذي أدار المركز الإعلامي للديوان الملكي، وشكل جيشا إلكترونيا كان مكلفا بحماية صورة المملكة ومهاجمة أعدائها على الإنترنت.
وفُصل القحطاني من منصبه في 2018 بسبب اتهامات بتورطه في قتل خاشقجي، وجرى التحقيق في أمره، لكن لم توجه له اتهامات، وقالت عدة مصادر لرويترز إنه لا يزال في الدائرة المقربة من ولي العهد.