تقاطع "يو" و"14″.. لماذا "يقدّسه" الأميركيون الأفارقة؟

متظاهر أسود يواجه الشرطة أمام االبيت الأبيض
متظاهر من أصول أفريقية يواجه الشرطة أمام البيت الأبيض

اختار المئات من الشباب الأميركي ذي البشرة السمراء التجمع عند تقاطع شارعي "يو" و"14″ استعداد لمعاودة التظاهر أمام البيت الأبيض الذي لا يبعد إلا ميلا واحدا عن نقطة لقائهم.

وشهدت العاصمة واشنطن منذ يوم السبت مظاهرات صاخبة على خلفية مقتل جورج فلويد الأميركي ذي البشرة السمراء، عقب توقيفه على يدي الشرطة للاشتباه بترويجه عملة ورقية مزورة بقيمة عشرين دولارا في مدينة مينيابوليس.

وأظهر تسجيل فيديو وضع شرطي أبيض ركبته على رقبة فلويد لدقائق، مع سماع صوت لضحية يقول "لم أعد قادرا على التنفس".

أم سوداء تتظاهر بصحبة أبتها البالغ 17 عاما, ولا تريد له أن يلقى مصير جورج فالويد
أميركية ذات بشرة سمراء تتظاهر بصحبة ابنها البالغ عمره 17 عاما (الجزيرة)

تاريخ مختلف
ويتمتع هذا التقاطع بدلالات تاريخية تلمس أوتارا حساسة لدى الأميركيين الأفارقة. فمن هناك انطلقت شرارة مظاهرات شارك فيها مئات الآلاف عقب اغتيال زعيم حركة الحقوق المدنية مارتن لوثر كينغ عام 1984.

وعند هذا التقاطع، انتظر مئات آلاف آخرين نتيجة انتخابات عام 2008 ليحتفلوا بوصول باراك أوباما للبيت الأبيض، كأول رئيس ذي بشرة سمراء في التاريخ الأميركي.

وتحدثت الشابة ماليكا مولينغ للجزيرة نت مبررة مشاركتها في المظاهرات ضد الشرطة بالقول "ما نراه من ممارسات الشرطة ضد الرجال ذوي البشرة السمراء العُزل ليس له ما يبرره".

وأشارت مولينغ إلى أن التجمع في هذا التقاطع "له دلالات واسعة بالنسبة لما شهده من مناسبات تاريخية فارقة في حياة الأميركي.

تحدثت الجزيرة نت للعديد من الشباب الأسود الغاضب
عدد من الشباب الأميركيين ذوي البشرة السمراء قرب تقاطه "يو" و"14″ (الجزيرة)

يين الأفارقة
وعند نفس التقاطع، التقى الشاب تيو ديفيس، والذي يبلغ من العمر 21 عاما، مع أصدقائه السمر قبل السير في اتجاه البيت الأبيض للتظاهر.

وعرف هذا التقاطع تجمع آلاف من ذوي البشرة السمراء وغيرهم للتظاهر كما حدث في حالات سابقة، لكن الجديد الآن هو السير نحو البيت الأبيض، بسبب مواقف ترامب العنصرية والتي ظهرت في تغريداته المطالبة بتشدد الشرطة مع المتظاهرين.

وتأمل مولينغ أن لا "تكون عملية قتل فلويد البشعة كغيرها من حالات سابقة مرت بعد عدة أيام عصيبة ولم تؤثر أو تغير في طبيعة علاقة الشرطة الأميركية مع السود".

وأشارت إلى أن "شرطة واشنطن العاصمة لا تعرف هذه الممارسات العنصرية، وذلك لأن أكثر من نصف ضباطها من الأميركيين الأفارقة"، ونادت مولينغ بضرورة زيادة تمثيل السود في قوات الشرطة في مختلف المدن الأميركية".

رمزية "يو ستريت"
وتعد منطقة "يو ستريت" من أكثر المناطق المعبرة عن تاريخ الأميركيين ذوي الأصول الأفريقية، إذ لعبت دورا كبيرا خلال القرنيين الماضيين في حياتهم الثقافية والاقتصادية والفنية.

ويعد مطعم "بينز" من أهم معالم المنطقة الباقية، وكان "بينز" المكان الوحيد الذي نجى من حريق مدمر شهده الحي عقب اغتيال مارتن لوثر كينغ عام 1968.

ودأب الرئيس السابق باراك أوباما على القدوم لهذا المطعم المتواضع مع أفراد عائلته وكبار ضيوفه. وتزدان جدران المطعم بصور كثير من المشاهير الذين تناولوا فيه وجبة أو أكثر.

وعرفت المنطقة تاريخيا بأنها "برودواي" الأفارقة وغني في مسارحها اشعر المطربين السود مثل لويس أرمسترونج ودوق ألينجتون.

إلا أن المنطقة شهدت تغيرات كبيرة خلال العشرين عاما الأخيرة دفعت الكثير من سكانها السود الفقراء للخروج للسكن في الضواحي واستبدالهم بسكان بيض أغنياء. وانتقل كذلك الكثير من مهاجري القارة الأفريقية ودول البحر الكاريبي للسكن في حدود "يو ستريت".

وتعج المنطقة بالمطاعم والملاهي الليلية والمسارح التي تقدم كل أنواع الموسيقي من مختلف أنحاء العالم.

ومنذ وصول مترو أنفاق واشنطن للمنطقة عام 1991، عادت الحياة للمنطقة، وعاد معها الضجيج والسهر والتجمع.