إلباييس: أما زالت السويد نموذجا في مكافحة كورونا؟

على الرغم من أن السويد تصدرت قائمة الدول الأوروبية الأسبوع الماضي من حيث معدل الوفيات جراء فيروس كورونا، فإن السلطات متمسكة بإستراتيجيتها لمكافحة الفيروس من خلال عدم فرض تدابير صارمة للحجر الصحي.
ونقلت صحيفة إلباييس الإسبانية عن رئيس الوزراء السويدي ستيفان لوفين وصفه لإستراتيجية بلاده في التصدي لجائحة كورونا بأنها ماراثون، حيث إن السلطات لم تنتهج سياسة الإغلاق بل أبقت البلد مفتوحا مع اتخاذ تدابير تقييدية خفيفة، مع الاعتماد أساسا على الثقة في مسؤولية المواطنين باعتبارهم حلفاء في مكافحة الفيروس.
ولكن بينما ينظر العالم -وخاصة جيرانها من دول الشمال- إلى السويد مع تحفظات، يعتقد خبراء من منظمة الصحة العالمية أن "هناك بالفعل دروسا" يمكن تعلّمها من تلك التجربة.
وقال مدير برنامج الطوارئ الصحية لمنظمة الصحة العالمية مايكل ريان "لا يزال الوقت مبكرا، ولكن السويد يمكنها أن تكون نموذجا في العودة إلى الحياة الطبيعية".
واستيقظت السويد -التي يبلغ عدد سكانها 10 ملايين نسمة- هذا الأسبوع على وقع أخبار سيئة، تفيد بأنها أصبحت الدولة الأولى في أوروبا من حيث معدل الوفيات بسبب كورونا مع 6.5 حالة وفاة يومية لكل مليون نسمة خلال الأيام السبعة الأخيرة.
وسجلت السويد ما مجموعه 3831 وفاة بسبب فيروس كورونا، وهو رقم أقل بكثير من بقية الدول الأوروبية مثل بريطانيا (35 ألفا و704) التي يبلغ معدل الوفيات اليومية فيها 5.75 لكل مليون نسمة، أو إيطاليا (32 ألفا و330) أو فرنسا (28 ألفا و132) أو إسبانيا (27 ألفا و888).
ومع ذلك، فإن عدد الوفيات في السويد -وهي الأكبر والأكثر اكتظاظا سكانيا في المنطقة الإسكندنافية- يفوق بكثير عدد الوفيات المسجلة في النرويج (234) وفنلندا (304) والدانمارك (554) وآيسلندا (10).
وتتساءل الصحيفة الإسبانية عن سبب ذلك، وتجيب بأن السويد ميّزت نفسها منذ بداية الوباء عن جيرانها من خلال انتهاج سياسة معاكسة تماما، ووصف البعض تلك الإستراتيجية بأنها متساهلة.
وكانت السلطات السويدية تراهن على أن المرض سينتشر ببطء في صفوف السكان، مما يسمح للنظام الصحي بتحمل حالات الطوارئ دون الانهيار -وهو ما لم يحدث حتى الآن- وفي نفس الوقت سيكتسب السكان مناعة ضد الفيروس، وهو أمر لم يتحقق بعد، وفقا للخبراء.

ويصرّ عالم الأوبئة الذي يقف وراء خطة العمل السويدية أنجيلز تيغنيل، على أن جوهر الموضوع ليس تفادي انهيار النظام الصحي العام ولكن مكافحة الفيروس على المدى البعيد، في إطار سباق للمسافات الطويلة ما زال في بدايته ولا تزال نهايته بعيدة جدا.
وخلصت الصحيفة إلى أن ذلك السباق الطويل وضع البلاد بالفعل في وضع يكون فيه المجتمع أكثر استعدادا للعيش في ظل التباعد الاجتماعي دون الإغلاق الشامل للمطاعم والحانات، في وقت يواصل فيه الطلاب التعلم عن طريق الشاشات.
وفي هذا الصدد تقول منظمة الصحة العالمية "إذا أردنا العودة إلى مجتمع بدون حجر صحي، فسيتعين على المجتمع بالضرورة أن يتكيف (مع التدابير المخففة) على مدى فترة طويلة من الزمن".
وبحسب الصحيفة فإن السويد تستوفي الشروط التي تؤهلها لاستعادة إيقاع الحياة العادية بشكل طبيعي، وذلك بالنظر لعدة معطيات بينها انخفاض معدل الكثافة السكانية (25 نسمة للكيلومتر مربع مقابل 234 في ألمانيا)، ارتفاع عدد السكان الذين يعيشون وحيدين (حوالي مليوني شخص) وانخفاض عدد المصابين بأمراض مثل السكري (6.5% مقابل 9.4% في إسبانيا) والسمنة (13% مقابل 40% في الولايات المتحدة).
ولكن على الرغم من أن النرويج وفنلندا والدانمارك وآيسلندا تتصدر القائمة الأوروبية من حيث تخفيف إجراءات الحجر الصحي، فإنها لا تزال تنظر بريبة إلى تجربة السويد ولهذا قررت أنها ستبقي الحدود التي تتشاركها مع هذا البلد مغلقة.