إليك قصة الأرملة ديلخا.. كورونا ضربة جديدة لأفغانستان المثخنة بالجراح

A volunteer sprays disinfectants on a makeshift house, amid concerns about the coronavirus disease (COVID-19) spread, in Jalalabad, Afghanistan May 11, 2020.REUTERS/Parwiz
الدراسات تتوقع أن تؤدي إجراءات كورونا إلى ارتفاع نسبة الفقر في أفغانستان من 55 إلى 80% (رويترز)

تنظف ديلخا سلطاني الملابس أمام منزلها في العاصمة الأفغانية كابل. وبينما تراقبها نظرات ابنتها الصغيرة، تتمنى الأرملة المنكوبة زوال الظروف التي تمنعها حاليا من العمل في المنازل. 

تقول ديلخا إنها كانت تتحصل في السابق على نحو ثلاثة دولارات في اليوم مقابل غسل الملابس للأسر الأخرى.

ولكن منذ ظهور فيروس كورونا المستجد، تراجع حجم العمل وأصبحت تكسب الآن دولارا واحدا كل بضعة أيام، لتنفق منه على نفسها وأطفالها الأربعة.

ولا تختلف ديلخا عن ملايين الأفغان غيرها الذين يتجرعون مرارات الضائقة الاقتصادية والجوع بسبب كارثتي الوباء والحرب الأهلية المستمرة منذ عقود.

وتروي الأرملة المنكوبة التي قتل زوجها قبل ست سنوات في هجوم انتحاري، أنها منذ بداية شهر رمضان المبارك لم تعثر على عمل، "لأن الناس لا يدعونني إلى منازلهم لغسل الملابس بسبب الخوف من فيروس كورونا".

وتضيف "ليس معي نقود لأصطحب ابني إلى صالون الحلاقة أو لشراء الطعام.. في معظم الأحيان، لا يكون لدينا أي شيء لنأكله أو نفطر عليه بعد الصيام".

تداعيات كارثية
وحتى الحين أصيب ما لا يقل عن 6000 شخص بفيروس كورونا في أفغانستان، وتوفي 153 منهم، مما يمثل ضغطا على البنية التحتية الصحية الضعيفة أصلا في البلاد.

ويحذر المسؤولون من أن العدد الفعلي للإصابات أعلى -في الغالب- من ذلك بكثير، لأنه لم يتم إجراء سوى عدد قليل من الفحوصات.

وقالت بارفاتي راماسوامي نائبة مدير برنامج الغذاء العالمي في أفغانستان "إننا أمام احتياجات متزايدة في جميع أنحاء البلاد، ومن المتوقع أن تؤثر هذه الجائحة بشدة على مصادر الرزق في المجتمعات المحلية بجميع أنحاء البلاد لسنوات قادمة".

الفيروس الذي عطل حتى الاقتصادات الكبرى في العالم، يضرب أفغانستان في وقت تواجه فيه الحكومة احتمال تفجر أزمة مالية واشتداد ساعد حركة طالبان مرة أخرى.

وتقع هجمات يومية رغم عملية السلام الجارية بوساطة الولايات المتحدة.

وقال كبير محللي أفغانستان في مجموعة الأزمات الدولية أندرو واتكينز إن "هناك تضاربا.. وبينما تتجمع كل الأحداث في وقت واحد، فإن الدولة الضعيفة بالفعل لن يكون لديها ما يكفي من الوقت والطاقة للقيام حتى بأعمال الشرطة الأساسية".

وتصاعدت في الأسبوع الحالي أعمال العنف في البلاد، وكان آخرها الهجوم المروع على قسم للنساء والولادة في مستشفى بالعاصمة كابل، مما دفع الحكومة إلى تحويل الجيش إلى موقف "الهجوم".

ويشتبه في أن تنظيم الدولة الإسلامية وراء الهجوم على قسم النساء والولادة. 

وتخفض الولايات المتحدة قواتها في أفغانستان بموجب اتفاق وقعته مع حركة طالبان في العاصمة القطرية الدوحة قبل أشهر.

إعلان
 

المانحون شغلهم كورونا
ومن المتوقع ألا يكون لدى المانحين الأجانب سوى النزر اليسير لتقديمه لأفغانستان بعدما أنهكتهم جهود مكافحة فيروس كورونا المستجد.

ونفدت في هذا العام المساعدات التي تم التعهد بها عام 2016، وقال مصدر دبلوماسي إن أفغانستان تتجه نحو كارثة إذا لم يتم تعويض النقص.

وأضاف الدبلوماسي البارز في كابل "هذا بالضبط هو ما تتجه إليه أفغانستان.. إضافة الصراع الداخلي على تشكيل الحكومة، إلى عملية السلام التي خرجت عن مسارها، إلى تمرد طالبان، وهجمات تنظيم الدولة الإسلامية ووباء كوفيد 19.. تخيلوا الآن أين ستقف أفغانستان في العام 2021".

وتشكل المنح قرابة 75% من نفقات الحكومة الأفغانية، وتواجه أي إيرادات حكومية تأتي من الضرائب تهديدا خطيرا بسبب تأثير الوباء على الاقتصاد.

وانخفضت إيرادات الحكومة بالفعل بنحو الربع في الأشهر الأربعة الأولى من السنة المالية مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، حسبما يقول معهد بيروني للأبحاث الاقتصادية.

وقال رئيس قسم الأبحاث في المعهد عمر جويا إنهم يتوقعون أن يسقط ثمانية ملايين شخص آخرين في براثن الفقر هذا العام، مما يرفع معدل الفقر من 55 إلى 80%.

وتكثف الحكومة جهود توزيع المساعدات الغذائية. وفي كابل، بدأت أكثر من 250 ألف أسرة في استلام الطعام مجانا، بمن فيهم ديلخا سلطاني التي تقول إن الاستمرار في هذا جهد يفوق الطاقة.

وتضيف ديلخا "في معظم الأحيان، لا يكون لدينا حتى رغيف خبز ليأكله أطفالي.. أدعو الله أن يزيل (وباء) الفيروس، حتى يعيش الفقراء حياة طبيعية".

المصدر : رويترز

إعلان