ساندرز محور مؤتمر "أيباك" رغم غيابه
تذكر اللجنة الأميركية الإسرائيلية للعلاقات العامة (أيباك)، أن مهمتها الأساسية هي "تقوية وحماية والترويج لعلاقات أميركية إسرائيلية تدعم أمن الولايات المتحدة وإسرائيل"، لكن الكثير من الخبراء يرون أن المنظمة انحرفت عن أهدافها خلال السنوات الأخيرة لتقترب أكثر من التيارات اليمينية الإسرائيلية، ومن الحزب الجمهوري.
ومثّل غياب السيناتور بيرني ساندرز، المرشح الديمقراطي الأبرز للانتخابات الرئاسية الأميركية عن مؤتمر أيباك هذا العام حدثا مثيرا، بعد رفضه دعوة رسمية للحديث أمام أكبر تجمع سياسي تشهده العاصمة الأميركية سنويا، إذ يشارك فيه هذا العام 18 ألف شخص.
ولم يقتصر موقف ساندرز على رفض دعوة أيباك، بل اتهمها بالسماح لمتحدثين متعصبين بالهجوم على الفلسطينيين، حيث يشارك سنويا الكثير من الأصوات اليمينية المعادية لكل ما هو عربي أو مسلم في جلسات المؤتمر، الممتدة لأربعة أيام تنتهي غدا الأربعاء.
وخلال مناظرة انتخابية قبل انتخابات ولاية نيفادا قال ساندرز، إنه ربما يراجع قرار نقل السفارة الأميركية لمدينة القدس حال وصوله البيت الأبيض، ووصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأنه شخص "عنصري".
وقال ساندرز إن "الشعب الإسرائيلي له الحق في العيش بسلام وأمان، وكذلك الشعب الفلسطيني. وما زلت قلقا بشأن المنصة التي تتيحها أيباك للقادة الذين يظهرون التعصب ويعارضون الحقوق الفلسطينية الأساسية، ولذلك لن أحضر مؤتمرهم".
وردت أيباك بغضب على تصريحات ساندرز، وأصدرت بيانا هاجمته فيه قائلة، "يسيء السيناتور ساندرز إلى زملائه، وملايين الأميركيين الذين يقفون مع إسرائيل. هذا حقا أمر مخز".
انحراف
يرى الكثير من الخبراء في الولايات المتحدة أن ادعاء أيباك تمثيلها اليهود الأميركيين لم يعد طرحا واقعيا، حيث اختطفها أنصار التيار اليميني منذ أعوام، وذلك عن طريق تبرعات رموز ذلك التيار، ولم تعد تمثل أغلبية اليهود الأميركيين.
وقال الدبلوماسي الأميركي ديفد ماك، "إن للسيناتور ساندرز تاريخا طويلا من الاستقلالية بعيدا عن أيباك وغيرها من منظمات اللوبي الإسرائيلي، ويفتخر بكونه يهودي الديانة، وهو يهودي نيويوركي بمعنى الكلمة، حتى لهجته كلهجة يهود بروكلين".
ويضيف ماك في حديثه للجزيرة نت، "من حق ساندرز القول إنه من أنصار إسرائيل وفي الوقت نفسه أنه معارض لرئيس وزرائها بنيامين نتنياهو، وأنه يعارض بناء المستوطنات، مثله في ذلك مثل نصف الإسرائيليين".
أما تشارلز دان الباحث بمعهد الشرق الأوسط، فيرى أن ساندرز "يحاول الجمع بين سياساته التقدمية وبين الواقع على الأرض، فيما يتعلق بالصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وتتضمن هذه المواقف حقوق الإنسان بالنسبة للفلسطينيين، والحاجة لوجود حل عادل مقبول من الطرفين لإنهاء هذا الصراع الطويل".
وأشار دان، في حديث للجزيرة نت، إلى أن أيباك "تخاطر بالظهور كمنظمة قريبة من ترامب والحزب الجمهوري، ومن شأن ذلك أن يزعج الكثير من يهود أميركا، خاصة الشباب منهم، الذين اتجه الكثير منهم بالفعل لمنظمات بديلة مثل جي ستريت، والتي تتبني موقفا أكثر وسطية".
ويرى السفير ماك أن "تبني أيباك وجهة نظر نتنياهو في مختلف القضايا سواء ما يتعلق بإيران وصولا لمستوطنات الضفة الغربية، إضافة للتقرب الواضح من إدارة ترامب، أبعد المنظمة عن مواقف أغلب اليهود الأميركيين".
ولا يعتقد ماك أن يهود أميركا سيصوتون لساندرز لأنه يهودي الديانة، وقال "إن الناخب اليهودي الأميركي أكثر تعلما في الأغلب من الناخب الأميركي العادي، وهم لا يميلون بصفة عامة للرئيس ترامب، وذلك باستثناء الأقلية المتشددة المقربة من الجناح اليميني وسط الإنجيليين البروتستانت".
وذكرت سيدة يهودية أميركية تقيم في شمال غرب العاصمة واشنطن للجزيرة نت، أن "اليهود الأميركيين هم أقل الفئات انزعاجا مما يُطلق على السيناتور ساندرز من أن ميوله الاشتراكية ستكون لها آثار سلبية على الأوضاع الاقتصادية. فكلمة اشتراكية لا تنفر اليهود من حولها، لقد تم بناء إسرائيل على أسس اشتراكية".
ويؤكد ماك أن يهود أميركا "مثلهم مثل بقية الأميركيين، يصوتون طبقا لموقفهم من القضايا الداخلية. وأيضا يناصرون إسرائيل، لكن زادت لديهم الشكوك في أن سياسات حكومة نتنياهو والدعم غير المسبوق وغير المشروط من إدارة ترامب يخدم مصالح إسرائيل على المدى الطويل".
ويتفق دان مع هذا الطرح مؤكدا أن "أغلب يهود أميركا يرحبون بسياسات ساندرز التقدمية، وسيحصل ساندرز على أغلب أصواتهم، خاصة أن إسرائيل لم تعد قضية يتحدد على أساسها تصويت اليهود الأميركيين في الانتخابات الرئاسية".
وخلص ماك إلى القول "تقليديا يصوت أغلب اليهود الأميركيين لصالح المرشح الديمقراطي، وسيستمر نمط التصويت ذلك في الانتخابات المقبلة سواء لساندرز أو غيره".