أنس العبدة للجزيرة نت: العجز الدولي يشجع النظام السوري على التمادي بجرائمه

د. أنس العبدة
أنس العبدة: القصف المتواصل تسبب في نزوح ما يزيد عن نصف مليون مدني (الجزيرة)

حاوره/عبد الحميد قطب

قال أنس العبدة رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية إن غياب المجتمع الدولي عن القيام بدوره في الأزمة السورية كان السبب الرئيسي لتفاقم كارثة السوريين، منبها إلى أن نظام الأسد يستغل التفاهمات والاتفاقات لتحقيق مكاسب على الأرض، وأنه وحلفاءه يعتبرون العجز الدولي ضوءا أخضر لمواصلة الإجرام بحق المدنيين.

وأشار العبدة -في حواره مع الجزيرة نت- إلى أن عدد القتلى بلغ منذ مطلع العام الحالي أكثر من 130 شخصا بينهم نساء وأطفال، وأن القصف المتواصل تسبب في نزوح ما يزيد على نصف مليون مدني، منوها إلى أن المناطق الآمنة على الحدود مع تركيا باتت تضم أكثر من 240 مخيما عشوائيا.

واعتبر أن مقتل قائد فيلق القدس الإيراني اللواء قاسم سليماني سيكون له انعكاس إيجابي على الساحة السورية، لافتا إلى أن "التوازنات داخل النظام الإيراني وعلاقات المصلحة والابتزاز المتبادلة وصراعات القوى سيكون لها تفاعلات ناجمة عن غياب سليماني".

وفيما يخص اللجنة الدستورية، أكد أن المرجعية الدولية غير قادرة على فرض جدول أعمال حقيقي على الأطراف المشاركة باللجنة.

وفيما يلي نص الحوار:

undefined بعد هدوء نسبي بالمناطق السورية صعد النظام قصفه على ريفي حلب وإدلب، مما أدى لمقتل وإصابة المئات ونزوح آلاف السوريين. ما الذي أدى لهذا التصعيد العسكري؟

في الحقيقة، لم يكن هناك هدوء نسبي في أي وقت من الأوقات، وربما التعبير الأدق هو وجود مستويات متعددة من التصعيد، فالسبب وراء التفاوت بين شدة الحملات وتنويع مستويات التصعيد مرتبط بمسائل ميدانية وعسكرية أكثر من أي شيء يتعلق باحترام الهدن أو الاتفاقات أو التفاهمات أو القرارات الدولية.

undefined اتفق الرئيسان الروسي والتركي الشهر الماضي على خفض التوتر بإدلب ثم عاود النظام قصفه ثانية.. ألا يعد هذا التصعيد من قبل نظام الأسد وموسكو خرقا للاتفاقات ومحادثات سوتشي واتفاق أستانا؟

بالنسبة للنظام وحلفائه فإن التفاهمات والاتفاقات والقرارات بما فيها محادثات سوتشي وأستانا وجنيف يجري استغلالها لتحقيق مكاسب على الأرض.

undefined كيف ترون موقف المجتمع والقوى الدولية؟

غياب المجتمع الدولي كان سببا رئيسيا في تفاقم الكارثة السورية السنوات الماضية، فما كان يمكن أن يرتكب النظام وحلفاؤه كل هذه الجرائم لو أن المجتمع الدولي قام بواجبه تجاه الشعب السوري. ورغم أن المسؤولية الرئيسية تقع على المجرمين في النظام والاحتلال الروسي ومليشيات النظام الإيراني فإن غياب القانون وغياب الفاعلين الدوليين أسهم بشكل محوري في وصول الأمور إلى ما وصلت إليه.

undefined مقابل غياب المجتمع الدولي، ما الذي تأملونه من الحليف التركي للقيام به في هذا التوقيت؟

نتوقع الكثير من تركيا نظرا لعلاقاتنا بها وللقضايا المشتركة، والملفات المتشابكة يجب أن تكون مضبوطة بشكل واضح، وببوصلة ثابتة. لكن أنقرة لا يمكن أن تعوض غياب المجتمع الدولي، خاصة أنه خلال السنوات الماضية وقفت تركيا وعدد من الدول الشقيقة معنا بشكل مبدئي، لكنهم لا يستطيعون أن يغطوا غياب المجتمع الدولي في ظل الدعم الذي يتلقاه النظام من حلفائه.

undefined هل يمكن أن تطلعنا على الأوضاع بالمناطق التي تتعرض للقصف ونتائجه عليها كعدد القتلى والجرحى والنازحين؟

منذ مطلع العام الحالي، وبشكل يومي، عشرات المدن والبلدات في ريفي حلب وإدلب تتعرض لقصف مكثف من طيران الاحتلال الروسي ونظام الأسد، حيث بلغ عدد الشهداء من المدنيين الذين ارتقوا أكثر من 130 شخصاً بينهم نساء وأطفال.

وقد تسبب القصف المتواصل ومحاولات الاقتحام التي تنفذها قوات الأسد -بدعم وإسناد من الطيران الروسي ومليشيات إيران- في نزوح ما يزيد على 270 ألف مدني منذ بداية يناير/كانون الثاني، ليصل العدد خلال شهرين من التصعيد إلى أكثر من نصف مليون مدني، وهذا ما جعل النازحين يتجهون للمناطق الآمنة على الحدود مع تركيا، وبشكل خاص في مناطق درع الفرات بين عفرين وإعزاز وجرابلس، والمناطق المنتشرة على الحدود التي باتت تضم أكثر من 240 مخيما عشوائيا. ولا يخفى على أحد أن هؤلاء النازحين الموجودين في العراء بحاجة لمساعدات إنسانية عاجلة وإلى مأوى يقيهم ويوفر لهم الدفء من ظروف الشتاء القاسية.

undefined اغتالت الولايات المتحدة الشهر الماضي سليماني الذي تتهمه جهات سورية بتنفيذ جرائم بحق المدنيين. ما تأثير مقتله على الساحة السورية؟

لا شك أن مقتله أمر إيجابي، فالتوازنات داخل النظام الإيراني وعلاقات المصلحة والابتزاز المتبادلة وصراعات القوى سيكون لها تفاعلات ناجمة عن غيابه.
وليس خافيا أن كثيرا من السوريين ارتاحوا بعد قتله، فنحن أمام حلف من المجرمين الذين يجب مواجهتهم من قبل السوريين ومجتمع دولي متحد بشكل منظم، وبسيف الشرعية الدولية والقانون والمحكمة الجنائية الدولية.

undefined في ظل هذا التصعيد العسكري الشرس يتساءل البعض: إلى أين وصلت العملية السياسية وهل أنتم مستمرون فيها؟

العملية السياسية معطلة، ولا يوجد حاليا أي ضوء في نهاية النفق. فالحل السياسي لا يمكن أن يتحرك دون وجود شرعية دولية ترعى هذا الحل، خاصة أن النظام وحلفاءه يستغلون العجز الدولي بالكامل، ويتعاملون معه باعتباره ضوءا أخضر للمتابعة في الإجرام بحق المدنيين من الشعب السوري.

undefined وماذا عن اللجنة الدستورية السورية التي بدأت أعمالها في 31 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وهل حققت أي شيء حتى الآن؟

في الواقع، فإن ما ينطبق على مسار اللجنة الدستورية ينطبق على بقية المسارات السياسية، سواء فيما يتعلق بالتعطيل المستمر من قبل النظام، واستغلال أعمال اللجنة الدستورية لكسب الوقت والتغطية على الجرائم. كما ينطبق على هذا المسار أيضاً إشكالية غياب المرجعية الدولية الفاعلة القادرة على فرض جدول أعمال حقيقي على الأطراف.

undefined يعتقد البعض أن الأزمة الاقتصادية التي تشهدها المناطق الخاضعة لسيطرة النظام ربما تكون كفيلة لإسقاطه.. هل تتفقون مع هذا الرأي وما تأثير الأزمة على النظام؟

النظام السوري ينهار اقتصاديا واجتماعيا ببطء، وحتى عسكريا هو غير قادر على حماية نفسه دون دعم الحليف الروسي والإيراني، فالتراجعات المتوالية لليرة السورية بسبب ممارسات النظام وتجار حربه، إضافة إلى استهلاكه موارد ‫البلاد في حربه على الشعب السوري بعد أن أنهكها بالفساد والاستبداد، جعل السوريين جميعًا يدفعون ثمن كل يوم إضافي من عمر هذا النظام المنتهي الصلاحية.  ‬‬‬‬
وبسبب استهلاك نظام الأسد كل مقدرات البلاد في معركته ضد الشعب وإرادته، فإن الخسائر الاقتصادية -وفق إحصاءات أممية، خلال تسع سنوات- بلغت أربعمئة مليار دولار.

undefined صادق الكونغرس في يناير/كانون الثاني الماضي على "قانون قيصر لحماية المدنيين السوريين" والذي نص على فرض عقوبات على النظام السوري وداعميه. كيف تنظرون لهذه الخطوة الأميركية؟ 

نظرتنا إيجابية. والخطوة وإن جاءت متأخرة جدا فإننا أوضحنا أنها مهمة، ونأمل أن تستخدم بطريقة فعالة وسريعة.

undefined وهل أثر القانون على بعض الدول التي أبدت استعدادها لإعادة التطبيع مع نظام الأسد؟

لا شك أن صدور قانون قيصر رفع من كلفة أي تطبيع مع هذا النظام المجرم، خاصة أننا مقبلون على مرحلة يكون فيها النظام أشد عزلة. وبالتالي أعتقد أن هذه الاستعدادات للتطبيع قد تلاشت تماما الآن لا سيما وأنها بنيت على رسائل خاطئة مفادها أن نظام الأسد مستعد للانخراط في عملية سياسية جدية، لكن تبين للجميع أن النظام يتجاوب مع المبادرات السياسية بالقدر الذي يعطلها من خلاله، فهذا النظام لا يؤمن إلا بالبراميل المتفجرة وما تسفر عنه من تدمير وتهجير.

المصدر : الجزيرة