تراشق بالألفاظ وعراك بالأيدي في مجلس الأمة الكويتي بسبب "العفو الشامل"
الجزيرة نت-الكويت
شهدت جلسة مجلس الأمة الكويتي اليوم الثلاثاء اشتباكات لفظية وعراكا بالأيدي بين عدد من النواب تعالت على إثرها صيحات جمهور الحضور، الذين بادر بعضهم بالتراشق بالألفاظ مما استدعى قيام حرس المجلس بإخراج الجمهور من القاعة.
وكانت جلسة اليوم قد شملت ضمن جدولها مناقشة العديد من الموضوعات، أهمها الاقتراح الخاص بتعديل قانون التأمينات الاجتماعية، وكذلك أربعة مقترحات تتعلق بالعفو عن المدانين في بعض الجرائم.
وتضمنت قائمة مقترحات العفو الشامل اقتراحا قدمه خمسة نواب، واختص بحسب تقرير اللجنة التشريعية بالجرائم التي حدثت يومي 16 و17 نوفمبر/تشرين الثاني 2011.
وعرفت تلك الأحداث بقضية "اقتحام المجلس" التي اتُهِم فيها نحو سبعين مواطنا أغلبهم من النواب والناشطين، وأصدرت محكمة التمييز في يوليو/تموز 2018 أحكاما نهائية بالسجن لمدد تتجاوز ثلاث سنوات بحق 13 متهما، بينهم ثمانية نواب سابقين، كما امتنعت عن النطق بعقاب غالبية المتهمين الآخرين.
ويسعى النواب المحسوبون على تيار المعارضة ممن قرروا خوض الانتخابات، بعد أزمة قانون الصوت الواحد، إلى إصدار عفو شامل بحق المدانين في القضية من خلال إقرار تشريع بهذا الخصوص، وقد سبق أن تقدموا في 2017 بمقترح قانون رفض وقتها قبل أن تصدر محكمة التمييز أحكامها النهائية.
|
عفو أميري
ويقيم أغلب النواب السابقين ممن صدرت بحقهم أحكام على خلفية القضية خارج الكويت، وقد عاد من بين المحكوم عليهم ثلاثة متهمين، بينهم النائبان السابقان وليد الطبطبائي وفهد الخنة والناشط محمد نايف الدوسري.
وقدم الثلاثة طلب عفو من أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح مقرونا بالاعتذار عما بدر منهم، وقد أفرجت السلطات عنهم بعد أن أمضوا في السجن المركزي عدة أيام لتنفيذ الأحكام الصادرة بحقهم.
وتضمنت قائمة الاقتراحات كذلك اقتراحين بقانون من النائبين خالد الشطي وخليل أبل، وهم من نواب الشيعة، اختص الأول منهما بالعفو عن متهمي ما يعرف بخلية العبدلي، والثاني بالجرائم المحكوم بها النائب السابق عبد الحميد دشتي وعددها عشر قضايا.
وفي أغسطس/آب 2015 أعلنت الداخلية الكويتية الكشف عن خلية مكونة من 25 كويتيا وإيراني اتهموا بالتعاون مع إيران وحزب الله وتخزين كميات من السلاح في منطقة العبدلي الحدودية.
وفي ديسمبر/كانون الأول 2019 أصدرت محكمة التمييز أحكاما نهائية بحق عدد من المتهمين بالتستر على مدانين هاربين في القضية ذاتها، بينهم رجل الدين البارز حسين المعتوق، كما برأت المحكمة ذاتها عددا من المتهمين.
وقدم عدد من النواب اقتراحا رابعا لقانون يهدف إلى العفو عن المتهمين في قضايا تتعلق بالإساءة لعلاقة الكويت بالدول الصديقة والشقيقة، أو إشاعة أخبار كاذبة بشأن الأوضاع الداخلية خلال الفترة من يناير/كانون الثاني 2011 وحتى ديسمبر/كانون الأول 2019.
|
تشابك الجمهور
وقال المهندس علي مبارك، وهو أحد شهود العيان من الجمهور، إن جلسة اليوم شهدت إلى جانب تشابك النواب تعدي أحد أفراد الجمهور من الحضور بالسباب بحق النائب حمدان العازمي.
وأضاف المبارك للجزيرة نت أن رئيس المجلس حاول تلبية مطالب النواب بفصل المقترحات، لكن البعض بدأ يصرخ وتعمد تخريب الجلسة، واصفا ما حدث بأنه "بعيد عن الممارسة الديمقراطية".
وأصدر 15 نائبا بيانا بشأن الأحداث نسبوا فيه لرئيس المجلس مرزوق الغانم ارتكاب ما قالوا إنها أخطاء دستورية وقانونية فادحة، مؤكدين وقوع خلط في الأوراق والإضرار بالمصلحة الوطنية من خلال مناقشة قضايا هامة في دقائق معدودة، محملين رئيس المجلس المسؤولية.
وأكد النواب في بيانهم أنهم سيتداولون خلال الأيام المقبلة الخيارات السياسية والدستورية الملائمة إزاء ما حدث.
ونقل النائب عن الحركة الدستورية الإسلامية "حدس" أسامة الشاهين للجزيرة نت جانبا من الأحداث، مشيرا إلى أن الجلسة شهدت دمج المقترحات الأربعة بقوانين رغم اختلافها، وبعدها رفض طلب النواب مقدمي مقترح العفو الشامل الخاص باقتحام المجلس وشباب الحراك السياسي بشأن إعادة الموضوع إلى اللجنة التشريعية كحق لهم، وهو ما تسبب في توتر الجلسة.
وأضاف أن رئيس المجلس تجاهل طلب قدمه أصحاب المقترح كذلك بسحبه من جدول الأعمال وعدم التصويت عليه وهو حق لهم، مشيرا إلى أن أعضاء الحكومة صوتوا ضد الخيارين، مما أدى إلى زيادة التوتر ووقوع الأحداث.
|
وذكر أنه من المؤسف دمج المقترح مع مقترحات أخرى بعضها مغاير تماما، مثل العفو عن أعضاء خلية العبدلي المنتمين لأحزاب وكيانات إرهابية أجنبية.
وأكد الشاهين وجود عنف مبالغ فيه تجاه الجمهور، واستعجال في إخراجهم من القاعة بشكل كان من الممكن أن يعرضهم أو يعرض حرس المجلس للإصابة، مؤكدا أن هذا التصرف مسؤولية رئيس المجلس لكون الحرس يأتمرون بأمره.
وقال النائب عبد الله الكندري إنه والعديد من زملائه ساءهم ما حدث من عنف واستخدام للقوة مع الجمهور، ومنعهم من حقهم في الرقابة على ما يحدث داخل قاعة عبد الله السالم "مقر البرلمان الكويتي".
وأضاف الكندري للجزيرة نت أن موضوع العفو يهم شريحة عريضة من المجتمع، ورغم ذلك جرى التعامل معه على وجه السرعة وبالمخالفة للوائح المعمول بها داخل المجلس.
وأوضح أن هناك فارقا كبيرا بين من قُبض عليه وفي حوزته ثلاثين كيلو غراما من المتفجرات و19 طنا من الأسلحة التي تكفي لتجهيز سرية عسكرية لمدة شهر -في إشارة إلى متهمي خلية العبدلي- وبين من تصرف وفق رؤيته لمحاربة الفساد ومواجهة التعدي على المال العام ونتج عن ذلك دخوله إلى المجلس من دون حمل سلاح.
ووصف الغانم ما حدث بأنه مسرحية، مؤكدا أن اعتراض البعض على دمج المقترحات تبعه تقديم مقترح بالفصل، إلا أن بعض مقدمي قانون العفو الشامل رفضوه.
وأكد الغانم في حديث له عقب الجلسة أن عضوا -لم يسمه- اعتدى على الأمين العام للمجلس علام الكندري وسحب الميكرفون أثناء التصويت، واصفا ما حدث بأنه محاولة من أطراف وصفها بالفاسدة لتكفير المجتمع بالديمقراطية.