هدية لترامب أم لكسب بايدن؟.. هل تنجح زيارة كوشنر للسعودية وقطر في حل الأزمة الخليجية؟
في زيارة تسارع الزمن، وصل جاريد كوشنر صهر الرئيس الأميركي إلى المملكة العربية السعودية وبعدها قطر، في محاولة أخيرة لتأمين مزيد من الاتفاقات الدبلوماسية في الشرق الأوسط، من بينها ملف الأزمة الخليجية.
ويرى مراقبون أن إدارة الرئيس الأميركي التي باتت أيامها معدودة، وتراقب إجراءات نقل السلطة إلى إدارة ساكن البيت الأبيض الجديد جو بايدن، تحتاج لبذل ضغوط أشد لحلحلة الأزمة، بما يسمح بعودة الاستقرار إلى منطقة الخليج، لكن هذا مرتبط بمدى الرغبة والاستعداد لدى دول الأزمة في التعاطي مع ما نقله كوشنر من مقترحات.
ويتوقع في أي لحظة حدوث انفراجة في الأزمة وإن كانت جزئية، إثر ما تسرب من أنباء خليجية عن حدوث مشاورات مكثفة واجتماعات لدى الجانب السعودي، بهدف وضع قطار حل الأزمة على السكة في سياق مضطرب تمر به منطقة الخليج حاليا.
وإن كانت قطر قد أبدت دوما استعدادها لبحث إنهاء الأزمة على أسس الحوار واحترام السيادة، إلا أن القرار والتوجه الذي ستتخذه الدوحة بعد زيارة كوشنر يظل معلقا بشأن التعاطي مع ما يحمله من مقترحات في الوقت الميت من عمر إدارة ترامب.
هدية لترامب أم لكسب بايدن؟
وبحسب محللين، فإنه لا ينظر إلى أي تحرك سعودي إماراتي في اتجاه حل الأزمة سوى الرغبة في منح إدارة ترامب هدية وداع تستغلها داخليا وخارجيا، وكسب ود إدارة الرئيس المنتخب بايدن القادمة، تفاديا لأي ضغوط محتملة من الإدارة الأميركية الجديدة لها علاقة بملفات حقوق الإنسان.
يأتي ذلك في ظل تجاهل المملكة نداءات منظمات حقوق الإنسان التي تطالب بالإفراج عن مئات النشطاء والدعاة ورجال الأعمال المعتقلين في السجون السعودية، وكذلك ملف الصحفي جمال خاشقجي الذي لم يغلق بعد، وصولا إلى الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان جراء حرب اليمن.
ويرى أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة قطر ماجد الأنصاري، أن أي هدية أو مجاملة تقدمها أطراف الأزمة إلى إدارة ترامب التي تستعد للرحيل في الوقت الحالي قد تبدو غريبة، في وقت تتطلع فيه للعمل مع إدارة بايدن، مرجحا عدم أولوية إنهاء التوتر الخليجي لدى الديمقراطيين، وربما تحيل أمره لأطراف الأزمة للتفاوض لإيجاد حلول داخل البيت الخليجي، ما دامت تراه "أزمة رفاهية" – بحسب قوله- محدودة سياسيا وليس لها أي انعكاس على السياسة الأميركية.
وقال للجزيرة نت، إن جهود الإدارة الأميركية التي لم تفلح سابقا في وقت كان لديها مجال أوسع للتحرك وجمع الأطراف والتقريب لإنهاء الأزمة، تبدو اليوم ممسكة بأوراق أقل فعالية لممارسة ضغوط تسوي الخلاف الخليجي، وربما أقصى ما قد تحققه، هو تحصيل تفاهم يسمح بإعادة فتح المجال الجوي السعودي والإماراتي أمام الخطوط الجوية القطرية، أو فتح الحدود البرية، بما يمكن تصويره على أنه تنازل استباقي من الرياض وأبو ظبي إلى إدارة الرئيس المنتخب جو بايدن.
وفي وقت تبذل فيه الكويت جهودا للوساطة بين أطراف الأزمة، إلا أنها لم تتمكن حتى الآن من تحقيق اختراق يعيد الأوضاع إلى ما كانت عليه بين دول مجلس التعاون الخليجي، في حين تذكر الدوحة بأنه لا يوجد رابح من الأزمة الخليجية.
سياقات متداخلة
وإذا كانت زيارة كوشنر اليوم تأتي في اللحظات الأخيرة من عمر إدارة ترامب، فإن توقيتها يصادف توترات أعادت وضع المنطقة على صفيح ساخن من جديد.
ويعتبر أستاذ النزاعات الدولية بجامعة "جورج ميسن" محمد الشرقاوي أن التوقيت له أهمية قصوى في 3 اتجاهات متزامنة، فترامب يحاول تعبيد الطريق لحدوث مصالحة بين رباعي الحصار وقطر، وأن يسجل له الفضل تاريخيا وسياسيا بحل الأزمة قبل مغادرته البيت الأبيض.
كما أنه يريد توحيد الخليج تجاه إيران، في ظل التصعيد الخطير في المنطقة على إثر اغتيال كبير علماء الذرة الإيراني محسن فخري زاده والوعيد الإيراني بالانتقام، وكذلك يطمع ترامب في تحقيق خطوات كبرى في طريق التطبيع بين السعودية وإسرائيل.
وقال الشرقاوي للجزيرة نت، إنه من الأفضل لدول الحصار والقطريين ألا يهرولوا لوضع هدية على طبق لترامب، وإن قدم مزيدا من المغريات فهناك تطورات قادمة، ولا شك أن قطر لديها ورقة رابحة إستراتيجيا وزمنيا، والفترة المتبقية ستدفع السعوديين والإماراتيين لإعادة حساباتهم.
وأضاف أنه إلى جانب إيفاده كوشنر إلى الخليج، يريد ترامب توجيه رسالة أن الحزب الجمهوري سيبقى مؤثرا في مجلس الشيوخ، فضلا عن مجلس النواب، وأنه سيظل بمثابة رئيس حكومة الظل، ما دام سيتزعم الحزب لـ4 سنوات قادمة، وأن من مصلحتهم أن يستثمروا في الحزب الجمهوري.
وبقدر ما ترى دول الأزمة الخليجية في زيارة كوشنر توطئة لإيجاد أرضية مشتركة لبحث الأزمة وما خلفته، بقدر ما ينظر مراقبون إلى أن إنهاء الملف بشكل يعيد الأوضاع إلى ما قبل إعلان حصار قطر يظل ضعيفا للغاية.
وهذا ما عبر عنه أستاذ العلاقات الدولية بجامعة قطر علي باكير في تصريح للجزيرة نت، أن حظوظ حدوث اختراق كبير تبقى متدنية، نظرا لارتباط الحسابات السعودية بمجيء إدارة بايدن، بينما قطر ترى أن البدء في تنفيذ إجراءات عملية لرفع الحصار ضرورية لبحث الأزمة، وهذا لم يحصل بعد.
يذكر أن دول الحصار الأربع السعودية والإمارات والبحرين إضافة إلى مصر، أعلنت في يونيو/حزيران 2017 مقاطعة قطر وفرض حصار عليها، ووضعت 13 شرطا لرفعه، وهو ما رفضته قطر واعتبرته مسا بسيادتها واستقلال قرارها الوطني.