واشنطن بوست: السؤال ليس هل اغتالت إسرائيل فخري زاده ولكن لماذا؟
قالت صحيفة واشنطن بوست (The Washington Post) الأميركية إن التساؤلات بشأن حادث اغتيال العالم النووي الإيراني محسن فخري زاده تحولت بسرعة من المسؤول عن هذا الهجوم "الوقح" الذي جرى في وضح النهار، إلى الهدف الحقيقي من وراء الاغتيال.
وذكرت الصحيفة في تقرير لمراسليْها في إسرائيل ستيف هندريكس وشيرا روبين، أن المعلقين الإسرائيليين سرعان ما تجاهلوا الرفض الرسمي للتعليق على الحادث، رغم أنه حمل "بصمات عملية إسرائيلية سرية"، ليطرحوا سؤالا واحدا وهو ما الذي يطمح رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لتحقيقه من ورائه؟
وتحدثت الصحيفة عن مجموعة من السيناريوهات يتم تداولها في أوساط المحللين والمعلقين الإسرائيليين، أولها ما إن كان نتنياهو يسعى من خلال الاغتيال هذا إلى جر الطرف الإيراني للقيام برد فعل عسكري سيكون بدوره مبررا لهجوم أميركي مدمر على برنامج طهران النووي في الأسابيع الأخيرة لولاية الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب.
السيناريو الثاني -تضيف الصحيفة- يتمثل ربما في رغبة رئيس الحكومة الإسرائيلي في تقويض كل شروط الإصلاح الدبلوماسي الذي يتوقع أن يسعى إليه الرئيس المنتخب جو بايدن في علاقته مع إيران.
العقل المدبر
أما السيناريو الثالث الذي تداوله المحللون الإسرائيليون فيتعلق بفرضية أن نتنياهو انتهز فقط فرصة متاحة لتصفية فخري زاده "العقل المدبر" لبرنامج إيران النووي والذي يتصدر قائمة أهداف الاغتيال الإسرائيلية، على أمل أن تظهر طهران ضبط النفس في ردها كما فعلت منذ وقوع الهجوم.
وذكرت واشنطن بوست أن مستوى التعقيد في الاغتيال، حيث نسب أحيانا إما لفرقة من القتلة المحترفين وإما لسيارة مفخخة وإما لسلاح خارق يتحكم فيه عبر الأقمار الصناعية، يظهر أنه استغرق شهورا من التخطيط والإعداد، وعندما سنحت الفرصة ربما أعطى نتنياهو موافقته للضغط على الزناد متجاهلا التوترات في المنطقة.
وفيما يضغط المتشددون في إيران على قيادة البلاد من أجل رد قوي على ما يتعبرونه "إذلالا" تعرضوا له على أرضهم جراء هذه العملية، يرى مائير جافيدانفر، وهو محاضر إيراني المولد متخصص في الشؤون الفارسية بمركز هرتسليا متعدد التخصصات، أن النظام الإيراني وعلى رأسه المرشد الأعلى علي خامنئي -اللذين يواجهان عقوبات اقتصادية خانقة وعددا كبيرا من القتلى جراء أزمة كورونا واضطرابات محلية متزايدة- سيتصرفان بحذر.
وأضاف "يمكن لخامنئي أن يلعب دور الرجل القوي مع الشعب الإيراني، لكن مع المجتمع الدولي عليه أن يكون أكثر حذرا".
حق الرد
على صعيد آخر، ترى الصحيفة الأميركية أن عدم تحرك طهران منذ الجمعة الماضية -تاريخ وقوع حادث الاغتيال- يشير إلى أن الإيرانيين ربما سيحتفظون بحق الرد إلى أن يروا ما سيحمله البيت الأبيض الجديد بقيادة جو بايدن.
وتضيف أنه مهما كانت الدوافع وراء الاغتيال، فإن الهجوم قدم لوزارة الخارجية في الإدارة الأميركية المقبلة بيئة دبلوماسية "مضطربة" ورسالة مفادها أن التحالف الناشئ بين إسرائيل وجيرانها الخليجيين (رسميا الإمارات والبحرين مع وجود مؤشرات على تطبيع سعودي إسرائيلي مرتقب في الأفق) سيواجه كلا من إيران وبايدن ككتلة إقليمية موحدة.
الرسالة الأساسية إذن لطهران -تختم الصحيفة- هي أن هناك "جدارا من الأعداء مستعد لمواجهتكم"، ولإدارة رئيس الولايات المتحدة المقبل أن حلفاء أميركا في المنطقة يقفون جنبا إلى جنب ومجمعون على أن إيران هي التهديد الرئيسي لهم ويريدون أن تكون آراؤهم مسموعة وفي قلب الأولويات في واشنطن.