فرار 69 سجينا يفتح ملف سجون لبنان على مصراعيه
أعادت عملية الفرار الجماعي لسجناء مخفر قوى الأمن الداخلي في قصر عدل بلدة بعبدا بجبل لبنان، فتح ملف السجون في لبنان على مصراعيه.
فالسجون اللبنانية البالغ عددها 25 سجنا، وآخران مخصصان للقُصّر والأحداث، تجاوزت قدراتها الاستيعابية المحددة بحوالي 2500 سجينا أو 3500 سجينا كحد أقصى، لكن على أرض الواقع فإن عدد السجناء يتجاوز 10 آلاف سجين (58% من الجنسية اللبنانية، و42% من مختلف الجنسيات العربية والأجنبية).
قنبلة الاكتظاظ
ويأتى هذا الاكتظاظ في السجون ومراكز التوقيف الاحتياطي من عوامل وأسباب، أبرزها بطء المحاكمات القضائية التي تمتد لأشهر وأحيانا لسنوات، وسوق السجناء إلى المحاكم بسبب النقص في القوى المكلفة بعملية النقل، وآخرها العدد الكبير من السجناء الأجانب، المحكومين وغير المحكومين حتى الآن، حيث لم تبد سفارات بلادهم اهتماما بإعادتهم إلى بلدانهم، أو بسبب عدم تفعيل وتنفيذ اتفاقيات تبادل السجناء الموقعة بين لبنان ودول عدة.
ويقول الكاتب الصحفي المختص بالشؤون القضائية والأمنية رضوان مرتضى إن "أزمة السجون في لبنان قديمة جديدة"، ويضيف أن عملية الفرار الجماعي من سجن قصر عدل بعبدا سلطت الضوء من جديد على ما تعانيه السجون اللبنانية من اكتظاظ تجاوز الخطوط الحمراء القانونية والإنسانية.
ويشير مرتضى للجزيرة نت إلى أن مسألة الاكتظاظ تحولت إلى ما يشبه القنبلة الموقوتة. ويرى أن فرار أكثر من 69 شخصا من سجن بعبدا، من أصل 125، يستدعي إعلان حالة طوارئ قضائية في البلاد لتعطيل مفعول قنبلة ملف السجون والسجناء.
السلطة القضائية
إعلان حالة طوارئ قضائية لحل أزمة الاكتظاظ في السجون، تفتح الباب على واقع السلطة القضائية في لبنان، كما يقول المحامي جاد رزق، ويرى أنه لا يجوز فتح هذا الملف من "ثقب الإبرة" واعتبار فرار موقوفين من سجن بعبدا جريمة كبرى.
ويوضح رزق في حديثه للجزيرة نت أن الملف يبدأ من واقع القضاء الذي يعتبر سلطة مستقلة. ويقول إن هذه السلطة "للأسف الشديد، تخضع لفعل التوازنات السياسية والطائفية في البلاد، وهذا ما يحد من استقلاليتها، وما ينجم عن ذلك من سلبيات تطال عمل القضاء والقضاة".
ويرى المحامي أن ما حدث "لا ينبع من تراخ في الإجراءات الأمنية، بل إن فعل الفرار بحد ذاته يجعلنا نتساءل بصوت عال: لماذا هنالك 128 موقوفا في غرف صغيرة المساحة، لا تكاد تتسع لـ20 شخصا؟ ولماذا هذه المماطلة أو التأخير في إجراءات التحقيقات القضائية وإصدار الأحكام؟".
ويقول رزق إن على السلطة القضائية تفعيل عملها واستقلاليتها أولا، ثم بعد ذلك نبدأ البحث عن مكامن الخلل في اكتظاظ السجون اللبنانية وما ينجم عنه من فرار "غير مستغرب"، حسب تعبيره.
الهروب
فرار 69 سجينا من سجن قصر عدل بعبدا، جاء في توقيت مدروس ومخطط له مسبقا. ويقول مصدر أمني مطلع للجزيرة نت إن التحقيقات متواصلة لكشف ملابسات عملية الهروب، مضيفا أنه لا توجد خلفيات وأسباب سياسية أو اتهامات بقضايا إرهابية للفارين.
وكشف المصدر ذاته أن حوالي 20 سجينا مزودين بآلات حادة هاجموا عناصر قوى الأمن أثناء فتح الأبواب لإخراج النفايات، حيث جرح 3 من العناصر مع عامل نظافة.
وأوضح أن عناصر الأمن تواصل ملاحقة 39 من السجناء الفارين، بعد أن تم توقيف 25 سجينا، ومصرع 5 آخرين اصطدمت سيارة الأجرة التي استولوا عليها عنوة بشجرة.