الكركرات.. معبر يعيد أزمة الصحراء الغربية إلى الواجهة
كسرت التطورات الأخيرة في المنطقة العازلة بالكركرات التي تفصل المعبرين الحدوديين المغربي والموريتاني الهدوء الذي شهدته المنطقة منذ اتفاقية وقف إطلاق النار عام 1991.
تجمع عناصر جبهة البوليساريو في المنطقة الحدودية العازلة منذ 21 أكتوبر/تشرين الأول الماضي ولمدة 3 أسابيع، وأغلقوا الطريق التجاري الرابط بين المعبرين، مما اضطر المئات من الشاحنات للتوقف أمامهما انتظارا لفتح الطريق من جديد.
وفشلت مختلف الاتصالات والجهود، خصوصا التي قادتها بعثة الأمم المتحدة بالصحراء الغربية "مينورسو"، في إعادة الوضع إلى ما كان عليه قبل قطع الطريق الإستراتيجي، وما تسبب فيه من خسائر مادية لأصحاب الشاحنات التجارية وكذا الشركات التي تنشط في الربط بين القارتين الأوروبية والأفريقية.
جدار أمني
وبينما كان الترقب سيد الموقف في هذه المنطقة العازلة التي يسميها البعض "قندهار"، والتي تمتد على مسافة 5 كيلومترات، وتعرف انتشارا للتهريب وتجارة المخدرات، أعلنت القوات المسلحة الملكية المغربية الجمعة الماضي قيامها بعملية، أسفرت عن إعادة فتح الطريق وبناء جدار أمني، وهي الخطوة التي وصفها رئيس الحكومة المغربية سعد الدين العثماني في تصريح للجزيرة بأنها "تحول إستراتيجي" حيث بات المغرب يفرض سيطرته على المنطقة وعلى أبواب المعبر الموريتاني.
وفي تعليقه على هذه التطورات، قال عبد الفتاح البلعمشي الأستاذ الجامعي المتخصص في العلاقات الدولية إن الكركرات "منطقة آمنة في محيط متوتر"، ورأى أن تجمع عناصر البوليساريو في المعبر كان بهدف التأثير على قرار مجلس الأمن الدولي الذي صدر نهاية الشهر الماضي بتمديد بعثة المينورسو، وبعد فشلهم أوقفوا حركة النقل التجاري، حسب قوله.
وأضاف البلعمشي في تصريح للجزيرة نت، أن المجتمع الدولي لا يمكنه أن يسمح بالمزيد من التوتر في هذه المنطقة من العالم، وأن المغرب صبر لمدة 3 أسابيع وقام عبر عملية آمنة بفتح الطريق، مشددا على أن الحرب ليست في مصلحة أحد.
العودة للعمل المسلح
وعقب تدخل القوات المغربية لإعادة فتح الطريق، سارعت جبهة البوليساريو يوم السبت إلى إعلان انسحابها من اتفاقية وقف إطلاق النار، والعودة للعمل المسلح، ليشهد الجدار الأمني العازل اشتباكات متقطعة بين الجانبين.
ويرى المحلل السياسي محمد الركراكي أن جبهة البوليساريو أساءت التقدير، وارتكبت "خطأ إستراتيجيا" حيث إنها وجدت نفسها ليس في مواجهة المغرب فقط بل في مواجهة مع العالم بإغلاق معبر الكركرات باعتباره شريانا اقتصاديا دوليا مهما للنقل التجاري بين أوروبا وأفريقيا.
وأضاف الركراكي أن جبهة البوليساريو لن تستطيع عسكريا مواجهة الجيش المغربي، لافتا إلى أن أزمة الصحراء تشهد حاليا "تحولا مفصليا بكل المقاييس الجيوإستراتيجية"، ستكون له تداعيات كبرى خلال المرحلة القادمة.
وفي سياق التفاعلات الخارجية للأزمة، ساندت دول الخليج مجتمعة التحرك المغربي، كما عبرت دول أخرى عن دعمها للمملكة كالأردن واليمن والصومال وغيرها، في حين رحبت فرنسا بإعلان المغرب تمسكه بوقف إطلاق النار ودعت لإطلاق العملية السياسية في إطار الأمم المتحدة.
ويرى مراقبون أن التطورات الأخيرة في الصحراء الغربية قد تدفع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش للتعجيل بتعيين مبعوث أممي جديد، خلفا للمبعوث السابق، الرئيس الألماني الأسبق هورست كوهلر الذي قدم استقالته من منصبه "لدواع صحية" في مايو/أيار الماضي، مما قد يسرع بحل الأزمة التي عمرت لعقود، وحالت دون قيام اتحاد المغرب الكبير.