ستكون مخيبة لآمال السعوديين.. الرياض تستضيف قمة افتراضية لمجموعة الـ20 في ظل الركود والوباء
تستضيف السعودية نهاية هذا الأسبوع أعمال قمة مجموعة الـ20 لأول مرة عربيا، لكن انعقادها عبر الفيديو وعلى نطاق أصغر من العادة قد يحدّ من المناقشات بشأن تفشي فيروس كورونا المستجد والأزمة الاقتصادية.
كما أن الانتقادات التي تواجهها السعودية على خلفية سجلّها الحقوقي والمطالبات التي تصاعدت في الفترة الأخيرة من منظمات حقوقية وسياسيين غربيين بمقاطعة القمة، ستمثل عائقا كبيرا أمام نجاحها إعلاميا وسياسيا.
وتأتي القمة -التي تعقد السبت وتستمر يومين- في أعقاب انتخابات أميركية صاخبة رفض الرئيس دونالد ترامب نتائجها، ووسط انتقادات لما يعتبره نشطاء استجابة غير كافية من قبل المجموعة لأسوأ ركود اقتصادي منذ عقود.
وستقتصر أعمال القمة التي عادة ما تشكّل فرصة للحوارات الثنائية بين قادة العالم، على جلسات مختصرة عبر الإنترنت بشأن القضايا العالمية الأكثر إلحاحا، من التغير المناخي إلى تزايد معدلات عدم المساواة.
وقال مصدر مقرّب من المنظمين السعوديين لوكالة الصحافة الفرنسية إن من المتوقع أن تهيمن على المناقشات "تداعيات الوباء" و"خطوات إنعاش الاقتصاد العالمي".
وذكر المنظمون أنّ دول مجموعة الـ20 ساهمت بأكثر من 21 مليار دولار لمكافحة الوباء، بما في ذلك إنتاج اللقاحات وتوزيعها وضخ 11 تريليون دولار "لحماية" الاقتصاد العالمي الذي يعاني من تبعات الفيروس.
لكن المجموعة تواجه ضغوطا متزايدة لبذل المزيد من الجهد في التعامل مع احتمالات التخلف عن سداد الديون في الدول النامية.
وخلال الأسبوع الماضي، أعلن وزراء مالية المجموعة عن "إطار عمل مشترك" لمعالجة مسألة الديون بعيدا عن خيار تعليقها، لكن مجموعات ناشطة وصفت هذا الإجراء بأنه "غير ملائم على الإطلاق".
دبلوماسية رقمية
ويعيق عدم الثقة بين الدول الأعضاء اعتماد ردّ موحد، حيث اتهم مسؤول في وزارة الخزانة الأميركية الصين، -وهي من أكبر دائني الدول النامية- بعدم الشفافية.
وقالت كاثرين تو من منظمة "أكشن إيد": "نواجه أكبر أزمة إنسانية في العالم، والنساء في البلدان النامية يتحملن أسوأ آثار التداعيات الصحية والاقتصادية"، ومع ذلك فإن مجموعة الـ20 "تدفن رأسها في الرمال وقد فشلت في الاستجابة للوضع الطارئ"، وفقا لتو.
ومن المقرّر أن يترأّس الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز ما يطلق عليه البعض تعبير "الدبلوماسية الرقمية".
وقال جون كيرتون مدير ومؤسس "مجموعة الـ20 للأبحاث" -ومقرها كندا- إن "العالم الافتراضي يجعل التواصل التلقائي للقادة أكثر صعوبة، ويلغي اللقاءات الجانبية حول مواضيع غير مجدولة على جدول أعمال القمة".
وقد أعلنت مصادر مقرّبة من المنظّمين أن قادة الدول الكبرى في العالم، من المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إلى الرئيس الصيني شي جين بينغ والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، قد يلقون خطابات.
وسيكون وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو -المدافع الشرس عن ترامب- في الرياض أثناء القمة.
ولم يتّضح ما إذا كان ترامب سيتحدّث في هذه القمة إلى جانب زعماء العالم الذين هنأ العديد منهم منافسه الرئيس المنتخب جو بايدن، بعد إعلان فوزه في الانتخابات الرئاسية.
وقال رايان بوهل من مركز ستراتفور للأبحاث الجيوسياسية -لوكالة الصحافة الفرنسية- إنّ "تصرّفات ترامب في القمة لن يكون لها على الأرجح تأثير كبير، كما كان الحال في السنوات السابقة".
مخيبة للآمال
وكان من المفترض أن تكون القمة إشارة لعودة سعودية قوية إلى المسرح العالمي.
فقد خططت المملكة لاستضافة قمة كبرى كان من شأنها أن تلقي مزيدا من الضوء على حملة الانفتاح الطموحة للحاكم الفعلي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الذي تلطخت سمعته الدولية بعد جريمة مقتل الصحفي جمال خاشقجي عام 2018.
وكتب أكاديمي سعودي في صحيفة عرب نيوز اليومية العام الماضي، أن القمة هي "المدخل الحقيقي لولي العهد إلى المسرح العالمي"، معتبرا أنّ الأمير "لن تتاح له الفرصة فقط لعرض مشاريع الإصلاح الطموحة للمملكة، ولكن لتنمية النفوذ السعودي في المجتمع الدولي كذلك".
غير أنّ الوباء الذي جعل انعقاد القمة مستحيلا إلا عبر الفيديو، قوّض تلك الآمال إلى حد كبير.
وقال بوهل "سيكون مؤتمر مجموعة الـ20 هذا العام مخيبا للآمال بالنسبة للسعودية، لأن المؤتمر الافتراضي لن يستعرض التطورات في المملكة بالطريقة التي تأملها الرياض".
لكن المضيفين السعوديين سيتنفسون الصعداء، كونهم لن ينشغلوا في تأمين الحماية للقادة ووفودهم.
وفي وقت سابق من الشهر الحالي، وقع انفجار بقنبلة قرب مجموعة من الدبلوماسيين الغربيين في مقبرة لغير المسلمين في جدة، بعد أسبوعين فقط من إصابة حارس في القنصلية الفرنسية بجروح على يد مواطن سعودي هاجمه بسكين.
كما يلقي سجل حقوق الإنسان في المملكة بظلاله على الحدث، إذ حث نشطاء وأقارب نشطاء آخرين مسجونين زعماء العالم على المقاطعة.
ومن بين أبرز هؤلاء، أشقاء الناشطة لجين الهذلول المضربة عن الطعام منذ أكثر من 20 يوما.
وقالت صفاء الأحمد من مجموعة القسط الحقوقية -ومقرها لندن- إنه يمكن للقادة الذين يحضرون القمة "الدفع باتجاه الإفراج عن سجناء الرأي"، وتابعت "لا تسمحوا بتبييض سجل حقوق الإنسان".