حراك دولي لحل أزمة قره باغ.. أرمينيا تعلن استعدادها لتنازلات متبادلة "مؤلمة" وأذربيجان ترحب رغم شكوكها
أعلنت أرمينيا استعدادها لتنازلات متبادلة "مؤلمة" في قره باغ، كما أبدت أذربيجان استعدادها للتفاوض في موسكو على الرغم من شكوكها، في حين تسعى تركيا وروسيا لإيجاد حل لهذا الصراع.
وقال رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان -في مقابلة مع الجزيرة تبث لاحقا- إن "أرمينيا مستعدة للتنازلات المتبادلة، والتنازل المتبادل مؤلم دائما. ماذا يعني تنازل متبادل؟ يعني نوعا ما استعدادا للتراجع عن الخط الذي رسمته لنفسك، هو استعداد للنزول قليلا".
وأكد قائلا "يمكن لأرمينيا الاعتراف باستقلال قره باغ في أي وقت، لكن يهمنا اعتراف المجتمع الدولي بذلك".
وأضاف باشينيان أن المشكلة تكمن في عدم التوافق بين الطرفين، وقال "عندما توافق أرمينيا على ذلك المعيار لإيجاد ساحة مقبولة للتفاوض، فإن ذلك المعيار يصبح غير مقبول بالنسبة لأذربيجان".
واتهم باشينيان أذربيجان بتقديم معلومات خاطئة لشعبها بأن الحرب ستنتهي بانتصارها، معتبرا أن هذا لن يحصل، وأن أذربيجان ستنغمس في الحرب أكثر ما دامت ترفض إعطاء شعب قره باغ حقه في تقرير مصيره.
كما اعتبر أن علاقة بلاده بالإقليم ليست مرتبطة بالأرض بل بسكانها، وأن حل القضية يجب أن يحظى بقبول شعبي الإقليم وأرمينيا، وشعب أذربيجان أيضا.
وأضاف رئيس وزراء أرمينيا "هناك كتائب باكستانية تشارك في القتال إلى جانب أذربيجان"، وتابع "يسعدني أن دولا عربية اتخذت خطوات إستراتيجية لمنع سياسة تركيا التوسعية".
وقال باشينيان أيضا -في حديثه للجزيرة- إنه يتفهم موقف روسيا المحايد لأنها مشاركة في رئاسة مجموعة مينسك، لكنه عدّها أيضا حليفا إستراتيجيا لأرمينيا، وأنها ستلتزم بواجباتها الأمنية نحوها في حال الضرورة.
شكوك أذربيجان
وفي الجانب الآخر، قال الرئيس الأذري إلهام علييف إنه مستعد للتفاوض مع رئيس الوزراء الأرميني في موسكو دون شروط، لكنه يشك في استعداد يريفان لعمل بنّاء لحل نزاع قره باغ.
وأضاف في تصريحات لوكالة إنترفاكس الروسية أن الصيغة التي تناسب بلاده كإطار لتسوية النزاع في الإقليم هي "2+2" أي أذربيجان وأرمينيا وروسيا وتركيا.
وذكر أن موسكو وأنقرة أظهرتا في السنوات الأخيرة أنهما وصلتا إلى مستوى عال من التفاهم، سواء في الأجندة الثنائية أو في قضايا تتعلق بالأمن الإقليمي.
في تلك الأثناء، قال حكمت حاجييف مساعد الرئيس الأذري -عبر حسابه على تويتر- إن عدد ضحايا القصف الذي استهدف مدينة بردا القريبة من إقليم قره باغ ارتفع إلى 20 قتيلا، فضلا عن عشرات الجرحى. وذكرت مصادر أن القصف استهدف سوق المدينة وأحياء سكنية.
وذكرت وزارة الخارجية الأذرية أن أرمينيا تستبق مفاوضات جنيف بارتكاب ما وصفتها بجرائم دموية، وهو ما يعكس عدم رغبتها في أي حل سلمي للأزمة، حسب تعبيرها.
ومن جهتها، نفت سلطات إقليم قره باغ غير المعترف بها دوليا استهداف مدنيين، واتهمت الجيش الأذري بقصف مناطق سكنية في الإقليم.
حراك دولي
يأتي ذلك على خلفية تحركات إيرانية واتصالات تركية مع المسؤولين في باكو، بهدف التوصل إلى وقف لإطلاق النار، وإيجاد حل سياسي للأزمة.
وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إنه اتفق مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين -أمس الثلاثاء- على العمل سويا من أجل إيجاد حل للصراع بحيث يجري بوتين مباحثاته مع باشينيان، ويلتقي أردوغان بعلييف.
وأضاف أنه اقترح على بوتين تشكيل وفود واجتماع وزيري خارجية البلدين، لكن قبل كل شيء ينبغي الاتفاق على امتلاك الرغبة الحقيقية لحل النزاع.
وأردف أردوغان -خلال اجتماع الكتلة النيابية لحزب العدالة والتنمية في البرلمان بأنقرة- "بوتين قال لي إنكم ترسلون جنودا من الشرق الأوسط وسوريا إلى أذربيجان، فقلت له إن معلومات استخباراتية لدينا تشير إلى التحاق نحو ألفي إرهابي من "بي كا كا" (حزب العمال الكردستاني) بصفوف أرمينيا مقابل راتب شهري يبلغ 600 دولار، ومعظمهم كان فعالا في سوريا".
واعتبر أن الاحتلال الأرميني لأراضي أذربيجان مستمر منذ 30 عاما، وأن مجموعة مينسك (الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا) لم تفعل شيئا أثناء هذه المدة سوى المماطلة، حسب قوله.
ورأى الرئيس التركي أن هذا الوضع دفع أذربيجان إلى الرد على "الاعتداء الأرميني الأخير بإطلاق حملة عسكرية لتحرير أراضيها المحتلة".
ومن جهته، قال عباس عراقتشي -مساعد وزير الخارجية الإيراني- إن المبادرة الإيرانية لتسوية النزاع تسعى إلى إنهاء احتلال الأراضي الأذرية، واستقرار السلام الدائم، وتسوية الخلاف وإطلاق مفاوضات سياسية بين الطرفين.
وأضاف -في تصريح له بعد وصوله إلى باكو مبعوثا لإيران لحل الأزمة- أن مشاركة الدول المؤثرة في إنهاء الصراع أمر مهم في التسوية، وأن بلاده ستتشاور مع دول المنطقة للتوصل إلى نتائج إيجابية.