المتحدث باسم حركة طالبان محمد نعيم للجزيرة نت: هذه تفاصيل اتفاقنا مع الأميركيين

محمد نعيم قال إن مفاوضات الدوحة ما تزال في مرحلة تحديد الأجندة وجدول الأعمال (الجزيرة نت)

قال المتحدث باسم المكتب السياسي لحركة طالبان، محمد نعيم، إن الحركة تريد لأفغانستان حكما إسلاميا ومستقلا، وإنها ستبحث تفاصيل ذلك في جولات المفاوضات، التي تجري بين الأطراف الأفغانية حاليا في (العاصمة القطرية) الدوحة.

وأضاف نعيم في مقابلة مع الجزيرة نت أن تفاصيل رؤية طالبان لنظام الحكم الجديد في أفغانستان، وكيف سيكون، وكل التفاصيل المتعلقة به ستطرح على الطاولة، وستبحثها أثناء المفاوضات.

ونفى نعيم الاتهامات التي توجه لطالبان بالاستفادة من تجارة المخدرات في أفغانستان وحماية تجارها مقابل الاستفادة من إتاوات وضرائب لتمويل عمل الحركة، وفي ما يلي نص الحوار:

على ماذا تتفاوضون بالضبط الآن مع الحكومة وباقي الأطراف الأفغانية في مفاوضات الدوحة؟

بسم الله الرحمن الرحيم. طبعا كما تعرفون هذه المفاوضات بين الأطراف الأفغانية بدأت في الدوحة منذ شهر تقريبا، ونحن ما زلنا نناقش آليات الحوار وجدول الأعمال للجلسات المستقبلية للمفاوضات.

حتى الآن اتفقنا على كثير من البنود المتعلقة بهذا الحوار وبجدول الأعمال، وهناك بعض النقاط الخلافية ما يزال البحث جاريا لإنهائها، وعندما يتم الاتفاق النهائي على آليات الحوار وجدول الأعمال سندخل صلب المفاوضات.

هل تقصدون أنكم إلى الآن ما زلتم تتفاوضون على آليات وشكل الحوار، ولم تدخلوا بعد في صلب المفاوضات؟

نعم.. ما زلنا نتفاوض حول آليات الحوار وجدول الأعمال، ونحاول أن نصل في أسرع وقت ممكن إلى اتفاق بشأنها، ثم بعد ذلك نبدأ في صلب المفاوضات.

بصيغة أخرى، ماذا جئتم حاملين إلى هذه المفاوضات؟ وما هي مطالبكم فيها؟

هذه الأمور متعلقة بموضوع أجندة المفاوضات، والأجندة ستطرح على الطاولة عندما تبدأ المفاوضات، آنذاك سنطرح ما لدينا.

انتهيتم قبل شهور من المفاوضات مع الولايات المتحدة، وتوصلتم إلى اتفاق هل لكم أن تلخصوا للقارئ ما تم التوصل إليه في هذه المفاوضات؟

يمكن تلخيص ما اتفقنا عليه في المفاوضات مع الأميركيين في 4 نقاط؛ الأولى اتفقنا على أن تنسحب القوات الأجنبية من بلادنا خلال 14 شهرا، والثانية أن الإمارة الإسلامية (يقصد حركة طالبان) تتعهد بألا يتم استخدام أرض أفغانستان ضد أمن الولايات المتحدة أو الدول المتحالفة معها.

والنقطة الثالثة التي اتفقنا عليها مع الأميركيين هي أن نفرج عن ألف أسير لدينا، وقد تم ذلك، وأن يتم الإفراج عن 5 آلاف من أسرانا لدى الحكومة الأفغانية والقوات الأجنبية، وقد تم إطلاق سراحهم أيضا. والنقطة الرابعة هي أن نبدأ مفاوضات مباشرة مع باقي الأطراف الأفغانية، وها هي قد بدأت في الدوحة منذ شهر تقريبا كما قلنا.

محمد نعيم قال إن حركة طالبان تأمل ألا تؤثر الأوضاع الداخلية لأميركا على الاتفاق الذي وقعته الحركة مع واشنطن (الجزيرة)

في تصريحات سابقة ومختلفة لقيادات حركة طالبان أكدت الحركة أنها لن تتفاوض مع الحكومة الأفغانية؛ إلا إذا انتهى الاحتلال الأميركي للبلاد. هل تعني مفاوضات الدوحة بين الأفغان نهاية الغزو الأميركي لبلادهم؟

تم الاتفاق معهم على ذلك كما أسلفنا الذكر، وسينسحبون خلال 14 شهرا من تاريخ الاتفاق.

وماذا لو تراجعت الإدارة الأميركية الجديدة، التي ستنتخب بعد نحو أسبوعين، عن هذا الاتفاق، أو حدثت أي مستجدات أخرى، ولم تنسحب القوات الأميركية؟ ماذا سيكون موقفكم؟

أود أن أوضح أولا أننا -وعلى عكس ما يعتقد كثيرون- لا نتفاوض مع الحكومة الأفغانية؛ بل مع الأطراف الأفغانية المختلفة، وبالنسبة لموضوع انسحاب القوات الأجنبية، نحن نرجو ألا تؤثر الأمور الداخلية للولايات المتحدة الأميركية على هذا الاتفاق؛ لأنه لصالح شعبنا وصالح بلدنا، وكذلك لصالح الشعب الأميركي ولصالح الحكومة الأميركية.

هل يمكن أن تفضي هذه المفاوضات إلى عودة حركة طالبان من جديد للحكم في أفغانستان بعد 20 سنة من إسقاطها؟

نحن لدينا أهداف، أولها إنهاء الاحتلال، وهذا تم الاتفاق عليه، والثاني أننا نريد نظاما إسلاميا مستقلا في أفغانستان حسب مبادئ الشعب وقيمه وعاداته وثقافته.

هذا سيعيد إلى الأذهان السنوات التي حكمتم فيها أفغانستان، فقد اتهمكم كثيرون بأنكم حرمتم الموسيقى والفنون، ومنعتم النساء من التعليم والعمل، وفرضتم عليهن البرقع، وفرضتم عددا من القوانين المستمدة من الشريعة الإسلامية، هل ستكررون التجربة نفسها إذا رجعتم إلى الحكم في كابل؟

نحن نريد حكما إسلاميا ونظاما إسلاميا.. طبعا نحن مسلمون والحمد لله، عندنا ديننا وكتابنا القرآن الكريم، وحتى حسب الأصول والمبادئ والتشريعات الدولية، كل شعب له الحق في أن يُحكم حسب معتقداته ومبادئه وقيمه، لا يمكن أن يُحكم شعب ومجتمع بقيم ومبادئ مجتمع آخر، هذا غير وارد في العالم كله.

نحن نريد أن يكون نظامنا إسلاميا، وكل ما يخالف الإسلام ويخالف القرآن ويخالف قيم الشعب وعقيدته وقيمه ومبادئه فالشعب لا يريده.

عندما تقولون إنكم تريدون إقامة نظام حكم إسلامي، يتبادر إلى الذهن إقامة الحدود والحكم بنصوص الشريعة الإسلامية فيها، فيصبح الحديث عن قطع يد السارق وجلد أو رجم الزاني وقتل المرتد، وغير ذلك، وكل هذا ينظر إليه الغرب وكثيرون في العالم على أنه مخالف لحقوق الإنسان؟

نظام الحكم الإسلامي أوسع من تطبيق ما يعرف بالحدود في الشريعة الإسلامية، الحدود والقصاص واردان في القرآن الكريم الذي يؤمن به المسلمون جميعا؛ لكن نظام الحكم الإسلامي كما قلنا هو أوسع بكثير من بعض الأحكام الجنائية الخاصة الواردة في القرآن والسنة.

نظام الحكم الإسلامي يهم أيضا الاقتصاد وتوفير متطلبات الشعب وتحقيق العدالة الاجتماعية، وتوفير معيشة كريمة وطيبة للناس، نظام الحكم في الإسلام يشمل جميع مناحي الحياة، وهذا من كمال وشمول دين الإسلام، الذي ضمن حقوق المسلمين وغير المسلمين، ويضمن حتى حقوق الحيوان.

إذا أفضت هذه المفاوضات إلى تنظيم انتخابات في أفغانستان، هل ستشاركون فيها على الرغم من أنكم محسوبون على مدرسة من الحركات الإسلامية تحرم الانتخابات، وترى أن الديمقراطية حرام، وأنها حكم بغير ما أنزل الله؟

كما قلت سابقا نحن نريد حكما إسلاميا شاملا وعاما، مستمدا من المبادئ والقيم الدينية لمجتمعنا، والتي تعتمد على القرآن الكريم. هذا بشكل عام، أما كيف سيكون نظام الحكم وطريقته وهذه التفاصيل كلها ستطرح على الطاولة، وسنبحثها أثناء المفاوضات. سنرى ما الطريقة الأحسن التي توافق طبيعة شعبنا ومقومات وخصائص بلدنا.

هل هذا يعني أنكم قد تذهبون في اتجاه نظام حكم لا يعتمد على الانتخابات؟

أنا قلت لك إن هذه التفاصيل ستطرح على طاولة المفاوضات وسنبحثها.

إذن إن اتفقتم على انتخابات وشاركتم فيها، ولم تحصلوا على الأغلبية، ولم تستطيعوا أن تكونوا في الحكم، هل ستقبلون بذلك؟ وهل ستقبلون أن تكونوا على هامش الحياة السياسية في البلاد؟

نحن قلنا إن هذه الأمور افتراضية وغير واقعية حتى الآن، ويمكن أن نقول بعبارة أخرى إنها خيالية، كما قلت سابقا نحن نريد أن نطرح كل الموضوعات المتعلقة بشعبنا وببلادنا على الطاولة، وهناك الأفغان سيجلسون ويبحثون هذه الأمور.

أنا أطرح عليكم هذا النوع من الأسئلة؛ لأنه في الغالب أشكال الحكم المعروفة في العالم الآن كلها تقريبا تعتمد على الانتخابات، وتقريبا لا يتصور أن تخرج مفاوضاتكم هذه بنظام حكم إلا ستكون الانتخابات جزءا منه.

أكرر أن هذه الموضوعات ستطرح على الطاولة وهناك سنبحثها. أما بخصوص ما قلتم، فلو نظرنا حول العالم سنجد أن طرق الحكم فيه تختلف، وفيه أنظمة مختلفة، ليس هناك نظام واحد أو اثنان فقط، طريقة الحكم تختلف من دولة إلى أخرى ومن شعب إلى آخر.

ما الذي تغير في حركة طالبان بعد ربع قرن من ظهورها وسيطرتها على مناطق واسعة من أفغانستان؟

طبعا أنتم تعرفون أن الإمارة الإسلامية عندما بدأت وخرجت في تسعينيات القرن الماضي كان ذلك لإنقاذ الشعب وإنقاذ البلاد، الوضع في أفغانستان آنذاك كان خطيرا جدا، كان الشعب في حرج، ولم يكن آمنا على عقيدته وعلى أرواحه وعلى أمواله.

وكانت البلاد مقسمة إلى عدة أجزاء، وفي كل جزء كان هناك حاكم، وكان هناك تناحر بين الأحزاب المختلفة، وكان الوضع خطيرا جدا. والإمارة الإسلامية جاءت لإنقاذ البلد وإنقاذ الشعب.

إن كان هناك من تغيير حدث لدينا، فهو ليس في المبادئ والقيم؛ لأنها لا تتغير أبدا. على مر الزمن تكون هناك تجارب جديدة وبعض الأمور المستجدة في الحياة، هذا وارد، أما المبادئ والقيم فهي ثابتة.

بغض النظر عن المبادئ الثابتة، هل تغير شيء في فكر طالبان وفي رؤيتها السياسية وفي نظرتها للآخر؟

أنا قلت إن المبادئ والقيم ثابتة؛ لكن الأمور الأخرى ليست كذلك، الحياة في مجملها تجارب جديدة، ولا بد من التعايش مع الأمور المستجدة والتعامل معها.

من الأسئلة التي تثار حول طالبان أنها تستخدم أموال مخدر الأفيون لتمويل عملها، هل هذا صحيح؟ وكيف لحركة قائمة على الدين أن تمول عملها بأموال تجنيها من شيء حرام في الشرع؟

هذا الأمر غير صحيح، والعكس هو الذي كان واضحا تماما، ولعلكم تعرفون أن الإمارة الإسلامية أول ما جاءت إلى الحكم 1996، منعت زراعة الخشخاش (نبات يشتق منه مخدر الأفيون)، وأمير المؤمنين الملا محمد عمر رحمه الله آنذاك أمر بمنع هذه الزراعة في كل أنحاء البلاد، بغض النظر عما إذا كانت هذه الزراعة تستخدم في ما هو مفيد أو في تجارة المخدرات.

هذا في تجربتنا السابقة، وفي المستقبل أيضا نحن نريد كما قلنا نظاما إسلاميا، ولا نستطيع أن نخالف ديننا الإسلامي ومبادئه، ومن يتهمنا بحماية تجارة المخدرات أو بالاستفادة منها فهذه الاتهامات غير صحيحة.

هذه الاتهامات لكم وردت حتى في بعض تقارير الأمم المتحدة.

ممكن، وكل من يريد أن يقول عنا شيئا، فهو حر في نظرته إلينا؛ لكن نحن نقول إن هذه الاتهامات غير صحيحة، والأفيون مشكلة عالمية ولا مسؤولية لنا فيه، فالمطارات ليست في أيدي الإمارة الإسلامية، ولنتساءل كيف تنقل هذه المخدرات ومن أين وعبر أي طرق؟

إذا كانت الإمارة الإسلامية لا تمتلك مطارات ولا طائرات ولا موانئ ولا سفنا، وليس لديها سيطرة على الحدود، وليس لديها مصانع، فكيف يتم اتهامها بترويج وحماية تجارة الأفيون؟ هذه ظاهرة عالمية وهناك من يمولها ويقف وراءها ويحميها ويروج لها.

لمن تحملون مسؤولية حماية هذه التجارة في أفغانستان؟

نحملها للاحتلال، وأنتم تعلمون أن بعض الإحصائيات تتحدث عن أن أكثر من 3 ملايين من الأفغان هم ضحايا المخدرات، وعلى عهد الإمارة الإسلامية كانوا يعدون على أصابع اليد الواحدة.

أنتم الآن لديكم جيش كبير من المقاتلين، إذا توصلتم إلى اتفاق مع باقي الأطراف لتقاسم الحكم، ما مصير مقاتليكم؟ هل سيدمجون في الجيش النظامي؟

هذا كما قلت لكم سابقا من الأمور التي ستطرح على طاولة المفاوضات وستناقش في حينها، ومن طرفنا نحن نريد أن تنتهي هذه المفاوضات في أقرب وقت ممكن، ولا نستطيع أن نخمن كم ستأخذ من الوقت؛ لكننا نؤكد أن لدينا إرادة وإخلاصا، وسنعمل على أن تنتهي هذه المفاوضات في أقرب وقت ممكن، وأن تأتي بنتائج إيجابية لصالح الشعب الأفغاني.

المصدر : الجزيرة