تعطيل أكبر مشروع استثماري في اليمن.. توتر ومطالبات بإخلاء منشأة بلحاف للغاز من القوات الإماراتية
يتصدر التوتر بين سلطات محافظة شبوة (شرقي اليمن) ودولة الإمارات واجهة الأحداث اليمنية، بسبب استمرار سيطرة أبو ظبي العسكرية على منشأة بلحاف لتصدير الغاز المسال، وسط تحذيرات من تفاقم الأزمة.
وحذر محافظ شبوة محمد صالح بن عديو من تصاعد الاحتجاجات الشعبية للمواطنين وآلاف الموظفين الذين صاروا عاطلين عن العمل أمام منشأة الغاز، للمطالبة بإخلائها من القوات الإماراتية.
وصرح بن عديو في مقابلة مع تلفزيون حضرموت المحلي الاثنين بأن "المواطنين سيضطرون للتظاهر أمام المنشأة، وهذا ليس في صالح الإماراتيين، أما نحن فلن نخسر شيئا أكثر مما خسرنا"، مضيفا أنه خاطب الحكومتين اليمنية، والسعودية -التي تقود التحالف- بشأن ضرورة إخلاء المنشأة وإعادة تشغيلها.
ومشروع بلحاف للغاز هو أكبر مشروع استثماري في اليمن، وتقدر تكلفة إنشائه بأكثر من 5 مليارات دولار، وتساهم فيه شركات دولية ويمنية، وأبرزها شركة "توتال" (Total) الفرنسية التي تستحوذ على نحو 40% من المشروع.
وتدير "توتال" المشروع الذي يعمل فيه منذ افتتاحه حوالي 12 ألف عامل، منهم 60% من العمالة اليمنية.
هدف التعطيل
وقال محسن الحاج مستشار محافظ شبوة للجزيرة نت إن المواطنين اليمنيين والمجتمع الشبواني بشكل خاص باتوا على قناعة بأن الوجود الإماراتي في منشأة بلحاف لا يهدف لمحاربة الحوثيين وإعادة الشرعية كما تزعم الإمارات، وإنما هو من أجل تعطيل هذه المنشأة -التي تعد من أكبر المنشآت الاقتصادية في اليمن وترفد الاقتصاد الوطني بحوالي 3 مليارات و700 مليون دولار سنويا- وإيقاف تصدير الغاز.
ويتكبد اليمن خسائر كبيرة جراء وقف تصدير الغاز، فاحتياطي النقد الأجنبي نفد في البلاد، مما أدى إلى هبوط الريال اليمني إلى ربع قيمته، الأمر الذي أدى بدوره إلى ارتفاع الأسعار بشكل كبير وأثقل كاهل اليمنيين.
وعلاوة على المخاطر الاقتصادية تتسبب سيطرة الإمارات على المنشأة في زيادة المخاوف من أن تصبح المنشآت والموانئ اليمنية ساحة للنفوذ الإسرائيلي بعد التطبيع الإماراتي، وفقا لمستشار المحافظ.
وأكد الحاج أن الشعب اليمني يعتبر استغلال ظروف الحرب وإدخال الإمارات إسرائيل إلى الأراضي اليمنية خيانة وطعنة في الظهر، مشيرا إلى أن الشعب اليمني بقواه السياسية والاجتماعية سيقاضي الإمارات أمام المحاكم الدولية على خيانتها، واستغلال ظروف الحرب وضعف الدولة لانتهاك سيادتها.
مطامع للسيطرة
في السياق ذاته، قال الشيخ القبلي أحمد بن ناصر الشبواني للجزيرة نت إن الأهداف التي تدخل بها الإماراتيون في اليمن اختلفت، وظهر طمعهم بالسيطرة على الموانئ والجزر وعرقلة الشرعية.
وأكد أن وجود القوات الإماراتية في بلحاف غير مبرر، لأن هذا موقع يجب إخراج أي قوة منه، وتسهيل إعادة تشغيل منشأة بلحاف كون تشغيلها سوف يدعم خزينة الدولة.
مطلب شرعي
ووفقا للناشط يوسف المرزوقي، فإن خروج القوات الإماراتية من بلحاف مطلب شرعي، كما أن المنشأة بشكل عام توقفت عن العمل بسبب وجود القوات الإماراتية.
وأشار إلى أن خروج القوات الإماراتية من منشأة بلحاف وتشغيلها سيعودان بمشاريع تنموية على محافظة شبوة، وتشغيل أبناء المحافظة العاطلين على العمل، ورفد خزينة الدولة في اليمن بشكل عام.
ويرى الصحفي الشبواني عمر الحار أن محافظ شبوة أطلق صفارة الإنذار بشأن خطورة تعطيل المصالح الاقتصادية لليمن، وذلك عبر دعوته لإخراج القوات الإماراتية من المنشأة وإعادة تشغيلها.
تسلسل زمني
– في أواخر عام 2008 بدأت كميات الغاز تصل إلى منشأة بلحاف لتسييل وتصدير الغاز الطبيعي المسال على ساحل مديرية رضوم بمحافظة شبوة، وصولا من القطاع الـ18 للإنتاج بمحافظة مأرب عبر أنبوب طوله 320 كيلومترا وبقطر 38 بوصة (حوالي متر واحد).
– في فبراير/شباط 2009 دخل اليمن سوق مصدري الغاز الطبيعي المسال بتصديره أول شحنة من الغاز عبر مرفأ بلحاف.
– تقدر الطاقة الإنتاجية للمشروع بنحو 6.7 ملايين طن متري سنويا.
– تعرض أنبوب نقل الغاز لعمليات تفجير أكثر من مرة، بدءا من العام 2011 وما بعده.
– في 13 أبريل/نيسان 2015 سيطر مسلحون قبليون يعتقد أنهم موالون للرئيس عبد ربه منصور هادي على قاعدتين عسكريتين كانتا تحرسان منشأة بلحاف، وذلك بعد أيام من بدء التدخل العسكري للتحالف بقيادة السعودية في اليمن.
– في 14 أبريل/نيسان 2015 قررت الشركة اليمنية للغاز الطبيعي المسال إيقاف جميع عمليات إنتاج وتصدير الغاز الطبيعي المسال، والبدء بإجلاء الموظفين، نظرا لتزايد التدهور الأمني حول منطقة بلحاف.
– في أبريل/نيسان 2017 قالت شركة توتال الفرنسية إن الشركة اليمنية أبلغتها أن القوات الموالية للحكومة اليمنية المعترف بها دوليا تسيطر على منشأة بلحاف.
تحرير منشأة بلحاف من القوات الإماراتية واجب وطني .#طرد_الامارات_من_بلحاف pic.twitter.com/nCJxQy65fY
— مختار الرحبي (@alrahbi5) October 13, 2020
– اتخذت الإمارات منشأة بلحاف ثكنة عسكرية لقواتها منذ عام 2017، ونقطة لوجستية لإدارة القوات اليمنية التي شكلتها في محافظة شبوة باسم "النخبة الشبوانية".
– في أغسطس/آب 2019 حاولت قوات النخبة الشبوانية المدعومة إماراتيا الانقلاب على السلطة المحلية والاستيلاء على محافظة شبوة، أسوة بما فعلته القوات المدعومة إماراتيا في محافظتي عدن وأبين، لكن القوات الحكومية تمكنت من طرد "النخبة الشبوانية".
– في نوفمبر/تشرين الثاني 2019 أعلنت "توتال" أنه لا يمكن استئناف عمليات تصدير الغاز الطبيعي المسال بأمان في ظل الوضع الأمني والسياسي على الصعيدين الوطني والمحلي.
– لا تزال القوات الإماراتية تتمركز في منشأة بلحاف لتسييل وتصدير الغاز الطبيعي حتى الآن، وترفض -بحسب مسؤولين حكوميين يمنيين- السماح بإعادة تصدير الغاز، وحتى عندما أعلنت في فبراير/شباط الماضي سحب قواتها المشاركة في اليمن لم تنسحب من المنشأة.