بالفيديو- تسلل ومخاطر وانتهاكات.. الهجرة غير النظامية وجه آخر للأزمة في ليبيا
تمثل قضية الهجرة غير النظامية وجها آخر للأزمة في ليبيا الغارقة في همومها بسبب الأزمات المتواصلة فيها، مما عزز المخاوف الأوروبية من حدوث موجة جديدة من الهجرة عبر الشواطئ الليبية.
كما أسهمت هذه الأزمة في عدم قدرة الدولة الليبية على منع دخول هؤلاء اللاجئين إلى أراضيها وحصرهم والتعامل معهم وتوفير الحماية لهم، فالكثير منهم يفقدون حياتهم بسبب الانفلات الأمني الذي تعيشه البلاد.
وطبقا للمواثيق الدولية، فإن السلطات الليبية ملزمة بالعمل على وضع حد للمشكلة المستمرة من خلال إنشاء برامج لحصر اللاجئين ومعرفة أسباب قدومهم إلى البلد، وتقديم الخدمات لهم وحمايتهم بحسب ما يؤكد للجزيرة نت رئيس منظمة بلادي لحقوق الإنسان طارق لملوم.
انتهاكات ومخاطر
وتتضافر عوامل عدة في تزايد أعداد المهاجرين غير النظاميين في ليبيا وتفاقم مشكلاتهم، ويقول حسام الدين عدت (مهاجر مصري) للجزيرة نت إن هدفهم الأول هو الوصول إلى أوروبا، وإن ضعف الرقابة على الحدود سهل تسللهم للأراضي الليبية ومحاولة الذهاب إلى أوروبا عبر المراكب والقوارب.
ولفت إلى أن المهاجرين يتعرضون بشكل دائم لانتهاكات قد تصل إلى حد الموت، ومعظمهم يعيشون في أماكن غير صالحة للحياة الآدمية، في مناطق عشوائيةبضواحي المدن مخافة اعتقالهم من قبل الجهات الأمنية، مؤكدا أنه لن يتوقف عن محاولات الهجرة إلى أوروبا وإن كلفه ذلك حياته.
من جانبه، كشف مجدي العلي (سوداني الجنسية) أنه قدم إلى ليبيا عبر رحلة طويلة في صحراء شديدة وعالية المخاطر وبلغت تكاليفها 10 آلاف دولار، لكن محاولته بالوصول إلى شواطئ أوروبا باءت بالفشل حينما تم إرجاع القارب الذي كان يستغله من عرض البحر من قبل حرس السواحل الليبي وعادوا به وأحلامه إلى شواطئ مصراتة، ليجد نفسه مفترشا الطرق الرئيسية للعمل في مشاريع البناء والتشييد بقيمة لا تكفيه قوت يومه وسداد قيمة إيجار مسكنه.
وتتعدد مراكز حجز المهاجرين غير النظاميين الفارين من بلادهم بسبب الفقر والجوع والحروب، وتصل أعدادهم إلى 650 ألف شخص حسب المنظمة الدولية للهجرة عام 2019.
وتعتبر مدن مصراتة وبني وليد وزليتن وزوارة وصبراتة أكبر نقاط وجود هؤلاء المهاجرين في البلد، حيث يعيشون في ظل ظروف سيئة جدا، حسب وصف الصحفي أحمد سالم المهتم بقضايا الهجرة في حديثه للجزيرة نت.
وجعل موقع ليبيا -التي تمتلك حدودا برية مع 6 دول هي مصر والسودان وتشاد والنيجر والجزائر وتونس- منها نقطة مهمة لخطوط المهاجرين الذين جعلوا هدفهم أوروبا عبر ساحلها الليبي العريض المطل على الحد الجنوبي للقارة العجوز.
خطوط تسلل المهاجرين
وتعدد الطرق التي تتوافد منها قوافل المهاجرين الأفارقة، وأبرزها:
1- طريق الحد الليبي السوداني الذي يقع في أقصى الجنوب الشرقي والذي تنشط فيه عصابات تهريب الوقود والسيارات والبشر، ومعظم مستعملي هذا الخط هم من السودانيين والصوماليين.
٢- خط الحدود النيجيرية في أقصى الجنوب الغربي، ويعتبر الأكثر نشاطا في عمليات التسلل، حيث يصل عدد المارين منه -حسب تصريحات لوزارة الداخلية- أكثر من 100 ألف مهاجر سنويا من دول مختلفة تصل إلى 12 جنسية.
٣- أما الخطوط الأخرى -التي تأتي من مصر وتشاد والجزائر وتونس- فهي الأقل استخداما بسبب صعوبة مسالكها أو التشديد الأمني من هذه الدول في حدودها مع ليبيا.
تهديد مباشر للأمن القومي الليبي والأوروبي
وساهم عدم قدرة السلطات الليبية على تنظيم هذه الأعداد الضخمة في جعل معدلات الخطر ونسبة تسلل العناصر الإرهابية للبلاد عاليا جدا، بحسب مسؤول في وزارة الداخلية الليبية.
ووفق المصدر، فإن معظم الأفراد الأجانب الذين انضموا إلى تنظيم الدولة في مدينة سرت عام 2016 هم من المهاجرين، وكانوا سببا في تقويته، مما مكنهم من السيطرة على المدينة لفترة طويلة إلى أن تم القضاء عليهم في عملية البنيان المرصوص التابعة للجيش الليبي لحكومة الوفاق الوطني.
ويقدّر عدد هؤلاء بألفي مقاتل من جنسيات أفريقية مختلفة، ويحتفظ بجثامين الكثير منهم إلى الآن في بعض معسكرات قوات الوفاق التي بدورها ناشدت بلدان هؤلاء المقاتلين باستلام الجثامين، دون أن تلقى تجاوبا منها.
ولم تسلم أوروبا أيضا من هذه التهديدات، حيث تتخوف السلطات الأوروبية من إمكانية تسلل أفراد تابعين لتنظيمات إرهابية عبر البحر قادمين من ليبيا، مما جعلها تطلق عملية صوفيا البحرية عام 2016 التي استمرت حتى العام عام 2019.