أحزاب تونس "المعادية للثورة" خارج حكومته.. اتهامات بالإقصاء تطال الفخفاخ
آمال الهلالي-تونس
كشف رئيس الحكومة المكلف إلياس الفخفاخ عن ملامح حكومته وطبيعة الحزام السياسي الذي سيدعمه، مؤكدا خلال ندوة صحفية أنها ستكون محدودة العدد، وسترتكز على قاعدة الأحزاب التي دعمت الرئيس قيس سعيد في الدور الثاني من الانتخابات الأخيرة.
وأكد الفخفاخ توجيهه الدعوة لكافة الأحزاب السياسية للمشاورات، ما عدا حزبي "قلب تونس" و"الدستوري الحر" المحسوب على النظام السابق، معتبرا أنه لا يرى في هذين الحزبين تناغما وانسجاما مع برنامجه الحكومي وأهدافه، وأشار إلى أن المنظومة الديمقراطية الحالية تقتضي أن يكون فريق في الحكومة وآخر في المعارضة.
وأوضح الفخفاخ الذي كلفه قيس سعيد بتشكيل الحكومة، أنه يستمد شرعيته من شرعية رئيس الجمهورية الذي كلفه بهذه المهمة، وسيعتمد في مشاوراته على قاعدة خط سياسي منحاز لأهداف وقيم الثورة ومكافحة الفساد، وبأنها لن تتجاوز 25 حقيبة وزارية.
وشدد بالمقابل على أنه لا حاجة للحكومة بحزام سياسي يمنحها الثقة، بقدر ما أنه بحاجة إلى حزام سياسي منسجم، ويحمل الرؤى والأهداف نفسها التي تستجيب لتطلعات التونسيين.
اتهامات بالإقصاء
وأثار التوجه العام لرئيس الحكومة المكلف في علاقة بالأطراف السياسية المشاركة في المشاورات، ردود فعل متباينة بين الأحزاب، لا سيما قلب تونس الذي سارع بعض قياداته لاتهام رئيس الحكومة المكلف بانتهاج سياسة الإقصاء.
وأكد القيادي في قلب تونس أسامة الخليفي عبر صفحته الرسمية على فيسبوك استعداد حزبه للانضمام إلى شق المعارضة ضد ما وصفها بـ"حكومة الإقصاء".
بدوره، اتهم القيادي في الحزب نفسه جوهر المغيربي رئيس الحكومة المكلف بانتهاج سياسة الإقصاء والاصطفاف السياسي، معتبرا أن استثناء قلب تونس من المشاورات "يعد إقصاء لجزء هام من التونسيين والتونسيات الذين انخرطوا في التعبير باستعمال أدوات الديمقراطية والفعل السياسي المتحضر".
وسبق لقلب تونس صاحب التمثيل الثاني في البرلمان بـ38 مقعدا، أن دعا الفخفاخ إلى الانفتاح على جميع القوى الحية والأحزاب السياسية دون إقصاء، والتشاور معها في شكل الحكومة ووضع البرنامج الملائم حتى يضمن الحزام السياسي والبرلماني اللازم.
وكان رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي دعا رئيس الحكومة المكلف إلى ضرورة إشراك قلب تونس في الائتلاف الحكومي، مؤكدا خلال تصريحات إعلامية محلية حرصه على ضرورة تكوين حكومة وحدة وطنية تستمد مشروعيتها من البرلمان وتضم جميع الأطراف السياسية باستثناء من أراد إقصاء نفسه.
سياسة إقصائية
واتهم القيادي في الحزب الدستوري الحر مجدي بوذينة في تصريح للجزيرة نت رئيس الحكومة المكلف بممارسة سياسة إقصائية، مؤكدا أن حزبه غير معني بالدخول في الائتلاف الحكومي جنبا إلى جنب مع حركة النهضة.
وتساءل ساخرا "هل من المعقول أن يستثني الفخفاخ رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي من المشاورات ويدعو إليها بالمقابل كل من سيف الدين مخلوف وعماد دغيج عن ائتلاف الكرامة؟".
وشكك بوذينة في نجاح الفخفاخ في القيام بالإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية التي وعد بها، مؤكدا أن كتلته لن تمنحه الثقة في البرلمان.
من جانبه، اعتبر القيادي في حركة النهضة عبد الحميد الجلاصي أن الحكومة القادمة بحاجة لحزام سياسي وبرلماني واسع، وتجاوز لجميع الأحقاد الإيديولوجية والمناكفات الانتخابية بهدف ضمان نجاحها في ظل تحديات اقتصادية واجتماعية كبرى.
وأكد الجلاصي في تصريح للجزيرة نت أن مجلس شورى الحركة سيتدارس في اجتماعه القادم موقف رئيس الحكومة المكلف من إقصاء قلب تونس والدستوري الحر من مشاورات تشكيل الحكومة، داعيا إياه للتراجع عن موقفه من باب تغليب المصلحة الوطنية وتجنيب البلاد السقوط.
النهضة وقلب تونس
وحول إمكانية خروج حركة النهضة من مشاورات تشكيل الحكومة بحال أصر الفخفاخ على عدم تشريك "قلب تونس"، لم يستبعد الجلاصي الأمر بالقول إن ما سيفرزه اجتماع شورى الحركة مفتوح على جميع الخيارات، بما فيها الانضمام لشق المعارضة.
وأمام رئيس الحكومة المكلف شهر واحد لتشكيل فريقه الوزاري، ثم عرضه على البرلمان لنيل الثقة بـ 109 أصوات على أقل تقدير من مجموع 217، وبحال لم يمنح أعضاء البرلمان الثقة للحكومة الجديدة، سيكون من حق رئيس الجمهورية حل البرلمان والدعوة لانتخابات تشريعية سابقة لأوانها.
ووصف الأمين العام لحركة الشعب زهير المغزاوي قرار رئيس الحكومة المكلف باستبعاد "قلب تونس" و"الدستوري الحر" من الائتلاف الحكومي بالمنهجية السليمة، مشددا على أن الفخفاخ من حقه أن يختار فريقه الحكومي وفق رؤيته الخاصة وبرنامج عمله.
ولفت في تصريح للجزيرة نت إلى أنه آن الأوان للخروج من وضعية "التوافق المغشوش" و"المحاصصات الحزبية" التي طغت على المشهد السياسي في البلاد منذ سنوات.
من جانبه، أقر القيادي بحزب "تحيا تونس" مروان فلفال في حديثه للجزيرة نت بضرورة توسيع الحزام البرلماني من حول حكومة إلياس الفخفاخ لتوفير ضمانات أكبر لنجاحها، خصوصا مع الأطراف التي أبدت رغبة في المشاركة، مستدركا بالمقابل إلى أن رئيس الحكومة له خياراته الخاصة ورؤيته للحكومة القادمة.