القضاء الأردني يقر عدم مسؤولية مجلس الأمة عن اتفاقية الغاز الإسرائيلي
محمود الشرعان-عمان
لم يأت قرار المحكمة الدستورية الأردنية كما أراده مجلس النواب بما يخص اتفاقية الغاز الإسرائيلي، إذ قررت المحكمة عدم مسؤولية مجلس الأمة عن الموافقة على اتفاقية الغاز المبرمة مع الاحتلال.
واعتمدت المحكمة في قرارها الصادر الاثنين على نصوص قانونية، معتبرة أن شركة الكهرباء الوطنية وإن كانت جميع أسهمها مملوكة للحكومة فإن ذلك لا يسبغ عليها صفة المؤسسات العامة، حيث لم تعد إدارتها تحت الإدارة العامة للدولة.
ووفقا للمحكمة، فإن الاتفاقيات التي تبرمها شركات مملوكة بالكامل للحكومة مع شركات أخرى لا تدخل في مفهوم الاتفاقيات التي تعنى بالصلح أو التحالف أو التجارة أو الملاحة إضافة إلى عدم كونها من الاتفاقيات التي يترتب عليها تعديل في أراضي الدولة تنقص من سيادتها أو تمس بحقوق الأردنيين.
رفض نيابي
وسبق أن طلب رجائي المعشر نائب رئيس الوزراء من رئاسة مجلس النواب تحويل ملف اتفاقية الغاز إلى المحكمة الدستورية في 27 مارس/آذار الماضي، بيد أن الرد النيابي جاء واضحا بعد تصويت جماعي برفض الاتفاقية.
ورد رئيس مجلس النواب عاطف الطراونة على المعشر بأن "الشعب يرفض الاتفاقية وعلى الحكومة إلغاؤها مهما كان قرار المحكمة".
وقال الطراونة للجزيرة نت إن القرار قانوني لا نقاش به، غير أن مجلس النواب الأردني رافض اتفاقية الغاز، موضحا أن النواب يرفضون الاتفاقية سياسيا، وأن المجلس يمتلك أدوات دستورية لإيقاف الاتفاقية.
من جهته، أكد عضو لجنة الإصلاح النيابية، نقيب المحامين السابق صالح العرموطي أن دور المحكمة الدستورية هو فحص دستورية القوانين والاتفاقيات، وليس إبداء رأي قانوني.
وأوضح العرموطي للجزيرة نت أن سؤال الحكومة للمحكمة الدستورية مضلل، متهما المحكمة بإعطاء قرار دون الاطلاع على الاتفاقية التي كان يجب على الحكومة تزويدها بها.
ضمانات أميركية
وتنص الاتفاقية على تزويد الأردن بالغاز لمدة 15 عاما بقيمة تصل إلى نحو 15 مليار دولار، مما اعتبر مبلغا كبيرا في ظل انخفاض أسعار الغاز عالميا وتوفر المصادر البديلة.
وتضمنت الاتفاقية شروطا جزائية تصل إلى 1.5 مليار دولار في حال إلغاء الاتفاقية وعدم الاحتكام للقانون الأردني.
وقدمت الشركة الأميركية الوسيطة "نوبل إينرجي" في الاتفاقية ضمانات بأن الأردن لن يتخلى عن الصفقة بضمان تحويل بعض أموال المساعدات الأميركية المخصصة للمملكة إلى إسرائيل، في حال تخلفت الشركة الأردنية بالدفع أو توقيف التنفيذ.
وتواجه الاتفاقية رفضا شعبيا واسعا، سبقته احتجاجات حزبية ونقابية، كان آخرها اعتصام العشرات أمام أحد مواقع إنشاء أنبوب الغاز شمال الأردن، إلا أن الأجهزة الأمنية منعت الاعتصام.
ويرى المنسق العام للحملة الوطنية الأردنية لإسقاط اتفاقية الغاز هشام البستاني أن "المحكمة الدستورية زجت بنفسها في موضوع سياسي ليس لها علاقة به".
ويشير البستاني في حديث للجزيرة نت إلى المادة 33 من الدستور الأردني الفقرة (ب) التي تقول إن "المعاهدات والاتفاقات التي يترتب عليها تحميل خزانة الدولة شيئا من النفقات أو مساس في حقوق الأردنيين العامة أو الخاصة لا تكون نافذة إلا إذا وافق عليها مجلس الأمة".
وأوضح المنسق أن الأردن اليوم أمام موقفين، فإما الاهتمام بالمصالح الإسرائيلية على حساب المملكة أو الانحياز لمصالح الأردن وشعبه، حسب قوله.
وتزامن قرار المحكمة مع إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو نيته ضم منطقة غور الأردن وشمال البحر الميت في الضفة الغربية في حال أعيد انتخابه.
وقال رئيس الوزراء الأردني عمر الرزاز إن الإعلان يشكّل تهديدا حقيقيا لمستقبل عملية السلام، ومن شأنه أن يؤجج الصراع ويصاعد وتيرة العنف في المنطقة، ويشكل خرقا واضحا للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية.