تحقيق أممي يدعو إلى فرض حصار اقتصادي على جيش ميانمار

صهيب جاسم-جاكرتا
دعا اليوم فريق التحقيق الدولي المستقل بشأن ميانمار، المجتمع الدولي إلى قطع علاقاته مع جيش ميانمار وشركاته الكثيرة التي يسيطر ويعتمد عليها.
وقال الفريق في تقرير جديد له صدر في جنيف وجاكرتا اليوم إن "إيرادات جيش ميانمار من أعماله التجارية المحلية والخارجية تعزز من قدرته على التورط في انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان في ظل حصانة يتمتع بها في بلاده".
ويعرض التقرير -بشكل لم يسبق أن ذكر في وثيقة تحقيق دولية مماثلة- العلاقة بين الجيش وأعماله التجارية وعلاقاته بشركات أجنبية وشركات حول العالم تورد له السلاح والتقنيات العسكرية "لدعم عملياته الوحشية ضد المجموعات الإثنية والتي تعد جرائم خطيرة في ميزان القانون الدولي دون رقابة مدنية أو أي مساءلة".

ودعا فريق التحقيق مجلس الأمن وأعضاء المنظمة الدولية إلى فرض عقوبات محددة بحق الشركات التي يديرها جيش ميانمار المعروف باسم "تاتمادو"، والتعامل في المقابل مع شركات ميانمارية لا ارتباط لها بالجيش.
فرض حصار
كما طالب التقرير بفرض حصار على توريد السلاح لميانمار، مشيرا بالاسم إلى 14 شركة أجنبية من سبع دول باعت للجيش الميانماري عربات مسلحة أو مدرعة وسفنا حربية وأنظمة صاروخية وطائرات مقاتلة، وذلك منذ عام 2016 الذي شهد وما بعده من أعوام حسب التقرير "انتهاكات لحقوق الإنسان واسعة ومنظمة بحق المدنيين في ولايات كاتشين وتشين وريكاين -أراكان- بما في ذلك التهجير القسري لأكثر من 700 ألف روهينغي إلى بنغلاديش".
وكشف التقرير بشكل مفصل عن أسماء الشركات الأجنبية المصنعة للسلاح الذي يستخدمه جيش ميانمار من سبع دول، وهي شركات خمس من الصين، وشركتان من كل من روسيا والهند وسنغافورة، وخمس شركات أخرى من الفلبين وإسرائيل وكوريا الشمالية وأوكرانيا، وقد حدد التقرير ما الذي باعته كل شركة لميانمار.

وقال رئيس فريق التحقيق الدولي المحامي الإندونيسي مرزوقي داروسمان إن العمل بتوصيات هذا التقرير سيضعف الدعامة الاقتصادية لجيش ميانمار وسيسهم في تحجيم قدرته على التورط في انتهاكات لحقوق الإنسان من خلال عملياته العسكرية دون مساءلة أو رقابة.
شراكات عالمية
وسلط التقرير أيضا الضوء على الشركات التي يمتلكها كبار الجنرالات أو التي لهم تأثير فيها، وأبرز هذه الشركات شركة ميانمار إيكونوميك هولدينغس لميتيد (MEHL)، وشركة ميانمار الاقتصادية (MEC).
وفصل التقرير في أسماء مديري وأعضاء المجالس العليا للشركات، ومن بين الأسماء المذكورة رئيس أركان الجيش نفسه الجنرال مين أونغ لاينغ، ونائبه الجنرال سو وين، ويقول التقرير إنه لابد من تحقيق في دورهما بل ومحاكمتهما في جرائم تتعلق بإبادة جماعية وجرائم حرب وضد الإنسانية.
وأشار التقرير إلى تورط الجيش في جرائم بحق المدنيين في شمالي ميانمار على علاقة بالأنشطة التجارية للجيش، وما ارتبكه الجيش بحق الروهينغا، خصوصا ما حصل بعد الـ25 من أغسطس/آب 2017.

وتحدث التقرير عن 45 شركة ومنظمة داخل ميانمار وخارجها تبرعت بنحو 10 ملايين دولار للجيش في الأسابيع الأولى للحملة العسكرية في ولاية ريكاين -أراكان- عام 2017، ثم مولت هذه الشركات مشاريع بينها السياج الحدودي بين ميانمار وبنغلاديش لمنع الروهينغا من الرجوع إلى قراهم، في الولاية نفسها "لتعزيز مسعى الجيش لإعادة تخطيط المنطقة بشكل سيمحو دليل ارتباط الروهينغا بميانمار"، حسبما جاء في التقرير.
وطالب أحد معديه من الخبراء القانونيين بالتحقيق في دور تلك الشركات المحتمل في أي "جرائم بحق الإنسانية".
وقال الخبير القانوني في فريق التحقيق كريستوفر سيدوتي إن "الإيرادات التي تجنيها الأعمال التجارية للجيش تقوي استقلاليته عن أي رقابة من مدنيين منتخبين، وتوفر الدعم المالي لعملياته بما تحمله من انتهاكات للقانون الدولي الإنساني".
كما شدد مرزوقي داروسمان على ما يراه من أهمية إبعاد الجيش عن الأنشطة الاقتصادية وتعزيز الشراكات الأجنبية مع شركات لا علاقة لها مع الجيش، مما سيسهم في الإصلاح الاقتصادي لميانمار، ويفتح المجال لحياة اقتصادية أكثر شفافية وإنصافا ومساواة لسكان ميانمار على حد قول داروسمان.