"الإخوة الأعداء".. مرشحون جمعتهم قيم الثورة التونسية وفرقهم كرسي الرئاسة

آمال الهلالي-تونس
تفرقوا بين الأحزاب والائتلافات بعد أن رصوا الصفوف في 2014 للنضال معا ضد عودة منظومة الاستبداد في تونس، وحشدوا حينها للدفع بمرشح موحد تجتمع فيه قيم الثورة، لينقلب المشهد بعد خمس سنوات إلى منافسة شرسة من أجل الوصول لقصر قرطاج.
تغير المشهد السياسي خلال 2019 بحسب مراقبين، وتغيرت العلاقات بين المحسوبين على الخط الثوري لتصبح المجاهرة بالعداوة وتبادل الاتهامات أداة للترويج للحملات الانتخابية، والإطاحة بأصدقاء الأمس ممن قرروا خوض الانتخابات سواء بشكل مستقل أو بشكل حزبي.
المنصف المرزوقي ومحمد عبو وحمادي الجبالي وسيف الدين مخلوف وقيس سعيد، أسماء لطالما ارتبطت في ذهن التونسيين بقيم الثورة وكوّنت مجتمعة سدا منيعا ضد محاولات العودة لدائرة الاستبداد، لكنها اختارت اليوم كسر الرابط الروحي الذي جمعها وخوض الانتخابات كل بمفرده.
خلافات وحسابات
واعتبر عماد الدائمي -رئيس حملة المرشح المنصف المرزوقي- أن التنافس بين الوجوه المحسوبة على الخط الثوري فرضته طبيعة المرحلة، إذ لم تعد المسألة تتعلق بمواجهة بين قوى الثورة والثورة المضادة، حسب قوله.
وشدد الدائمي على أن الخلافات بين أصدقاء الأمس كانت أساسا بين قوى تريد أن تدفع نحو التغيير، وأخرى تريد أن تحافظ على منظومة مصالح.
ولفت إلى أن حالة التشتت السياسي التي تعيشها قوى الثورة وتصاعد الخلافات بينها في الرؤى والتصورات للحكم ولطبيعة التوافقات، حالت دون الاتفاق على مرشح واحد من المنظومة الثورية نفسها.
ويشير الدائمي إلى وجود تقدير سياسي بين جميع الأحزاب بأن تقديم مرشح للانتخابات الرئاسية من داخلها، حتى وإن لم يكن ترشحا جادا، هو وسيلة للظهور الإعلامي والسياسي لحشد الدعم وتوفير حظوظ أوفر في الانتخابات التشريعية.
وأقر مدير حملة المرزوقي بقيام حزبه باتصالات خلال الأيام الماضية مع مرشحين للرئاسة محسوبين على قوى التغيير، على غرار حمادي الجبالي وسيف الدين مخلوف، وكانت لقاءات من أجل الوصول إلى مرشح مشترك لكن لم يحصل أي اتفاق.
وأوضح أن هناك من دافع عن عدم تنازله لصالح مرشح توافقي من منظومة الثورة، خوفا من رد فعل أنصاره، بعد أن كون له قاعدة شعبية تدعمه لخوض هذا الاستحقاق وبالتالي لم يعد القرار بيده.
نرجسيات الزعامة
وكان المرشح الرئاسي حمادي الجبالي قد علق على الترشحات المتعددة لوجوه محسوبة على قوى الثورة، مؤكدا أنه قام بمبادرة شخصية انطلقت منذ ثلاث سنوات للتجميع نحو مرشح واحد، لكنه فشل بسبب ما وصفه بـ" تغليب المصالح الشخصية والزعاماتية".
ولم يخف القيادي في "ائتلاف الكرامة" -وهو تجمع لوجوه محسوبة على قوى الثورة- عبد اللطيف العلوي، ما قال إنها "نرجسيات زعامة وأمراض دكتاتورية" انتقلت عدواها من وجوه المنظومة السابقة إلى القوى الثورية.
واعتبر أن انتخابات 2019 أسالت لعاب كثير من المرشحين حتى ممن لا يملكون مؤهلات جدية أو حظوظا وافرة للفوز، متهما المنظومة القديمة بالاشتغال على تفتيت وتفريق القوى الثورية من خلال آلية سبر آراء مشبوهة نفخت في صور بعضهم.
وتابع "نحن في ائتلاف الكرامة واعون تماما بأن حالة التشتت التي تعيشها العائلة الثورية وأعداء المنظومة القديمة ستكون نتائجها وخيمة ولن تخدم إلا أعداء الثورة".
وكشف العلوي عن مفاوضات خاضها الائتلاف الذي رشح بدوره شخصية من داخله لخوض الانتخابات الرئاسية، بهدف تنازل بعض المرشحين لصالح مرشح تتوفر فيه أوفر الحظوظ ضمانا لعدم تشتت الخزان الانتخابي، لكن تم رفض مطلبهم.
وفي السياق ذاته، أعرب المرشح عن ائتلاف الكرامة للانتخابات الرئاسية، سيف الدين مخلوف، عن أسفه لفشل محاولات تجميع القوى الثورية سواء للانتخابات الرئاسية أو التشريعية.