مساواة بالإرث وعلاقات مع الأسد وحفتر.. وعود "خلافية" برئاسيات تونس

آمال الهلالي-تونس
تستعر المنافسة بين مرشحي الرئاسة في تونس بالتزامن مع اقتراب تاريخ الاستحقاق الانتخابي المقرر منتصف الشهر الحالي، في حين بدأ المرشحون باستعراض برامجهم فيما يخص إدارة الشأن المحلي والدولي حال وصولهم إلى كرسي الرئاسة.
وبعيدا عن القضايا ذات البعد التنموي والاقتصادي، أثارت وعود انتخابية للمرشحين جدلا بين الأوساط السياسية والشعبية بالنظر لحساسية بعضها وعلاقتها بصلاحيات الرئيس، فيما يتعلق بضبط السياسة الخارجية للدولة وحماية أمنها القومي.
واشترك مجموعة من المرشحين في نقاط عدة لطالما مثلت قضايا خلافية وقسمت الشارع التونسي، على غرار عودة العلاقات مع النظام السوري وفتح قناة للحوار مع اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر، فضلا عن قضية الإسلام السياسي والمساواة في الميراث.
وتعهد المرشح عبد الكريم الزبيدي حال فوزه بإعادة العلاقات مع النظام السوري وفتح سفارة لتونس في دمشق بعد سنوات من إغلاقها من قبل حكومة الترويكا والرئيس السابق المنصف المرزوقي إبان احتضان تونس لمؤتمر أصدقاء سوريا في 2012.
وفي حوار أجرته معه وكالة رويترز، برر الزبيدي قراره "بخدمة لمصالح العائلات التونسية هناك ولفك العزلة على الشعب السوري ورفع التنسيق الأمني".
بدوره تعهد المرشح محسن مرزوق بإعادة العلاقات الدبلوماسية مع نظام الأسد، والأمر نفسه مع حفتر، مشددا خلال حضوره في أحد البرامج التلفزيونية على أنه يرفض دخول تونس في سياسة المحاور.
وسبق أن التقى الأمين العام لحركة مشروع تونس رفقة مجموعة من قيادات حزبه حفتر في مدينة بنغازي، وأثارت تلك الزيارة حفيظة شق من التونسيين.
وفي معرض حديث مرشح حركة "تحيا تونس" يوسف الشاهد عن أولويات برنامجه الانتخابي، وعد بفتح جميع قنوات الحوار مع الأطراف الليبية في الشرق والغرب، داعيا إلى ضرورة الخروج على ما أسماه "الحياد السلبي" للدبلوماسية التونسية.
على صعيد آخر، وعد بعض المرشحين باجتثاث الإسلام السياسي حال وصولهم إلى سدة الحكم وبمحاربة كل أشكاله، حيث أكد مرشح حزب "البديل" مهدي جمعة أنه لا مكان للإسلام السياسي في تونس، نافيا أي تحالف ممكن مع حركة النهضة حاضرا ومستقبلا.
بدورها توعدت رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسى، التي تعد امتدادا لفلول الرئيس المخلوع بن علي وتجاهر باستمرار بعدائها للثورة، بمحاربة الإسلام السياسي المتمثل حسب قولها في حركة النهضة، مبررة ذلك بتعارضه مع الديمقراطية.
وأكدت أنها ستضع حدا لرئيس الحركة راشد الغنوشي وستقوم بحل حركة النهضة ومحاكمة قياداتها بتهم تتعلق بالإرهاب فور فوزها برئاسة الجمهورية.
في المقابل، اعتبر عضو مجلس شورى حركة النهضة زبير الشهودي إقحام حزبه في البرامج الانتخابية لبعض المرشحين للرئاسة من باب "المراهقة السياسية"، مشددا في حديثه للجزيرة نت على أن محاولات إحياء الصراعات الإيديولوجية لم تعد تجذب التونسيين.
وشدد على أن أولويات رئيس الجمهورية هي ضمان وحدة التونسيين وعدم جرهم لمعارك جانبية من شأنها أن تعمق الخلافات والانقسامات داخل المجتمع وتهدد تجربة الانتقال الديمقراطي.
ودعا الشهودي مرشحي الرئاسة إلى مراعاة الظروف الاجتماعية والاقتصادية التي تعيشها البلاد، والعمل من خلال برامجهم الانتخابية على بلورة برامج ومبادرات تشريعية من شأنها أن تخرج تونس من أزماتها، لا أن تغرقها في قضايا حسمها الشعب والبرلمان.
المساواة بالميراث
على صعيد متصل، مثلت قضية المساواة في الميراث نقطة التقاء العديد من المرشحين للرئاسة الذين تعهدوا باستكمال ما بدأه الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي، والعمل على تمرير المبادرة التشريعية في هذا الخصوص التي ظلت حبيسة أروقة البرلمان.
ومن بين هؤلاء المرشحين محمد عبو ويوسف الشاهد وعبيد البريكي وحمة الهمامي ومهدي جمعة وعبد الكريم الزبيدي ومحسن مرزوق وسلمى اللومي.
سخرية ونقد
ومثلت الوعود الانتخابية لمرشحي الرئاسة مادة للسخرية والتندر حينا، والانتقاد والهجوم حينا آخر، بين ناشطي منصات التواصل الاجتماعي، واصفين إياها بالوعود الكاذبة وغير قابلة للتطبيق.
وتساءل الناشط تركي بوزازي في تدوينة له "من يصدق الوعود الانتخابية لمن وعد وأخلف من الذين مارسوا الحكم؟ لا يلدغ العاقل من جحر مرتين".
وتعليقا على وعود بعض المرشحين بإعادة العلاقات مع النظام السوري دون منصف الشيلي "أبشر يا بشار.. أصبحت إعادة العلاقات مع نظامك الطائفي القبيح مشروعا وطنيا تونسيا لانتخاب الرئيس.. هل ثمة أكثر من هذا رخص ومهانة".
من جانبه، انتقد الإعلامي أيمن حرباوي بشكل ساخر اختيار بعض التونسيين لمرشحي الرئاسة على أساس عدائهم "لإخوان تونس" وموقفهم الرافض للمساواة في الميراث، بدل البرامج والرؤى.
واعتبر الناشط السياسي طارق الكحلاوي أن حديث المرشح يوسف الشاهد، الذي لا يزال يحتفظ بصفته رئيسا للحكومة، عن فتح خط مع حفتر من شأنه أن يخلق أزمة مع حكومة طرابلس والمدن المجاورة لتونس.
يشار إلى أن 26 مرشحا بحسب ما أعلنته هيئة الانتخابات يستعدون مطلع الشهر القادم لبدء حملاتهم الانتخابية بشكل رسمي، وسط دعوات لوسائل الإعلام إلى التزام الحياد وضمان تكافؤ فرص المرشحين دون انحياز لمرشح على حساب آخر.