نيويورك تايمز: كيف يمكن إنقاذ الأمازون من الحرائق؟

كتب روبيرتو مانغابيرا أونغر وزير الشؤون الإستراتيجية البرازيلي السابق والأستاذ بجامعة هارفارد الأميركية حاليا، مقالا بصحيفة نيويورك تايمز تناول فيه رؤيته لإنقاذ غابات الأمازون المطيرة من الدمار الهائل الذي تتعرض له جراء اشتعال الحرائق فيها أخيرا.
وحذر أونغر من أن الحرائق المشتعلة حاليا بغابات الأمازون ستؤدي إلى تردي بيئتها، مما ينذر بتناقص كميات الأكسجين ومعدلات تساقط الأمطار، وارتفاع درجات الحرارة.
وأنحى باللائمة في تلك الحرائق على سلوك البشر، واصفا منطقة الأمازون بأنها أكبر مستودع للمياه العذبة والتنوع البيئي في العالم.
وتُعرف غابات الأمازون على أنها "رئة الأرض"، إذ تبلغ مساحتها نحو 5.5 ملايين كيلومتر مربع، وتعتبر من أهم المناطق لمواجهة ظاهرة الاحتباس الحراري.

حرائق قياسية
ويضيف الكاتب أن هذه الغابات تعرضت منذ بداية العام الجاري لأكثر من 75 ألف حريق، وهو رقم قياسي يسجل زيادة بنسبة 84% على الحرائق التي اندلعت في هذه الغابات العام الماضي.
واعتبر أن بداية المشكلة في الأمازون تكمن في حيازة الأرض في تلك الولاية الواقعة في الركن الشمالي الغربي من البرازيل، مشيرا إلى أن أقل من 10% من الأراضي التي بحوزة القطاع الخاص لديها سندات ملكية.
ونوه الكاتب بأن لا أحد يعرف ما إذا كانت تلك الأراضي مملوكة لأحد من الناس الأمر الذي يجعل نهبها ووضع اليد عليها مربحا أكثر من المحافظة عليها أو تعميرها.
وللتغلب على تلك الفوضى، لا بد من التمييز بين من أقاموا عشوائيا لفترة طويلة في الأمازون بغرض العيش فيها، وبين مربي الماشية والحطّابين "اللصوص". ويقترح أونغر منح السكان العشوائيين حقوق الملكية الكاملة لتلك الأراضي.
ويشير إلى أن ولاية الأمازون البرازيلية تعتبر موئلا كبيرا للأشجار، وفيها يعيش ويعمل زهاء ثلاثين مليون شخص. واستنادا إلى هذه المعلومة، فإن الوزير البرازيلي السابق يشدد على ضرورة أن تبقى تلك الأشجار منتصبة ولا ينبغي قطعها.

سياسات خاطئة
وفي سبيل ذلك، يجب تزويد سكان الأمازون بالوسائل التي تعينهم على استغلال بيئتها والمحافظة عليها.
إن الكارثة التي حلت بالأمازون ما هي -برأي أونغر- إلا نتاج سياسة توجيه خاطئة، فالبرازيل لم تستثمر كثيرا في سكان تلك الولاية بل ظلت تعوِّل أكثر على إنتاج المحاصيل والسلع وتصديرها.
وشدد المسؤول البرازيلي السابق على أن الوسيلة الوحيدة لإنقاذ أولئك السكان والغابات تكمن في اقتصاد المعرفة.
إن ابتكار وسائل تقنية وطرق جديدة لتنظيم المشاريع واستحداث صياغات قانونية بغية التوصل إلى حلول نهائية لمشكلة حيازة الأراضي في الأمازون، كلها كفيلة بأن تتيح حصادا مستداما للغابات المدارية المطيرة بخواصها المتباينة واستخدام محاصيلها مصادرَ لإنتاج عقاقير جديدة وأنواع أخرى من موارد الطاقة البديلة.
ولتحقيق تلك الغاية فإن الأمر يستوجب توفير خدمات بيئية فنية في ولاية الأمازون التي تعد أكبر من أوروبا الغربية من حيث المساحة.
وينصح كاتب المقال المجتمع الدولي ألا يطلب من البرازيل تحويل 61% من أراضيه إلى حديقة عالمية، وألا يتوقع من الشعب البرازيلي أن يكون ممتنا للدروس التي دأبت الدول الأوروبية على تلقينها له، وهو الذي تمكن بالفعل من المحافظة على نحو 80% من الأشجار في القسم الخاص به من الأمازون.
واجب عالمي
ويمضي أونغر إلى القول -بلهجة مشوبة بالتحدي والغضب- إن إنقاذ غابات الأمازون مشروع من واجب البرازيل صياغته وتنفيذه، وعلى العالم -بدءا من مجموعة السبع التي تعهدت للتو بتقديم عشرين مليون دولار مساعدات للطوارئ- واجب دعمه.
ويضيف أن على المجتمع الدولي أن يقدم يد المساعدة للبرازيل دون أن يحتقر سيادتها، "فبدلا من الاكتفاء بالمساعدة في إطفاء الحرائق، أعينونا على التوصل إلى اكتشافات واختراعات من أجل مستقبل أفضل".
ويختم أونغر مقاله بالتشديد على أن البرازيليين -إلى جانب بقية العالم- بحاجة فورية إلى بدائل أكثر من حاجتهم إلى المواساة.