استقالة وزيرة وتنحية مدير الأمن.. ثمار جديدة يجنيها الحراك الجزائري

Students carry national flags and banners during a protest demanding social and economic reforms, as well as the departure of the country's ruling elite in Algiers, Algeria August 20, 2019. REUTERS/Ramzi Boudina
رحيل رموز بوتفليقة من بين مطالب الحراك الجزائري (رويترز)

فاطمة حمدي-الجزائر

أثارت استقالة وزيرة الثقافة الجزائرية في الحكومة المؤقتة مريم مرداسي جدلا واسعا، باعتبارها الانسحاب الأوّل في تاريخ الوزراء بالبلاد بسبب خلل وقع في قطاع حكومي، بين من رآها إحدى الثمار المبكرة للحراك ومن اعتبرها مجرد تهدئة للشارع الساخط في عز الحراك.

"شكرا لسولكينغ الذي اختصر لنا مراحل لإزاحة المرفوضة"، هكذا ردّدها رواد مواقع التواصل الاجتماعي، الذين اعتبروا أن من إيجابيات حفل المغني العالمي ذي الأصول الجزائرية عبد الرؤوف دراجي، تنحية مرداسي.

"المرفوضة"، كما سمتها الأغلبية في الجزائر، لقب ظل لصيقا بمريم مرداسي منذ استدعائها من قبل رئيس الوزراء نور الدين بدوي لتولي مهمة تسيير وزارة الثقافة، لتتوالى بعدها المطالبات برحيلها وتنحيتها.

إنجاز "سولكينغ"
ورغم المناداة باسمها في أكثر من جمعة والمطالبة برحيلها بعد ما اعتبرها الجزائريون تصريحات مستفزة وجهتها في مختلف لقاءاتها الصحفية، فإن مريم مرداسي ترفض واقع أنها ضمن حكومة لا يقبلها الشعب، واصفة نفسها بـ"المقبولة التي تخدم وطنها"، وهو ما لم يتقبّله مواطنوها.

ويرى الإعلامي المختص في الشأن الثقافي عبد الكريم سكّار أن استقالة مرداسي جاءت متأخرة لأن "الخطيئة ارتكبت في حق هذا المنصب الذي أسند إليها"، معتبرا أن "وزارة الثقافة من بين الوزارات الأكثر حساسية وقد تم الاستهزاء بها".

إعلان

هزّ حفل مغني الرّاب ذي الصيت العالمي "سولكينغ" بالعاصمة كراسي ثلاثة مسؤولين، كان أولهم مدير الديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة بن الشيخ حسين سامي الذي عين من قبل الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة بقرار رئاسي قبل سنوات، وتمت تنحيته بإمضاء نور الدين بدوي.

وتوالت العقوبات لتزيح عبد القادر قارة بوهدبة من منصبه مديرا عاما للأمن ليعين رئيس الدولة المؤقت عبد القادر بن صالح السيد أونيسي خليفة خلفا له، كرد فعل آخر "للواقعة" ذاتها التي راح ضحيتها خمسة شباب أغلبهم قصّر.

وقد التزمت وزيرة الثقافة الصمت إلى حين بث خبر قبول بن صالح استقالتها، وفي هذا السياق ترى الصحافية المهتمّة بالشأن الثقافي آسيا شلابي في حديثها للجزيرة نت أن "مرداسي لم تستقل بل طلب منها المغادرة أي أقيلت، فلو كان في نيتها الرحيل لما تأخرت يومين في إعلان ذلك".

وأضافت شلابي "لا يمكن في ظل الظرف الخاص الذي تعيشه الجزائر أن تتم إقالتها كون أن الرئيس المؤقت لا يملك صلاحيات تعديل أو تغيير الحكومة حسب الدستور خاصة بعد أن تمت إقالة وزير العدل مؤخرا وما تبع القرار من ضجة".

‪وزيرة الثقافة الجزائرية المستقيلة مريم مرداسي‬ (صفحة وزارة الثقافة في فيسبوك)
‪وزيرة الثقافة الجزائرية المستقيلة مريم مرداسي‬ (صفحة وزارة الثقافة في فيسبوك)

عهد جديد
ويرى المتفائلون من رحيل مرداسي وقبلها عدد من المسؤولين، أن ما يحصل مجرد تمهيد لرحيل رئيس الوزراء نور الدين بدوي وحكومته، في حين تتساءل البقية عن مصير البلاد "التي بدأت بالمحاسبة قبل أن يتغير النظام الذي يطالب به الحراك منذ 22 فبراير/شباط الماضي".

وتوقع عبد الكريم سكار أن تكون مرداسي "الحبة الأولى التي تسقط في سلسلة الحكومة"، مضيفا "أدركت السلطة جيدا أن الشعب أصبح ينظر للأمور من عل وأنه صاحب القرار وقد أعاد الجزائريون بحراكهم الأمور إلى طبيعتها بأن السلطة للشعب".

وأشار في تصريحه للجزيرة نت إلى أنه بعد الحراك الشعبي أصبح من غير الممكن تغطية العجز أو القفز على الأخطاء وتجاهلها، وأضاف "حان الوقت لتجاوز تسييس الثقافة نحو مفهوم ثقافة الدولة والشعب".

وبين الاستقالات والإقالات، يواصل الجزائريون حراكهم رافعين شعارات التغيير الجذري للنظام، آملين في مستقبل سياسي وثقافي واقتصادي أفضل مرددين "الشعب يريد الاستقلال".."اقتصاديا.. فكريا.. اجتماعيا.." إلخ.

المصدر : الجزيرة

إعلان