هل تعزز إقالة المستشارين الثقة بالقيادة الفلسطينية؟

23/8/2019
عوض الرجوب-الخليل
في نهاية يوم عمل شاق جلس الفلسطيني عبد القادر قزاز متعبا يضرب كفا بكف على مكتبه في الشركة التي يعمل بها، ثم بدأ في جرد عمل اليوم ليس عدًّا للأموال التي حصل عليها، إنما لفرز الشيكات المُعادة من البنوك لعدم وجود رصيد في حسابات أصحابها.
يقول عبد القادر الذي يعمل مندوبا في شركة لبيع المواد الغذائية منذ خمسة وعشرين عاما، إنه لم يمر بظروف اقتصادية أسوأ من التي يمر بها اليوم. وأرجع السبب إلى توقف الحكومة عن صرف كامل رواتب موظفيها خلال الأشهر الستة الماضية.
يجري عبد القادر اتصالاته مع أصحاب الشيكات، بعضهم يجيب على الهاتف ويبرر تقصيره بالوضع العام، وآخرون لا يلقون بالا للاتصال.
لا تقنع مبررات السلطة الفلسطينية بصرف جزء من الراتب التاجر قزاز، فهو يقول إن طبقة من كبار المستفيدين في السلطة لم تتأثر بالوضع العام، وما زالت مشاريعها وسفرياتها مستمرة، معتبرا أن إقالة الرئيس الفلسطيني لمستشاريه إقرار بوجود مشكلة وبداية للحل.

إساءة استخدام السلطة
فقد أنهى الرئيس الفلسطيني محمود عباس -الاثنين الماضي- خدمات كافة مستشاريه، وألغى العمل بالقرارات والعقود المتعلقة بهم، وإيقاف الحقوق والامتيازات المترتبة على اعتبارهم مستشارين.
كما قرر عباس إلزام رئيس وأعضاء الحكومة السابعة عشرة بإعادة مبالغ مالية كانوا تقاضوها زيادة على رواتبهم خلال فترة توليهم مناصبهم، وأخرى بدل إيجار.
إعلان
ويتقاضى مستشارو الرئيس بين ثلاثة وخمسة آلاف دولار شهريا، يضاف إليها نفقات ومصاريف أخرى ومهمات خارجية.
واعتبر التاجر الفلسطيني قرار الرئيس تصحيحا لأخطاء سابقة، مطالبا إياه بالاستمرار في محاربة الفساد، وإيقاف إجراءات تزيد من معاناة الناس وخاصة بعض الضرائب.
ورحب الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة (أمان) بتوجهات الرئيس الفلسطيني "للحد من إساءة استخدام السلطة للحصول على مكاسب وامتيازات خارج أحكام القانون"، ومع ذلك طالب "بتشكيل لجنة مهنية محايدة للتحقيق وكشف الحقيقة كاملة، وتقوم بمساءلة الأطراف المتورطة في إقرار الزيادة في رواتب الوزراء".
ولتعزيز صمود المواطنين وإعادة الثقة بالحكومة، طالب الائتلاف "بإقرار ونشر خطة تقشف شاملة وتشاركية تعكس توجهات وإرادة جدية للترشيد".
قناعة رأس الهرم
من جهته، يستبعد المحلل الفلسطيني عادل شديد أن تكون خطوة الرئيس عباس جاءت ضمن خطة ممنهجة لمكافحة الفساد، كما يستبعد أن تكون خطوة عابرة.
ويقول في حديث للجزيرة نت، إن ما جرى يعكس قناعة رأس الهرم ممثلا بالرئيس بوجود حالة مؤسسة من الفساد يدفع هو ثمنها من جهة، والبدء فعلا بإجراءات لمحاربة هذا الفساد من جهة ثانية، معتبرا أن الخطوة قد لا تعزز الثقة بمؤسسة الرئاسة، لكنها تخفف الاحتقان في الشارع الفلسطيني وتمتص غضبه.
واعتبر شديد أن مسألة تعزيز الثقة تتطلب خطوات تطبق على الأرض يرى المواطن أثرها، ومن ذلك الحد من سطوة مجموعة صغيرة على الوظائف أو القطاعات الاقتصادية واحتكار السوق.
وأظهرت شكاوى تلقتها هيئة مكافحة الفساد، أن القطاع العام يحتل المرتبة الأولى من حيث عدد الشكاوى المتعلقة بالفساد التي تلقتها خلال 2018، تليها الهيئات المحلية.

خطوة ترقيعية
بدوره، لا يرى الناشط في مكافحة الفساد فايز السويطي في قرارات الرئيس سوى "خطوة ترقيعية ارتجالية" دون خطة شاملة أو إرادة سياسية وخطط وبرامج لإصلاح الفساد، رافضا اعتبار قرار إقالة المستشارين محاربة للفساد.
ويضيف السويطي الذي يترأس جمعية "يدا بيد نحو وطن خالٍ من الفساد" ويحاكم في عدة قضايا بسبب منشورات له عن الفساد، أن الفساد عمّ القطاعات السياسية والإدارية والمالية والإعلامية وحتى القضائية.
واعتبر أن الشارع الفلسطيني قطع شوطا من خلال شبكات التواصل في مراقبة الحكومة والقطاع العام ونشر الفساد أو التبليغ عنه.
إعلان
وأظهرت نتائج اسـتطلاع الرأي الـذي نفـذه ائتـلاف أمان في عام 2018 أن وسائل التواصل الاجتماعي كانت أكثر وسائل الإعلام فعالية برأي 63% مـن عينة البحث.
المصدر : الجزيرة