هكذا يُعامل حراس الأقصى.. قصص اشتباك "الرجبي" مع الاحتلال

لم يكن حارس الأقصى عمران الرجبي (33 عاما) يعلم أن ورديته ظهر الخميس ستكون مختلفة، وأن زيّ الحراس الذي ارتداه ستمزقه رصاصة إسرائيلية، لتملأ دماؤه ساحات المسجد الشريف، قريبا من دماء الصبيين نسيم أبو رومي وحمودة الشيخ اللذان استشهد أحدهما وأصيب الآخر بعد تنفيذهما عملية طعن الخميس الماضي قرب باب السلسلة (أحد أبواب الأقصى) وأسفرت عن إصابة في صفوف شرطة الاحتلال.
التقت الجزيرة نت الرجبي "أبو سمير" على سرير الشفاء بمشفى المقاصد بالقدس المحتلة، بعد عملية جراحية لاستخراج الرصاصة التي اخترقت فخذه اليسرى.
يستذكر لحظة إصابته فيقول إنه كان يجلس على كرسيّ بمكان حراسته الملاصق لباب السلسة من الداخل، بعد السادسة عصرا بعشر دقائق، وإذ بصوت صراخ دفعه لاستطلاع ما يجري خارج الباب، أجزاء من الثانية لم يكمل فيها وقوفه حتى شعر بكرة من اللهب في فخذه أجبرته على الركض المتعرج نحو مصطبة "دار القرآن" المقابلة، ليستوعب بعدها أنه أصيب برصاصة أسالت دمه.
ممدا على سريره يكمل الرجبي فيقول "عندما وصلنا إلى مشفى المقاصد كانت شرطة الاحتلال بانتظاري أيضا في قسم الطوارئ، وحاولوا منع عائلتي من لقائي، كما دخلوا معي إلى غرفة تصوير الأشعة وغرف المرضى للتحقيق معي".
عصر ذلك اليوم أقيمت الصلاة في مصلى باب الرحمة فجاء أحد عناصر شرطة الاحتلال وبدأ بتصوير المكان والمصلين، فاعترضت إحدى النسوة فدخل إلى المصلى بحذائه مستفزا.
يقول الرجبي "كنت أحرس المكان وشهدت على استفزاز الشرطي، فبدأت بتصويره بهاتفي وطلبت منه أن يخلع حذاءه بعيدا عن سجاد المصلى الطاهر، لكنه رفض وكسر هاتفي واستدعى تعزيزات شرطيّة، هجموا علي وألقوني أرضا وقيدوني واقتادوني حافيا نحو مركز الشرطة، ذات الشرطيّ المعتدي لف القيد الحديديّ حول معصميّ متعمدا حتى برز مفصل أصبعي الإبهام، ألم لا يمكن وصفه، حققوا معي بعد ذلك وأبعدوني خمسة أيام عن الأقصى".

لا يُكْلَمُ جسد عمران فحسب، بل قلبه أيضا، يبرر ذلك بأنه يرى منكر الاحتلال في الأقصى ولا يملك أحيانا أن يغيره إلا بقلبه. يتابع بحزن "وصلنا لمرحلة لا نتمكن فيها من أداء عملنا أو السيطرة على شيء في الأقصى".
ويؤكد الرجبي أن صلوات المستوطنين في الأقصى باتت علنية، يترنحون وينبطحون أرضا ويرفعون أصواتهم بالترانيم.
يتحتم على حارس الأقصى أن يُبلغ إدارته في "مكتب الأحوال" عن أي تجاوز أو خرق لقوانين المسجد، لكنه حين يبدأ بالحديث عبر جهاز الاتصال اللاسلكي ترمقه أعين شرطة الاحتلال ويُساءل متهما بتهديد أمنهم.
ويسرد الرجبي بعض المواقف ممتعضا من حال الأقصى وحراسه "يُمنع على المجندات والشرطيات الإناث الوجود والعمل بالمسجد الأقصى، رصدتُ تمركز إحداهن قرب مصلى البراق وحين قمت بتبليغ إدارتي عنها أراد عناصر الشرطة اعتقالي، وقاموا بإبقائها والتعزيز بأخرى نكاية بي، يقومون أيضا بتمديد فترة فتح باب المغاربة أمام السياح والمستوطنين وفقا لأهوائهم، مرة أخرجت سائحتين من الأقصى رفضتا ارتداء ملابس محتشمة فوق جسدهما شبه العاري، فتهجم عليّ أحد عناصر الشرطة وأصر على إدخالهما".
ينظر إلى الضمادات حول فخذه ويختم قائلا "ما قدمته قليل أمام من جازفوا بأرواحهم وحرياتهم فداء للأقصى".