مسيرات الموظفين والطلبة.. الحشد القسري لاستفتاء مصر

يحق لنحو 61 مليون مصري الإدلاء بأصواتهم في اللجان الانتخابية. تصوير المراسل
المؤسسات الحكومية والخاصة حشدت موظفيها بالإكراه في مسيرات نحو مقرات الاستفتاء على الدستور (الجزيرة)
دعاء عبد اللطيف-القاهرة

يحمل أحد مؤسسة صحفية حكومية لافتة تربط بين تأييد التعديلات الدستورية وتحقيق المستقبل الأفضل، في وقت يبتسم فيه لكاميرات الإعلام التي تتابع مسيرته مع باقي موظفي الشركة إلى لجنة الاقتراع.

ربما ذلك الموظف غير متأكد من كون الاستفتاء على التعديلات الدستورية، التي بدأت في مصر مطلع الأسبوع الجاري، سيحقق له المستقبل الأفضل، لكنه يعرف جيدا أن تخلفه عن تلك المسيرة سيكلفه خصما من راتبه.

وفي مشهد يبدو احتفاليا أكثر منه انتخابيا، انتظمت صفوف الموظفين أمام لجان الاقتراع خلال أيام الاستفتاء الثلاثة التي انتهت اليوم الاثنين.

وعلى أنغام الأغاني الوطنية والطبول الشعبية، توافد موظفو الشركات الحكومية وطلاب الكليات والمعاهد العليا على اللجان الانتخابية، حاملين لافتات التأييد للتعديلات الدستورية.

اللافت أن توافد هذه الفئات لم يكن بشكل فردي بل تم تنظيمه في شكل مسيرات تنطلق من مكان العمل أو الدراسة إلى لجنة الاقتراع، وبعضها يختار الترجل، في حين يتم نقل موظفين آخرين عبر حافلات تابعة لوزارة النقل أو لجهة العمل.

أيضا تكرر مشهد تصدّر رئيس الهيئة الحكومية أو الكيان التعليمي لمسيرة مرؤوسيه أو طلابه.

وتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي نسخا من بيانات أصدرتها الجهات الحكومية تلزم الموظفين بالإدلاء بأصواتهم في التعديلات الدستورية، على أن يوقع جزاء تجاه المخالفين بالخصم من رواتبهم.

توجيهات بالمشاركة
وقبل بدء الاستفتاء على التعديلات الدستورية، انطلقت تصريحات مسؤولي المصالح الحكومية والتعليمية للحث على المشاركة الانتخابية.

فقد اعتبر رئيس مجلس إدارة الهيئة القومية للبريد عصام الصغير المشاركة في استفتاء التعديلات الدستورية واجبا وطنيا، مشيرا إلى ضرورة التصويت لاستكمال ما وصفها بمسيرة التنمية والبناء والاستقرار.

ودعا الصغير جميع العاملين بالبريد المصري البالغ عددهم 50 ألف موظف، للمشاركة في الاستفتاء الدستوري.

كذلك صرح رئيس جامعة طنطا الدكتور مجدي سبع بأن طلاب الجامعة سينظمون مسيرات حاشدة إلى لجان الاستفتاء على التعديلات الدستورية من جميع كليات الجامعة، إلى جانب الطلبة المغتربين المقيمين بالمدن الجامعية.

وأضاف أن الجامعة اتخذت كافة الإجراءات التي من شأنها السماح للعاملين بالمشاركة فيما وصفه بالاستحقاق الديمقراطي.

والأمور لم تتوقف عند هذا الحد، إذ بدأت الهيئات الحكومية تعلن عن إحصاءات مشاركة موظفيها.

فأعلنت شركة مياه الشرب والصرف الصحي بمحافظة الفيوم عن مشاركة 1400موظف لديها في الاستفتاء.

وصرح رئيس مجلس إدارة الشركة اللواء هشام درة بأن الشركة وفرت كل الدعم اللازم لجميع العاملين حتى تضمن مشاركتهم في الاستحقاق الدستوري، موضحا أن نسبة من أدلوا بأصواتهم تبلغ 40% من إجمالي عدد موظفي الشركة.

حشد قسري
وتبعا لعمليات الرصد التي أجراها المركز المصري لدراسات الإعلام والرأي العام "تكامل مصر" خلال أيام الاستفتاء، تم رصد حشد المصالح الحكومية والمصانع الخاصة بعض موظفيها قسريا للإدلاء بأصواتهم في الاستفتاء.

وعما إذا كانت المسيرات الموجهة تؤثر في حشد باقي المواطنين للمشاركة، أوضح رئيس المركز مصطفى خضري أن العقل الجمعي بلا شك يتأثر بهذه المشاهد، ولكن تأثره منحصر في تكوين صورة عامة عن الإقبال الوهمي.

لكن مشاهد المسيرات، وفق قول خضري للجزيرة نت، لا تؤثر في قرار المشاركة الحقيقية في الاستفتاء، مضيفا أن الأمر يحتاج لدوافع أخرى مثل الاقتناع الفكري بالمشاركة أو الاستفادة المالية والعينية.

وأردف "شاهدنا عمليات ممنهجة لحشد الناخبين بالترهيب كما حدث مع موظفي القطاع العام والمصانع الخاصة أو بتوزيع كراتين التموين والنقود على البسطاء والمحتاجين".

ويبلغ عدد إجمالي اللجان العامة للتصويت على الاستفتاء على التعديلات الدستورية 368 لجنة، وتضم 10878 مركزًا انتخابيا و13919 لجنة فرعية.

ويحق لنحو 61 مليون ناخب، منهم 30 مليونا و446 ألف سيدة، الإدلاء بأصواتهم في الاستفتاء على التعديلات الدستورية.

المصدر : الجزيرة