فرنسا وحراك الجزائر.. لاعب رئيسي أم فزاعة لمآرب أخرى؟

مواطنون جزائريون يرفضون التدخل الأجنبي. الجزائر العاصمة. وسط العاصمة بساحة البريد المركزي
الجزائريون يرفضون التدخل الأجنبي بشؤونهم الداخلية (الجزيرة)

وطلب طابو -في حديث مع الجزيرة نت- من رئيس الأركان طرد سفير فرنسا وقطع العلاقات الدبلوماسية إذا ثبت بالدليل تدخل باريس في توجيه الحراك الشعبي، لأن الوظيفة الرسمية للمؤسسة العسكرية حماية البلاد من أي تدخل أجنبي.

واعتبر أن الحديث عن المؤامرات الخارجية "تجاوزه الزمن" واستعمالها حجة لمنع الحراك يبين أن "رئيس أركان الجيش يحمي العصابة التي تحدث عنها، أكثر من حمايته للبلاد".

من جانبه، يعتقد الكاتب السعيد جاب الخير أن لفرنسا مصالح اقتصادية مع الجزائر لكن ليس لها مصلحة بالتدخل في المرحلة الحالية، واعتبر -في حديثه للجزيرة نت- أن "خطاب قايد صالح عن التدخل الفرنسي لا يعبر عن حقيقة الواقع وهو موجه للتهويل والتخويف".

ولا يتقاسم الإعلامي حسان زهار نفس الرأي مع طابو وجاب الخير، فهو يرى أن كل الإشارات التي وجهها الجيش ناحية اتهام فرنسا بالتدخل ومحاولة عرقلة مسار التحرر الوطني صحيحة، وقال للجزيرة نت إن فرنسا "تسعى لاسترجاع سيطرتها على الجزائر، بعد أن فقدت على ما يبدو أدوات تحكمها في الجيش الجزائري الذي عاد مجددا إلى حضن الشعب بعد أن تخلى على من يسمون ضباط فرنسا".

غير أن جاب الخير يصنف رئيس أركان الجيش ضمن "التيار العروبي".

دبلوماسية.. استخبارات
إشارة قايد صالح لباريس دون تسميتها يبرره أستاذ علم الاجتماع السياسي نوري دريس بالحديث عن فرنسا غير الرسمية التي تدار عن طريق شبكات سرية، وذلك بناء على معلومات استخباراتية تختلف عن موقف فرنسا الرسمي الذي تبنى لهجة دبلوماسية.

وسارعت فرنسا -عن طريق وزير خارجيتها جان إيف لودريان- إلى التعبير عن ثقتها في مواصلة الجزائريين لمساعيهم في الانتقال الديمقراطي، وجاء ذلك بعد ساعات من استقالة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة.

فرنسا اكتفت بلغة دبلوماسية في تعليقها على حراك الجزائر (الجزيرة)
فرنسا اكتفت بلغة دبلوماسية في تعليقها على حراك الجزائر (الجزيرة)

ولم يستبعد نوري تدخل فرنسا بكل الطرق الشرعية وغير الشرعية لحماية مصالحها ومحاولة توجيه دفة الحراك الشعبي لما يخدمها، بينما يعتقد الكاتب جاب الخير أن اليد الفرنسية غير موجودة في الحراك وموجودة كمصالح. 

التهويل المصاحب لخطاب قايد صالح على منصات التواصل سيسقط إذا تم التأكد من أن لفرنسا مخططات في الجزائر وتعمل لتجسيدها -وفق نوري- وبهذا "يصبح كلام رئيس أركان الجيش قريبا من الحقيقة، لأنه لا توجد مصلحة شخصية من وراء خطابه".

ويعتقد أستاذ علم الاجتماع السياسي أن استمرار الأزمة يفتح الباب للتدخل الأجنبي، ولذلك يجب الاستجابة لمطالب الشعب وإيجاد حل في وقت قصير يفوت على الأيادي الخارجية فرصة التدخل.

الحراك وفرنسا
ومنذ بدء الحراك الشعبي الجزائري حرصت فرنسا على التعليق على المستجدات التي تشهدها البلاد، مما أثار ردود أفعال قوية من قبل نشطاء مواقع التواصل وأحزاب من المعارضة.

ويعتبر طابو أن فرنسا من بين مساندي السلطة الحاكمة بالجزائر خلال كل الفترات، وتحاول دائما حماية مصالحها، كما سبق لها أن وظفت ملف صحة بوتفليقة مع مسؤولين بالسلطة للتستر على فضائح مالية.

واعتبر أن "الأيادي الأجنبية التي تنشط في الجزائر إماراتية وسعودية بتواطؤ فرنسا".

ويرى نوري أن "توجه الجزائر للاستقلال عن فرنسا اقتصاديا وثقافيا يضر مصالحها، وكل حالة عدم استقرار بالجزائر تخدم الأجندة الفرنسية".

بينما يعتقد زهار أن "فرنسا في ورطة كبيرة" لأنها خائفة من فقدان السيطرة على الجزائر الذي سيؤدي بالضرورة إلى فقدان السيطرة على باقي الدول الأفريقية، والتأثير على مصالحها الإستراتيجية.

هذا الارتباك يدفع فرنسا -وفقا لزهار- إلى تحريك القوى الموالية لها داخل الجزائر للعمل على عدم الذهاب إلى الانتخابات لأن تلك القوى لا تملك فرصة للفوز، وتريد أن تستلم الحكم مباشرة عبر تكرار سيناريو التسعينيات.

المصدر : الجزيرة