"يوم الكرامة" في الجزائر.. حشود كبيرة تتصدرها النساء

epa07422225 Algerians protest against the fifth term of Abdelaziz Bouteflika in Algiers, Algeria, 08 March 2019. Algerian authorities on 01 March braced for what are expected to be the largest protests in the Algerian capital in over a decade. Several protests and rallies were held in Algeria since Bouteflika serving as the president since 1999, announced he will be running for a fifth term in presidential elections scheduled for 18 April 2019. EPA-EFE/MOHAMED MESSARA
أعداد المتظاهرين أكثر بكثير من الجمعتين السابقتين (الأوروبية)

تظاهرت حشود كبيرة بالعاصمة الجزائرية في الجمعة الثالثة على التوالي رفضا لترشح الرئيس بوتفليقة لعهدة خامسة رغم تحذير الأخير يوم الخميس من "فوضى" و"فتنة"، مما يشير إلى رفضه التراجع عن ترشحه.

وبدت المظاهرات أكبر من مظاهرات الجمعتين السابقتين في العاصمة الجزائرية. ورغم إيقاف السلطات وسائل النقل العامة، وصل محتجون بأعداد كبيرة إلى قلب العاصمة للمشاركة في المظاهرات تحت شعار "يوم الكرامة".

وغصت ساحة "البريد المركزي" الكبرى وسط العاصمة بالحشود، وكذلك أحد المحاور الرئيسية الموصلة إليها والشوارع الكبيرة المجاورة. وقدرت صحيفة "الوطن" الجزائرية عدد المتظاهرين بأكثر من مليون متظاهر في العاصمة.

وأعلنت الشرطة في بيان عن اعتقال 195 شخصا وسط العاصمة وصفتهم "بالمنحرفين الذين كانوا يريدون القيام بأعمال تخريب". وأضاف البيان أن 112 من أفراد الأمن أصيبوا بجروح خلال المظاهرات.

نساء يرتدين "الحايك"
وشهدت المظاهرات خلال اليوم الذي وافق يوم المرأة العالمي مشاركة غير مسبوقة للنساء الجزائريات اللاتي ارتدين "الحايك"، وهو لباس تقليدي جزائري كان منتشرا في القرن الماضي ثم انحصر ارتداؤه خاصة في المدن.

ورددت المتظاهرات "الجزائر بلاد الشهداء والحرائر"، كما استنكرن في لافتاتهن ما اعتبرنها "عمالة محيط الرئيس لصالح فرنسا".

ورغم الرسالة التي وجهها بوتفليقة الخميس للمرأة الجزائرية والتي اشتملت على عبارات التهنئة، فإن ذلك لم يقنع مئات الآلاف من النساء اللائي نزلن إلى الميادين تعبيرا عن رفضهن لاستمراره "يوما واحدا زيادة على عهدته الرابعة".

انسحاب أمني
وانسحب رجال الشرطة لأول مرة بسياراتهم بشكل شبه كامل من الساحات الرئيسية على عكس المسيرات السابقة، في خطوة اعتبرها المحتجون انتصارا للديمقراطية في البلاد. واكتفى عناصر الشرطة المنتشرون بكثافة بمراقبة الحشد، وذلك قبل أن تبدأ شاحنات في الساحة بالانسحاب منها.

وعند كل مرور لمروحية الأمن فوق الحشد كان المحتجون يطلقون صيحات استهجان ويصفرون ملوحين بالعلم الجزائري.

وكانت أغلبية المظاهرات السابقة سلمية وبلا حوادث، باستثناء بعض المواجهات بين مجموعات صغيرة وقوات الأمن.

من ناحية أخرى، قالت وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية إن المحتجين يطالبون "بتغيير النظام"، بعدما ذكرت في تغطية سابقة أن الاحتجاجات تطالب "بالتغيير السياسي".

وبحلول المساء عاد أغلب المحتجين إلى ديارهم تاركين خلفهم بعض الشبان الذين اشتبكوا مع عناصر الأمن أثناء محاولات للاقتراب من قصر الرئاسة.

مدن أخرى تتظاهر
كما نظمت مظاهرات سلمية أخرى في باقي أنحاء البلاد، خصوصا في وهران (غرب) وقسنطينة (شرق) ثاني وثالث أكبر مدن الجزائر، بحسب موقع "كل شيء عن الجزائر" الإخباري الذي تحدث عن مظاهرة كبيرة أيضا في بجاية بمنطقة القبائل الكبرى (شرق).

وبدا أن الجزائريين لم يهتموا كثيرا بالرسالة التي وجهها إليهم الرئيس بوتفليقة (82 عاما) الموجود في سويسرا منذ عشرة أيام لإجراء "فحوصات دورية"، دون الإعلان عن موعد عودته.

وكان بوتفليقة قد حذر في رسالته بمناسبة يوم المرأة العالمي من "الفتنة" و"الفوضى"، ودعا "إلى الحذر والحيطة من اختراق هذا التعبير السلمي من طرف أي فئة غادرة داخلية أو أجنبية (…) قد تؤدي إلى إثارة الفتنة وإشاعة الفوضى وما ينجر عنها من أزمات وويلات".

وتعني الرسالة عمليا أن رئيس الدولة -الذي يعاني من تداعيات جلطة دماغية أصيب بها عام 2013- لا ينوي التخلي عن الترشح لولاية خامسة في انتخابات 18 أبريل/نيسان المقبل.

وقال سائق سيارة أجرة مساء الخميس إن القادة "لن يتراجعوا بسهولة، لكننا أيضا لن نتراجع".

ويتحدث جزائريون علنا وبكثافة على مواقع التواصل الاجتماعي عن الاحتجاج، وعن نفاد صبرهم.

وانتشر على شبكات التواصل الاجتماعي وسم "حراك_8_مارس" في الأيام الأخيرة الداعي إلى تعبئة كبيرة في كل المناطق الجزائرية.

التوصيات الـ18 للمتظاهرين
كما انتشرت عبر الإنترنت "التوصيات الـ18 لمتظاهري الثامن من مارس (آذار)" التي تؤكد الطابع السلمي للتظاهر، وتدعو المحتجين إلى جعل يوم الجمعة "يوم احتفال"، والتزود "بالمحبة والإيمان والأعلام الجزائرية والورود".

وبين هذه التوصيات التي وضعها الشاعر والكاتب لزهاري لبتر "سلميا وبهدوء سأسير"، و"لن أرد على أي استفزاز"، و"سأعزل المخربين وأسلمهم للشرطة"، و"لن أرمي حجارة واحدة ولن أكسر زجاجا واحدا"، و"بعد المسيرة (..) سأنظف الشوارع".

شارات خضراء
كما نظمت عبر شبكات التواصل الاجتماعي مجموعات "الشارات الخضراء" المؤلفة من متطوعين يتولون على الأرض توجيه المحتجين وتأطيرهم لتجنب كل تدافع وتقديم الإسعافات الأولية، خصوصا في حال إطلاق غاز مدمع، ثم تنظيف الشوارع بعد المظاهرات.

وفي بعض الأحياء على مشارف العاصمة، نظم أصحاب سيارات عمليات نقل لمن يرغبون في التظاهر وسط العاصمة، بسبب توقف عمل بعض خطوط المترو و"الترامواي" الجمعة.

وقالت سميرة قادة عبر فيسبوك "نريد أن تكون هذه الجمعة (…) يوم احتفال.. ارتدوا أجمل ثيابكم، وكونوا جميلين لأجل الجزائر كي تفخر بأبنائها". 

المصدر : الجزيرة + وكالات