واشنطن بوست: حملة البشير الراهنة في القمع قد تكون الأخيرة

يفيد تحليل في صحيفة واشنطن بوست بأن حملة القمع التي يقوم بها الرئيس السوداني عمر البشير -الذي حكم البلاد 30 عاما- ضد المحتجين على نظامه، قد تكون الأخيرة.
ويشير التحليل الذي اشترك في كتابته كل من محمد عثمان وماكس بيراك -رئيس مكتب أفريقيا في نيروبي- إلى الاحتجاجات المتواصلة في الشارع السوداني منذ ثلاثة أشهر دون كلل أو ملل.
ويضيف أن المحتجين يطالبون البشير بالتنحي عن السلطة، وأن "الرئيس السوداني المتسلط" كان أمامه خياران:
فإما أن يشرع بالإصلاحات التي قد تقلل من الشعور بالضيق الاقتصادي والقمع السياسي الذي يقضي على حياة العديد من السودانيين، أو أن يضاعف من القوة الوحشية التي حافظت على حكمه منذ ثلاثة عقود.
ويقول الكاتبان إن البشير اختار الخيار الثاني، معلنا حالة الطوارئ لمدة عام، وهو ما من شأنه أن يعطي قواته الأمنية قوة غير محدودة تقريبا لسحق الاحتجاجات، التي تعتبر غير قانونية من الناحية الفنية الآن.

تصاعد حدة الاحتجاجات
ويضيف التحليل أن خطوات البشير الأخيرة هذه لم تؤد إلا إلى تصاعد حدة الاحتجاجات.
ويرى كثيرون في الشارع السوداني أن قرار البشير الذي اتخذه الأسبوع الماضي كان خطأ تقليديا يكرره الدكتاتوريون اليائسون في خضم آلامهم النهائية، وأن القرار يزيد من آمال السودانيين في أن هذه هي الأيام الأخيرة للرئيس البشير.
وينسب الكاتبان إلى الناطق باسم تجمع المهنيين السودانيين -الذي يقود الاحتجاجات- صلاح شعيب، القول "إن الخطوة الأخيرة للبشير ليست سوى محاولة للبقاء في السلطة من أجل تجنب المحاكمة على الجرائم التي ارتكبها".
ويضيف شعيب "سنستمر في الكفاح من أجل التخلص من النظام وإعادة بناء البلاد بمؤسسات ديمقراطية جديدة".

فرصة الإطاحة بالبشير
ويشير التحليل إلى أن الرئيس البشير (75 عاما) تعرض لتحديات من موجات الاحتجاجات على مدى العقود الثلاثة الماضية، ولكن أيا منها لم تقترب من فرصة الإطاحة به مثل الاضطرابات الحالية.
ويؤكد الكاتبان على أن خطوة البشير الأخيرة من شأنها أن تؤدي إلى تصعيد العنف أكثر من أي وقت مضى.
وتقول جماعات حقوق الإنسان إن أكثر من خمسين شخصا قتلوا على أيدي قوات الأمن منذ بدء الاحتجاجات في منتصف ديسمبر/كانون الأول الماضي، إضافة إلى احتجاز السلطات آلافا غيرهم.
ويشير التحليل إلى أن من بين المعتقلين إلى أجل غير مسمى شخصيات بارزة في المعارضة ومحامين وأطباء وصحفيين، يتم اعتقالهم في مجموعة من مراكز الاحتجاز التابعة لإدارة المخابرات السودانية.

توسع مطالب المحتجين
ويضيف الكاتبان أن الاحتجاجات بدأت في أعقاب الزيادة المفاجئة في أسعار المواد الغذائية الأساسية مثل الطحين، غير أن مطالب المحتجين توسعت بسرعة لتبلغ الإطاحة بالبشير.
ويشير التحليل إلى أن البشير بدوره حاول تعزيز سلطته، فإلى جانب فرضه حالة الطوارئ، قام بحل حكومات الولايات والحكومات الفدرالية، ليحل محل جميع حكام الولايات السودانية -البالغ عددهم 18- ضباط من الجيش.
وطالب البشير البرلمان بتأجيل النظر في التعديلات الدستورية المطروحة، والتي من بينها تعديل يسمح باستمراره في السلطة.
ويضيف التحليل أن أفراد قوات الأمن السوداني -حتى قبل إعلان حالة الطوارئ- كانوا يتمتعون بالحصانة من الملاحقة القضائية، كما تتوقع جماعات حقوق إنسان أن تزيد القوات الأمنية السودانية من قبضتها القمعية في الأسابيع المقبلة.
قمع وتعذيب
وينسب الكاتبان إلى جيهان هنري المديرة المساعدة لأفريقيا في هيومن رايتس ووتش، القول إن قوانين الطوارئ الأخيرة في السودان لحظر الاحتجاجات تمثل إشكالية كبيرة، مضيفة أنه "يجب على قادة السودان أن يأمروا القوات بالتوقف عن استخدام القوة المفرطة ضد المتظاهرين، والتحقيق في جميع حالات القتل المبلغ عنها والضرب والتعذيب وسوء المعاملة حتى الآن".
ويضيف التحليل أن مؤيدي البشير الأجانب يعيشون حالة من الحذر إزاء ما يجري في السودان، ففي الماضي كان البشير يتلقى مساعدات مالية من بعض الدول الخليجية ودعما من مصر وروسيا، غير أن هؤلاء الحلفاء لم يفعلوا سوى القليل وقدموا له بيانات دعم غامضة.
ويشير الكاتبان إلى أن الحكومات الغربية -التي بدأت تنمية الفرص الاقتصادية في السودان وتقديم الاستثمارات الضرورية للبلاد- أصدرت بيانا شديد اللهجة في هذا السياق.
وأصدرت دول غربية -هي الولايات المتحدة وبريطانيا والنرويج- بيانا مشتركا، أبدت فيه قلقها من العنف الذي شاب الاحتجاجات التي يشهدها السودان.
نتائج عكسية
ويرى الكاتبان أن حل البشير الحكومة خلق مساحة شغلها شركاؤه المقربون.
ويضيف التحليل أن الواضح هو أن محاولة البشير إخراج المتظاهرين من الشوارع بمراسيم جديدة قد أسفرت عن نتائج عكسية، على الأقل في الوقت الراهن.
ويقول رشيد بخيت الذي شارك بانتظام في الاحتجاجات بالخرطوم: "إن اتخاذ هذه الإجراءات في هذا الوقت هو مؤشر واضح على أن النظام يزداد ضعفا"، مضيفا أن "من الواضح أن الحكومة ليس لديها أي استجابة لمطالبنا".