أشرف زكي.. نقيب للممثلين أم ذراع للسلطة بمصر؟

الجزيرة نت–القاهرة
حالة من الجدل أثارها قرار نقيب المهن التمثيلية في مصر أشرف زكي بفصل الفنانين عمرو واكد وخالد أبو النجا من النقابة، واتهامهما "بالخيانة العظمى"، وذلك بعد مشاركتهما في جلسة بالكونغرس الأميركي حول انتهاكات حقوق الإنسان في مصر والتعديلات الدستورية المقترحة، التي تسمح بتمديد ولاية السيسي حتى عام 2034، وتضع الجيش فوق الدولة بصفته حاميا للدستور ومدنية الدولة.
أشرف زكي برر القرار بأن واكد وأبو النجا "توجها دون توكيل من الإرادة الشعبية لقوى خارجية واستقويا بها على الإرادة الشعبية واستبقا قراراتها لتحريكها في اتجاه مساند لأجندة المتآمرين على أمن واستقرار مصر"، وفق ما ورد في قرار الفصل.
وعلق أبو النجا على قرار النقابة بالقول "كنت أتمنى من السيد النقيب الاتصال بنا قبل الاندفاع بهذا القرار المتسرع دون التحري"، في حين تحدث واكد عمن وصفهم "بمخبري النقابة"، وقال إن القرار "انتهاك صارخ لحقوق عضوين وضرب الحائط بقوانين النقابة وتدخل غير مفهوم في اختيارات الأعضاء السياسية".
القرار المتعجل الذي يخالف لوائح النقابة بضرورة التحقيق والإنذار قبل الفصل، والاتهامات بالخيانة والاستقواء بالخارج، أمور يراها البعض متسقة مع مسيرة زكي الموالي للسلطة على طول الخط، وتدفع للتساؤل عن استخدام العمل النقابي في تصفية الحسابات السياسية.
|
|
نقيب بأوامر عليا
32 عاما هي الفترة التي قضاها أشرف زكي في العمل النقابي، لكنه استطاع أن يتقلد منصب "النقيب" عام 2003 خلفا للفنان الشهير يوسف شعبان، الذي كان يتمتع بشعبية جارفة وقتها.
شعبان اتهم أشرف زكي بأنه استطاع الحصول على المنصب بمساندة وزير الإعلام وقتها أنس الفقي، الذي استدعى رؤساء فرق الفنون الشعبية المؤثرين، وأصدر لهم أوامر بإعطاء أصواتهم لأشرف زكي، ليحصل وقتها يوسف شعبان على أصوات كبار الفنانين والنجوم فقط، بينما نجح زكي عبر "التربيطات" الانتخابية وحشد أعضاء الفرق الفنية، ليصبح ذراع السلطة في بسط المزيد من الهيمنة على الوسط الفني.
وبفضل علاقته بالوزير القوي أنس الفقي، أصبح أشرف زكي مستشار وزير الإعلام لشؤون الإنتاج الفني والدرامي داخل التلفزيون الحكومي.
نجح زكي في حشد أبرز الممثلين لتأييد الرئيس الأسبق حسني مبارك، ففي 28 سبتمبر/أيلول 2010 استقبل مبارك مجموعة من الممثلين تجسد مختلف الأجيال، على رأسهم يحيى الفخراني ومحمود ياسين وحسين فهمي وعزت العلايلي ويسرا ومنى زكي ومنة شلبي ونيللي كريم، وبالطبع نقيب الممثلين أشرف زكي.
الثورة والانقلاب
مع اندلاع ثورة يناير/كانون الثاني 2011، وانضمام عدد من الممثلين لها، على رأسهم خالد أبو النجا وعمرو واكد وخالد الصاوي وخالد النبوي، نظم زكي مظاهرة تأييد لمبارك شارك فيها عدد من الممثلين، في مقدمتهم غادة عبد الرازق، في ميدان مصطفى محمود، الذي كان مقرا لمؤيدي مبارك وقتها، وحاول زكي منع الممثلين من المشاركة في مظاهرات الثورة بميدان التحرير، وفق ما كشفته الممثلة حنان مطاوع في لقاءات تلفزيونية.
بعد رحيل مبارك في 11 فبراير/شباط 2011، وفي الشهر ذاته، تم اختيار أشرف زكي لرئاسة جهاز السينما، إلا أنه أيضا واجه اعتراضا من العاملين في الجهاز وطالبوا برحيله، وبالفعل استقال زكي، وقال إن "المناخ العام غير صالح للعمل"، مؤكدا أنه لن يترشح في انتخابات رئاسة نقابة المهن التمثيلية المقبلة، وسيكتفي فقط بالتدريس في المعهد العالي للفنون المسرحية.
لكن زكي الذي وعد بعدم الترشح لمنصب النقيب مرة أخرى تحت ضغط الثورة، عاد عام 2015 ليصبح نقيبا للممثلين خلفا لأشرف عبد الغفور، وذلك بعدما تراجعت أسهم ثورة يناير وأصبحت "مؤامرة"، ونجح الرئيس عبد الفتاح السيسي في إنقاذ مصر منها، وفق ما يتداوله الإعلام المصري حاليا.
وكالعادة، لم يكتف زكي بمنصب النقيب، فما هي إلا أشهر قليلة حتى تم اختياره عميدا للمعهد العالي للفنون المسرحية بأكاديمية الفنون.
زكي ممثلا
رغم مشاركة أشرف زكي في العديد من الأعمال، فإنه لم يترك بصمة كممثل ناجح في أي عمل منها، حتى أنه اعترف في أحد لقاءاته سابقا بأنه إداري أفضل منه كموهبة فنية، وهو ما يجعله يميل للدور النقابي، فزكي شارك في عدة أعمال فنية مثل كلبش وعوالم خفية وأبو عمر المصري والجماعة والخلية وطباخ الرئيس.
ويتهم البعض زكي باستغلال منصبه كنقيب لفرض زوجته الممثلة المغمورة روجينا على الساحة الفنية، رغم خفوت ظهورها فترات طويلة، إلا أنها عاودت الظهور مؤخرا في أعمال للممثل المثير للجدل محمد رمضان.
ففي عامي 2015 و2016 ظهرت عدة شكاوى ضد رمضان بسبب تعاقده مع أكثر من جهة إنتاجية في الوقت نفسه، ضاربا عرض الحائط الشروط التعاقدية، وبعدما تردد بأن رمضان سيخرج من السباق الرمضاني تمت تسوية الأمر دون توضيح أو تحقيق داخل النقابة بشأن إخلاله بالعقود، وهو ما ربطه البعض بمشاركة روجينا في مسلسل الأسطورة، كما شاركته مسرحية أهلا رمضان.
أداة للسلطة
قرار أشرف زكي بفصل خالد أبو النجا وعمرو واكد لم يكن قرار الفص الأول على خلفية سياسية، فقد سبقته قرارات بفصل ممثلين أعلنوا معارضة نظام الرئيس السيسي، وقدموا برامج معارضة من الخارج، وهم: هشام عبد الحميد وهشام عبد الله ومحمد شومان، لكن زكي قال إن الفصل جاء بسبب عدم تسديد الاشتراكات، مشترطا حضور العضو بنفسه لتسديد الاشتراك.
من جهتها، رأت مؤسسة حرية الفكر والتعبير أن قرارات الفصل من النقابات الفنية لأسباب سياسية وأخلاقية، كحرية التعبير وحقوق الأعضاء يخالف القانون ويحيد بالنقابة عن الأدوار المنوطة بها، ويجعل من النقابات الفنية أداة السلطة لمعاقبة المعارضين.