بعد عام من انطلاقها.. مسيرات العودة زخم جديد للمقاومة

بعد عام على انطلاق مسيرة العودة وكسر الحصار قرب السياج الأمني الفاصل بين شرقي قطاع غزة والاحتلال الإسرائيلي، يتساءل فلسطينيون حول ما إذا كان التحرك حقّق أهدافه؟ وما هي الإستراتيجية التي ينبغي اتباعها مع بدء العام الثاني بعد استشهاد 258 فلسطينيا وجرح نحو 17 ألفا آخرين؟
ويشير مراقبون إلى أن مسيرات العودة حققت إنجازات على المستوى المحلي، تتمثل في نجاحها بترسيخ ثقافة المقاومة الشعبية لدى الفلسطينيين، وتحقيق بعض التسهيلات المعيشية للقطاع على مستوى إعادة تفكيك الحصار ضمن تفاهمات التهدئة.
ويؤكد الناطق باسم مسيرات العودة أسعد أبو شرخ أن "مسيرة العودة الكبرى بأدواتها النضالية الشعبية والسلمية المشروعة أقوى رسالة للعالم لأن شعبنا متمسك بحق العودة ولن يمل المقاومة الشعبية السلمية غير العنيفة".
ويرى الكاتب والمحلل السياسي مصطفى إبراهيم أن الفلسطينيين أعادوا "المقاومة السلمية" على جدول أعمالهم، خاصة في القطاع بعد أن أخذت المقاومة فيها طابعا مسلّحا. وتابع "هذه الثقافة لم نرها في غزة خلال السنوات الماضية، وهي شكل جديد من المقاومة".
كما نجح الفلسطينيون -خلال مسيرات العودة- في الاصطفاف ضمن قرار واحد، حيث شاركت جميع الفصائل بما فيها حركة فتح (انسحبت لاحقا بسبب تداعيات الانقسام) في فعاليات هذه المسيرة.
لكن الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل يشير إلى أن الهدف المباشر والتكتيكي من المسيرات -وهو كسر الحصار عن غزة- لا زال معلقا حتى الآن رغم التسهيلات المحدودة المقدّمة.
وساهمت المسيرات أيضا في إعطاء المقاومة زخما شعبيا وجماهيريا كبيرا في صفوف الفلسطينيين.

وأما على المستوى الدولي، فقد أعادت المسيرة القضية الفلسطينية إلى الواجهة العالمية، ونجحت في إدانة إسرائيل.
وفي 22 مارس/آذار الجاري، تبنى مجلس حقوق الإنسان الأممي قرارا يدين الجيش الإسرائيلي بارتكاب جرائم ترتقي لجرائم حرب بحق المتظاهرين الفلسطينيين على حدود القطاع داعيا لتعزيز وجود الأمم المتحدة في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وقدّمت مسيرة العودة -بحسب عوكل- نموذجا للعالم أن سكان القطاع يستطيعون إدارة النضال السلمي الشعبي الهادف، وليس فقط إطلاق الصواريخ والمقاومة المسلّحة.
ويرى المحلل السياسي مصطفى الصواف أن مسيرة العودة شكّلت عملا إبداعيا في وقت كاد فيه العالم أن ينسى القضية.
وقد نجحت هذه المسيرة -وفق الصواف- في تثبيت حق الشعب الفلسطيني بالعودة للأرض التي هُجّر منها أجداده عام 1948.

إخفاقات
لكن آخرين أخذوا على المسيرة ارتفاع عدد ضحايا الاعتداءات الإسرائيلية بشكل كبير سواء من الشهداء أو الإصابات، والفشل في تجاوز حالة الانقسام السياسي الفلسطيني الداخلي والذي أثّر عليها وعلى حالة الزخم الشعبي بشكل كبير.
وجذبت هذه المسيرات انتباه العالم، وقد انطلقت للمرة الأولى قرب حدود قطاع غزة في 30 مارس/آذار من العام الماضي وتواصلت على مدى سنة لا سيما أيام الجمعة.
ويطالب المتظاهرون برفع الحصار المفروض على القطاع منذ أكثر من عقد، وحق العودة للاجئين الذين طردوا أو غادروا ديارهم لدى قيام دولة إسرائيل عام 1948.

وبلغت المواجهات ذروتها في 14 مايو/أيار عندما نقلت الولايات المتحدة سفارتها إلى القدس، وقتل يومها 62 مواطنا على الأقل برصاص إسرائيلي وأصيب المئات.
وانتقدت منظمات حقوق الإنسان تل أبيب بسبب عنف ردها على الاحتجاجات، معتبرة أن الجنود يطلقون النار على متظاهرين لا يشكلون تهديدا كبيرا.
وقال تقرير للأمم المتحدة "إن الجنود الإسرائيليين أطلقوا النار عمدا على المدنيين في ما يمكن أن يشكل جرائم حرب".