تحليل بواشنطن بوست: تقرير مولر يثير السخرية من وسائل الإعلام

قالت صحيفة واشنطن بوست إن النتيجة التي خلص إليها المدعي الخاص روبرت مولر في التحقيق الذي أجراه بشأن احتمال حصول تواطؤ بين حملة الرئيس دونالد ترامب الانتخابية وروسيا خلال انتخابات 2016 الرئاسية؛ جعل وسائل الإعلام مادة خصبة للسخرية والتندر.
ففي تحليل نشرته الصحيفة اليوم الاثنين، استهله كاتبه الصحفي بول فارهي بعبارة توجز خيبة الأمل التي سادت في أوساط كثير من وسائط الإعلام وخبرائها ومعلقيها؛ فقد ذكر فارهي أن وقت الحساب قد حان لوسائل الإعلام الرئيسية ومحلليها في الولايات المتحدة.
فبعد عامين ونيف من التغطية الإعلامية المكثفة والحوارات التلفزيونية المتواصلة بشأن تدخل روسي مزعوم في انتخابات الرئاسة الماضية؛ "دق مولر إسفينا كبيرا في كل" التكهنات حول تواطؤ محتمل.
وكان وزير العدل الأميركي وليام بار نشر الأحد ملخّصا عن التقرير المنتظر بشدّة، معلنا أن مولر لم يجد دليلا يثبت أن حملة ترامب تواطأت مع روسيا في انتخابات 2016، أو أن الرئيس سعى لعرقلة العدالة؛ لكنه لم يبرئه.
إعلام على المحك
وعلق فارهي في تحليله على ذلك بالقول إن إعلان وليام بار نزل كالصاعقة على وسائل الإعلام الرئيسية والمعلقين "ذوي الميول الليبرالية في الغالب الأعم"، ممن قضوا شهورا وهم يؤكدون في أعمدة الرأي بالصحف وبرامج التلفزيون الحوارية أن ثمة تواطؤا قد حدث.
فقد كتب المعلق السياسي مات تايبي مقالا في مجلة رولينغ ستون الأميركية -قبل يوم واحد من نشر وليام بار ملخصا لتقرير مولر- أن الأخبار التي تفيد بأن المدعي الخاص لن يصدر تهما جديدة بحق ترامب هي بمثابة "ضربة قاضية لسمعة وسائل الإعلام الأميركية".
وأضاف تايبي أن شرائح عريضة من الشعب الأميركي لن تصدق بعد اليوم التهم التي توجهها الصحافة للرئيس ترامب. وقال إن التقارير والتحليلات حول وجود تواطؤ بين ترامب وروسيا أضحت مكانها سلة النفايات، لتلحق بالأخبار "المهملة" الأخرى التي كانت تتحدث عن امتلاك العراق أسلحة دمار شامل قبل الغزو الأميركي في 2003.
ويمضي بول فارهي في مقاله بصحيفة واشنطن بوست إلى الاستشهاد بتغريدة كتبها الصحفي والمعلق السياسي غلين غرينوالد على موقع تويتر أبدى فيها امتعاضه من التغطية الإعلامية قائلا "إن العديد من الصحفيين في أجهزة الإعلام اليمينية التي طالما كانوا مثار سخرية من كبار الليبراليين، هم من انكبوا في البحث وكتابة تقارير عظيمة".
دفاع مستميت
على أن بعض أجهزة الإعلام لم تقف مكتوفة الأيدي وهي تتعرض لحملة انتقادات شرسة؛ فدافعت عن تغطياتها الإخبارية، زاعمة أن معظمها لا نزاع ولا جدال فيها، إذ أسفرت عن توجيه تهم لشخصيات مرتبطة بحملة ترامب الانتخابية وإقرارهم بالذنب.
بعد عامين ونيف من التغطية الإعلامية المكثفة والحوارات التلفزيونية المتواصلة بشأن تدخل روسي مزعوم في انتخابات الرئاسة الماضية؛ "دق مولر إسفينا كبيرا في كل" التكهنات حول تواطؤ محتمل |
وأعرب كبير محرري صحيفة "نيويورك تايمز" دين باكيت عن ارتياحه من تغطيتهم الإخبارية، قائلا "لم يكن قط جزءا من عملنا أن نقرر عدم مشروعية (قضية ما)، بل فضح تصرفات من هم في السلطة، وهذا ما ظللنا وسنظل نفعله نحن وآخرون غيرنا".
وفي حقيقة الأمر، فقد كان لكشف صحيفتي نيويورك تايمز وواشنطن بوست عن اتصالات بين عملاء روس ومستشاري حملة ترامب في 2016 دور في دفع روبرت مولر لفتح تحقيق بهذا الشأن في مايو/أيار 2017. وبفضل ذلك تقاسمت الصحيفتان جائزة بوليتزر على تغطيتهما لهذه القضية العام المنصرم.
ويقر دين باكيت بأنهم في نيويورك تايمز وغيرهم من الإعلاميين كتبوا بإسهاب حول محاولة روسيا التأثير على انتخابات الرئاسة الأميركية، عبر عمليات اختراق وقرصنة واتصالات مباشرة قام بها عملاء روس مع أناس حول ترامب، المرشح الرئاسي آنذاك.
ويؤكد أن تلك الأخبار كانت صحيحة، ولم يطرأ شيء يستدعي التشكيك في التغطية الإعلامية حول السجل المالي لدونالد ترامب، أو في استخدام مؤسسته الخيرية، أو في أي من التقارير الاستقصائية الجيدة خلال السنوات الثلاث الماضية.
تضليل إعلامي
ويقول الكاتب إنه وطبقا لإحصائية اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري أمس الأحد، فإن واشنطن بوست، ونيويورك تايمز، وموقع سي إن إن دوت كوم، وإم إس إن بي سي دوت كوم، نشرت مجتمعة 8507 مقالات تطرقت إلى التحقيق الذي يجريه المدعي الخاص.
وعلاوة على ذلك، فقد بثت شبكات الكبل الإخبارية –لا سيما سي إن إن، وإم إس إن بي سي- مئات الساعات الإضافية من البرامج الحوارية التي ناقشت موضوع التواطؤ المزعوم بين روسيا وحملة ترامب الانتخابية.
ومما لا شك فيه أن تلك التغطية شكلت عاملا مهما في صياغة رؤى الناخبين قبل انتخابات الكونغرس النصفية عام 2018، والتي أسفرت عن سيطرة نواب الحزب الديمقراطي على مقاعد مجلس النواب، وفق الكاتب.
ويختم الكاتب مقاله بقوله: غير أن النتيجة التي خلص إليها تحقيق مولر أعادت إلى الواجهة سؤالا لم ينل حظه من النقاش المستفيض: هل ضللت وسائل الإعلام الرئيسية الرأي العام في الولايات المتحدة؟