لونوفيل أوبسرفاتور: هل يعيش العالم سيناريو مكررا لثلاثينيات القرن الماضي؟

HANOVER, GERMANY - FEBRUARY 01: A banner against Nazism is seen prior to the Bundesliga match between Hannover 96 and RB Leipzig at HDI-Arena on February 01, 2019 in Hanover, Germany. (Photo by Stuart Franklin/Bongarts/Getty Images)
فوسيل: كل المؤشرات تدل على أننا نعيش حاليا فترة مشابهة لفترة الثلاثينيات (غيتي)

ينشر -بعد غد الأربعاء في فرنسا رسميا- كتاب ميكاييل فوسيل الذي يحمل عنوان "النكسة" الذي تحدث فيه عن أحوال العالم خلال عام 1938.

تجدر الإشارة إلى أن فوسيل هو فيلسوف فرنسي مختص في الفلسفة السياسية.

وفي حوار أجرته معه صحيفة "لونوفيل أوبسرفاتور" الفرنسية، سلط فوسيل الضوء على أجواء ثلاثينيات القرن الماضي التي شهدت صعود التطرف والقومية ورهاب الأجانب، والتي تمثل جميعا أيديولوجيات نعيش على وقعها اليوم.

وتساءلت الصحيفة عما إذا كانت كل المؤشرات في الوقت الراهن تدل على أننا نعيش فترة مشابهة لفترة الثلاثينيات، ولا سيما مع تنامي ظاهرة معاداة الأجانب وتسلط الأنظمة الاستبدادية.

يتردد الآن
في هذا الصدد، يقول فوسيل إنه لا يؤمن بفكرة أن "التاريخ يعيد نفسه أو الزمان الدائري"، فالحاضر بالنسبة له يكون دائما جديدا، ولا شيء يعيد نفسه مرة أخرى، مشيرا إلى أن السؤال يتمحور حول الظروف التي ألقت بالعالم في أزمة الثلاثينات.

ورغم ذلك، فإن فوسيل يؤكد أنه ركز في كتابه على عام 1938، حيث تعمق بدراسة هذه الفترة لمدة ستة أشهر قبل أن يكتشف أن صداها يتردد في حاضرنا.

وحول ما ذكرته الصحيفة بشأن عام 1938 الذي يعد عام توقيع اتفاقية ميونيخ وضم ألمانيا للسويد وانهيار الديمقراطيات أمام تقدم النازية، أشار الفيلسوف الفرنسي إلى أن هذا ما تعلمه الناس بالمدرسة، حيث تَشوّه الديمقراطيات وهزيمة سنة 1940.

إعلان

وتحدث فوسيل عن التدابير التي اتخذت ضد اللاجئين بفرنسا منذ مايو/أيار 1938 وتحديدا ضد اليهود الأجانب باعتبارهم يشكلون أغلبية اللاجئين في فرنسا الذين قدموا من ألمانيا، وبولندا، والنمسا (منذ عملية آنشلوس، التي ضمت خلالها ألمانيا جارتها النمسا).

فوسيل: يبدو حاليا أن حكومات الدول الغربية، تتخذ عن حسن نية إجراءات موجهة للدفاع عن الديمقراطية يخشى أن تنتهي، كما حدث في عام 1938، بتمهيد الطريق للأيديولوجيات ذاتها التي تدعي محاربتها

رهاب الأجانب
أما بالنسبة للسؤال الأصلي المتعلق بمجالات المقارنة بين عام 1938 (الثلاثينيات عموما) واليوم، فقد أجاب فوسيل بأن عام 2018 ليس 1938، إذ تختلف الأحداث، والعلاقات بين القوى الدولية، ومخاطر الحرب بشكل جذري، كما تغير شكل الرأسمالية وطريقة الحكم أيضا.

ومع ذلك، هناك تشابه واضح، فقد لاحظ فوسيل توظيف الطريقة ذاتها في توزيع المسؤوليات والتنديد، وتحويل القضية الاجتماعية إلى مخاوف متعلقة بالهوية، واعتبار الأمة حلا لجميع المشاكل.

ففي عام 1938، لم يدر الحديث عن "بديل عظيم"، لكن أدان كُتاب الأعمدة آنذاك بالفعل جحافل اللاجئين -أي اليهود- الذين يهددون فرنسا.

وخلص فوسيل إلى أنه يبدو حاليا أن حكومات الدول الغربية، تتخذ عن حسن نية إجراءات موجهة للدفاع عن الديمقراطية يخشى أن تنتهي -كما حدث في عام 1938- بتمهيد الطريق للأيديولوجيات ذاتها التي تدعي محاربتها.

وتعقيبا على ذلك، وجهت الصحيفة سؤالا للفيلسوف فوسيل حول إمكانية تقديم كل من الرؤوساء الفرنسيين ساركوزي وهولاند وماكرون تعهدات للخطابات القائمة على رهاب الأجانب؟

أجاب فوسيل -مستنكرا- كيف يمكن ألا تذكرنا "جريمة التضامن" -وهو مصطلح يُستخدم للتنديد بمحاكمة وإدانة أولئك الذين يساعدون الأجانب في وضع غير قانوني بفرنسا- بالقانون الذي سنّه نيكولا ساركوزي؟

ويضيف "ألا يُذكرنا تجريد الأجانب من جنسيتهم بإسقاط الجنسية الذي اقترحه فرانسوا هولاند؟ أنا ألاحظ خطرا كبيرا في الرغبة الحالية لإخفاء الفرق بين اليسار واليمين لصالح المعارضة بين الشعبوية والتقدمية. وقد انتبهت إلى وجود هذه الرغبة في تجاوز الفصل بين اليسار واليمين، عام 1938، التي تسببت في فوضى عارمة".

إعلان

وزيران يهوديان استُبعدا من عشاء رسمي
علق فوسيل على إشارة الصحيفة إلى أن أبرز جزء في كتابه هو الذي يتطرق إلى زيارة وزير الشؤون الخارجية الألماني ريبنتروب، الذي استُقبل في باريس بحفاوة من طرف جورج بوني، وزير الشؤون الخارجية الراديكالي وأحد أبرز أعمدة نظام الفاشية.

وقال فوسيل: "كنت حذرا، لأن (حنة) آردنت -المنظرة السياسية اليهودية من أصل ألماني المتوفاة 1975م- ذكرت في كتابها حول الشمولية، أنه خلال هذا الاجتماع، اقترح جورج بوني على نظيره النازي ترحيل آلاف عديدة من اليهود الأجانب الموجودين في فرنسا إلى مستعمرة ما" (ربما تكون مدغشقر).

وأضاف فوسيل بأن الصحافة لم تذكر هذه النقطة، لكن الأرشيفات الألمانية تشير إلى أن ريبنتروب أخبر هتلر بذلك عندما عاد إلى برلين، لكن حدث أمر آخر مساء العشاء الرسمي.

وبناء على طلب ريبنتروب، أستُبعد وزيران يهوديان وهما مانديل وزاي من هذه المناسبة. ولم تُقدم سوى الصحافة اليسارية هذه المعلومة.

واختتمت الصحيفة حوارها بسؤال حول الحكمة التي يُمكن لفوسيل استخلاصها من عام 1938. وكان رده أن "حيوية الفصل بين اليسار واليمين، التي تقوم على استخدام العقل بدلا من التأثير، هي أفضل طريقة لمواجهة الفاشية".

المصدر : الصحافة الفرنسية

إعلان