فورين بوليسي: اليمين المتطرف يختبئ داخل غرف الإنترنت المظلم

يقول باحث نرويجي إن تنامي هجمات التطرف اليميني حول العالم خلال العقود الثلاثة الماضية يصدر من المجتمعات الخاصة على الإنترنت، وإن التهديد الحقيقي لهذا اليمين يأتي من الذئاب المنفردة التي تختبئ في الزوايا البعيدة داخل غرف الإنترنت المظلم.
ويوضح الدكتور والباحث في مركز الأبحاث بشأن التطرف في جامعة أوسلو بالنرويج جايكوب رافندال في مقال له بمجلة فورين بوليسي الأميركية أنه من المستحيل استمرار مجموعة يمينية متطرفة وبطموحات إرهابية في الديمقراطيات الغربية بسبب الرقابة وانعدام الدعم الخارجي وانعدام الملاذات الآمنة، الأمر الذي يضطر المتطرفين اليمينيين إلى العمل السري كذئاب منفردة.
وعزز رافندال وجهة النظر القائلة باستحالة نجاح "العمل الإرهابي الجماعي" داخل الديمقراطيات الغربية بفشل مجموعة اليمين المتطرف البريطانية المسماة مجموعة العمل الوطني (ناشونال آكشن) التي يقضي قادتها ونشطاؤها أحكاما بسنوات طويلة من السجن في بريطانيا حاليا، لذلك قال إن المفتاح لفهم التهديد الإرهابي اليوم هو البحث عنها تحت الأرض.
أكثر من هجمات "المتطرفين" الإسلاميين
وأكد الكاتب أن عدد الأحداث المميتة التي تحركها معتقدات اليمين المتطرف في معظم الدول الديمقراطية الغربية يتجاوز عدد الهجمات التي يحفزها "التطرف الإسلامي".
وقال رافندال إن الهجوم الإرهابي على المسجدين في نيوزيلندا يثير تساؤلا عما إذا كانت هناك حركة سرية تضم مجموعة من الناشطين المتفانين الذين يعملون معا عبر التطبيقات المشفرة من خلال الإنترنت للإعداد للهجمات الإرهابية المستقبلية، مجيبا بأنه في الوقت الحالي يمكن تبين آثار تدل على وجود مثل هذه الشبكات الدولية بين صفوف اليمين المتطرف.
شبكات الإنترنت السرية تمثل تطورا غير مسبوق في التاريخ الحديث للإرهاب اليميني، خاصة أن مثل هذه الشبكات الإرهابية الدولية لم تكن موجودة منذ السبعينيات والثمانينيات |
وتابع أن المواقع والأماكن المخفية في عالم الإنترنت أصبحت أرضا خصبة تساعد على تنشئة المتطرفين من شتى الأصناف، ويشمل هذا مرتكب الهجوم الإرهابي في نيوزيلندا الذي أعلن عن نواياه القيام بهذا الهجوم على صفحات منتدى إلكتروني، فضلا عن بثه تفاصيل جريمته مباشرة على موقع فيسبوك.
شبكات بدول غربية
وأضاف رافندال أنه يبدو أن بعض الدول توجد على أراضيها -عن غير قصد منها- شبكات سرية متطرفة تهتم بتسهيل الحملات الإرهابية ضد الأقليات أو الأعداء السياسيين أو الحكومة، وتمتلك العديد من هذه الجماعات روابط دولية، لعل أبرزها خلية "الاشتراكيون الوطنيون تحت الأرض" الإرهابية الألمانية.
وأفاد بأن وجود مثل هذه الجماعات المتطرفة لا يقتصر على ألمانيا فقط، بل إن روسيا والولايات المتحدة وإيطاليا وفرنسا بها شبكات لليمين المتطرف السرية.
ومنذ 1990 ارتفع عدد هجمات هذا اليمين القاتلة في روسيا أكثر من أي بلد آخر، كما شهدت السويد وألمانيا عددا كبيرا من هذه الهجمات.
وقال الكاتب إن الديمقراطيات الغربية تواجه حاليا نوعين من التهديدات العنيفة من اليمين المتطرف، ففي حين يكون بعضها عفويا ومن جهات غير منظمة وباستخدام أسلحة مثل السكاكين والعصي والحجارة يكون البعض الآخر مقصودا ومخططا له من طرف خلايا مستقلة صغيرة، وعادة ما تكون باستخدام الأسلحة النارية والمتفجرات، وإن المسلمين باتوا هدفا لهذه الهجمات في السنوات الأخيرة.
وأشار رافندال إلى أنه إذا كان ما ذكره سفاح كرايست تشيرتش عن كثرة الأعضاء والمنظمات اليمينية المتطرفة التي تعمل سرا عبر الإنترنت صحيحا فإن ذلك سيمثل تطورا غير مسبوق في التاريخ الحديث للإرهاب اليميني، خاصة أن مثل هذه الشبكات الإرهابية الدولية لم تكن موجودة في السبعينيات والثمانينيات.