يتميز بأسوأ إطلالة بالعالم.. فندق ببيت لحم يجذب السياح النخبة
27/12/2019
فادي العصا-بيت لحم
لا يكاد نور الشمس يدخل غرف وممرات الفندق المحاط بجدار الفصل العنصري شمال مدينة بيت لحم بالضفة الغربية، فأربعة أمتار فقط تفصل الواجهة الشمالية للفندق عن الجدار الذي يفصل المدينة بشكل كامل عن مدينة القدس المحتلة.
منذ افتتاح فندق وولد أوف (The walled off Hotel)عام 2017، أقام في غرفه قرابة ربع مليون سائح أجنبي من مختلف دول العالم، وعنصر الجذب فيه هو إطلالته التي صُنفت على أنها الأسوأ في العالم، فالغرف تطل على الجدار الفاصل بين مدينة بيت لحم ومدينة القدس.
يحوي الفندق تسع غرف، في كل غرفة لوحات فنية ومجسمات مختلفة تحاكي حياة الفلسطينيين تحت الاحتلال. وعند مدخل الفندق ينظر السياح بشغف لمجسم جديد للفنان الايطالي بانسكي الذي تنتشر لوحاته ومجسماته داخل الفندق، وعمله الأخير يُظهر نجمة الميلاد على شكل صليب على جدار الفصل العنصري، أسفله مجسمات تحاكي ولادة المسيح عليه السلام.
وفي الجدار المقابل مجسمات لكاميرات مراقبة مختلفة يستخدمها الاحتلال لمراقبة الفلسطينيين، قبل أن تنظر بتمعن إلى مجسمات لأطفال بأجنحة خلف ظهورهم، وعلى وجوههم كمامات للوقاية من الغاز.
كل ذلك في ساحة الاستقبال وكأن المكان يقول لك: هناك المزيد. وهنا تصل إلى مدخل المتحف وعنده تلحظ مجسم بلفور وزير الخارجية البريطاني الذي وعد اليهود بإعطائهم فلسطين عام 1917.
بلفور والاحتلال
إعلان
أشعل وسام سلسع مدير الفندق الإضاءة حول المجسم، وبدأت يد مجسم بلفور تتحرك في محاكاة لتوقيعه على وعده الذي أوصل الفلسطينيين لما يعيشونه اليوم. وحول المجسم علقت لافتات موجهة بالعربية والإنجليزية تقول للسياح -وخاصة من الدول الأوروبية- "إنكم سبب ما يعانيه الفلسطينيون اليوم".
تَركَنا مدير الفندق نتجول في المتحف، وأخبرنا أنه في انتظارنا في إحدى الغرف، فتحنا ساترا أسود اللون ورأينا لوحات ومجسمات تشعرك بالريبة، من كم الأسلاك الشائكة واليافطات التي تعطيك الأوامر بالتوقف والحركة، ترى مجسمات للجدار الفاصل، والأبراج العسكرية المحيطة به، والمركبات العسكرية التي تتبع جيش الاحتلال بلون رمادي كئيب.
بوابة تحاكي البوابات الحديدية على الحواجز، وأغراض الفلسطينيين المتبقية من منازلهم بعد هدمها، ومجسم جدران وطائرات تحيط بقطاع غزة، وأثواب فلسطينية مطرزة، وصور ورسومات. وتفاصيل أخرى كثيرة تراها خلال تجاولك في المتحف الذي يحتوي تفاصيل ما يعانيه الفلسطيني تحت الاحتلال.
قوة الفن للتغيير
تركْنا المكان، وتوجهنا إلى وسام الذي كان ينتظرنا في إحدى غرف الفندق، فيها منظار باتجاه النافذة التي تطل على الجدار، فأنت هنا لا ترى سوى الجدار.
يرى سلسع أن السياحة في بيت لحم تحمل طابعا دينيا، ولكنه أراد من فكرة الفندق -التي يدعمها بانسكي من خلال لوحاته ومجسماته مع فنانين فلسطينيين آخرين- أنه يمكنك جذب السياح إلى ما يعانيه الفلسطينيون، وتعيش معهم، أو مثلهم بجانب جدار يعزلك عن العالم الداخلي والخارجي.
فاجتذاب السائح الفنان أو المثقف أو المتجول لشيء جديد وغريب يكسبك زوارا من طبقات مختلفة عما تجري العادة، وهو ما حدث بالفعل، فالزائرون ليسوا سياحا للدين، وإنما مهتمون بالفن والأزياء والموسيقى وغيرها.
ويرى سلسع أن توظيف الفن بالفندق نجح في جذب عدد كبير من السياح، فالنشاطات تساهم في إيصال الصوت الفلسطيني إلى العالم، وخاصة أن الإعلام الأجنبي يعطي أفكارا مختلفة عن الشعب الفلسطيني، وهو اعلام منحاز "نحاول توصيل الصورة الفلسطينية الحقيقية للمواطنين الأجانب عسى أن يدفع ذلك دولهم لتغيير سياستها تجاه الفلسطينيين، وهنا نستخدم قوة الفن للتغيير".
إعلان
ويضيف مدير الفندق "لا نبعد سوى أربعة كيلومترات عن قلب مدينة القدس التي لا يستطيع كثير من الفلسطينيين الوصول اليها، وهنا رسالة أخرى للسياح المتنقلين بحرية أكثر من أصحاب الأرض".
ويضيف أن هناك بعدا آخر للفندق هو تشغيل أيد عاملة فلسطينية بالعشرات، فالمنطقة تركها سكانها عام 2000، وفي بناية الفندق كان هناك ثماني شقق سكنية مهجورة، تمت إعادة تأهيل المبنى ليتحول إلى فندق رغم وقوعه في منطقة ساخنة بالمواجهات وقربها من حاجز عسكري رئيسي بين بيت لحم والقدس.
المصدر : الجزيرة