تونس في عين العاصفة الليبية وزيارة أردوغان تزيد من حدة الاستقطاب
آمال الهلالي-تونس
فجرت الزيارة التي قام بها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى تونس موجة جدل في الأوساط السياسية والشعبية بين مرحب ومستنكر، وأظهرت حالة من الاستقطاب غير المسبوق فيما يتعلق بإدارة تونس للملف الليبي.
ووصل الرئيس التركي أمس الخميس إلى تونس برفقة وفد أمني وعسكري في زيارة عمل امتدت ليوم واحد، في حين استأثر ملف الصراع بين الفرقاء في ليبيا وسبل احتوائه باللقاء المشترك بين الرئيس قيس سعيد ونظيره التركي.
وأعلن أردوغان في كلمة له اليوم أن تركيا وتونس قررتا إقامة تعاون من أجل تقديم الدعم السياسي للحكومة الشرعية في ليبيا، بحسب ما نقلته وسائل إعلام رسمية تركية.
وتعد زيارة أردوغان لتونس الثانية من نوعها، حيث سبق له أن التقى بالرئيس التونسي الراحل الباجي قائد السبسي في 27 ديسمبر/كانون الثاني 2017 في زيارة عمل.
أحزاب تندد
وأعلنت أحزاب سياسية عدة، مثل حزب العمال وحركة الشعب وآفاق تونس، عن مخاوفها من دخول تونس في سياسة المحاور فيما يتعلق بالملف الليبي، مؤكدة في بيانات رسمية أن مصلحة تونس تكمن في البقاء على الحياد.
وشددت قيادات هذه الأحزاب على أن مصير تونس أمنيا و اقتصاديا مرتبط بشكل مباشر بالاستقرار في ليبيا، و بإنهاء الصراع بين الفرقاء داخلها.
ودعا الأمين العام لحركة الشعب زهير المغزاوي في حديثه للجزيرة نت الرئيس التونسي قيس سعيد إلى الالتزام بثوابت الدبلوماسية التونسية وأخذ مسافة من جميع الفرقاء الليبيين وعدم الدخول في محور إقليمي، مما قد ينعكس سلبا على أمن واستقرار تونس.
وحذر المغزاوي من إعادة تجربة الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي فيما يتعلق بالملف الليبي ومن تحويل تونس إلى منصة لإدخال السلاح لأحد الأطراف المتنازعة هناك، أو إلى فتح المجال الجوي لعمليات عسكرية في الداخل الليبي.
من جانبها، أعلنت كتلة الحزب الدستوري الحر سليلة الحزب الحاكم المنحل عن تقدمها صباح اليوم إلى رئاسة البرلمان بطلب عقد جلسة عامة استثنائية، ودعوة وزيري الشؤون الخارجية والدفاع للاستماع إليهما ومعرفة خفايا اللقاء الذي جمع بين الرئيس التركي ونظيره التونسي.
النهضة ترحب
مقابل ذلك، عبرت قيادات سياسية وحزبية عن ترحيبها بالرئيس التركي وبوقوف تونس مع الحكومة الشرعية المعترف بها دوليا في ليبيا، محذرة من التهديدات التي يمثلها حفتر ومليشياته المدعومة من أطراف خارجية، بحال وصوله إلى العاصمة الليبية وارتدادات ذلك على الأمن القومي التونسي.
ورحب القيادي بحركة النهضة ووزير الخارجية السابق، رفيق عبد السلام، في تصريح للجزيرة نت بالتعاون التونسي التركي المشترك لحلحلة الأزمة الليبية، مؤكدا أن تونس تقف مع حكومة السراج الشرعية التي تواجه، حسب وصفه، اعتداء عسكريا من قوات غير معترف بها دوليا.
واستغرب عبد السلام من وقوف أحزاب وقيادات سياسية في تونس مع فصيل عسكري متمرد وخارج عن الأطر الشرعية مستبيحا دماء الشعب الليبي بدعم وتمويل من قوى تعادي الثورات العربية وتكفر بالديمقراطية.
وأضاف "نفس هذه الأحزاب التي تستنكر اللقاء الذي جمع بين الرئيسين التركي والتونسي بحجة رفض التموقع السياسي، نجدها متورطة حد النخاع في الاصطفاف الإيديولوجي مع محاور سبق أن دعمت الانقلاب العسكري في مصر وها هي اليوم تدعم كل التوجهات الانقلابية في المنطقة".
ودعا القيادي في النهضة جميع الدول المؤمنة بأن الحل لا يكون إلا سياسيا في ليبيا، إلى التعاون مع تونس بهدف إيقاف العدوان العسكري على طرابلس، مجددا دعم بلاده للشرعية الدولية في ليبيا في إطار الحياد الإيجابي.
كما ضجت صفحات التواصل الاجتماعي في تونس بتعليقات من نشطاء وإعلاميين ونخب فكرية، أظهرت حالة من الانقسام الحاد بين مؤيد ومتوجس لزيارة أردوغان لتونس في علاقة بالملف الليبي، بينما لم يصدر عن الأحزاب الكبرى الأخرى مواقف رسمية بشأن الزيارة.