الأسرى المسيحيون بسجون الاحتلال.. مرارة داخل البيوت وصور معلقة على أشجار الميلاد

ميرفت صادق-رام الله
في بيت عائلة الأسير الفلسطيني سامر العربيد بمدينة رام الله وسط الضفة الغربية، لا شجرة للميلاد هذا العام بعد أن تزامنت الأعياد مع اعتقاله وإخضاعه للتعذيب الشديد في سجون الاحتلال الإسرائيلي.
تقول زوجته نورا العربيد إن أجواء الميلاد غابت عن أطفاله الثلاثة ووالدته المريضة، وغابت معه مظاهر الاحتفال بعدما اضطرت أيضا إلى إخلاء شقتهم إثر اقتحامات الاحتلال المتكررة.
في 28 سبتمبر/أيلول الماضي، وبعد يومين من اعتقاله، نُقل سامر العربيد (44 عاما) إلى مستشفى هداسا في وضع صحي خطير للغاية، نتيجة تعرضه لتعذيب شديد في مركز تحقيق المسكوبية بالقدس. وتحدثت التقارير الحقوقية عن إصابته بكسور عديدة في أضلاعه وبفشل كلوي وتحلل عضلاته نتيجة الضرب العنيف والشبح.
في ذلك اليوم، تحدثت والدته المريضة بجملة واحدة أتبعتها بالدموع وقالت "مثل المسيح صلبوه في المسكوبية". وقبل أيام من عيد الميلاد، بثت القنوات الإسرائيلية مشاهد لمثوله أمام محكمة عسكرية وقد تغيرت ملامحه جراء التعذيب الشديد.

كذلك، اختلفت أجواء عيد الميلاد هذا العام في بيت خبير الاقتصاد والتنمية الفلسطينية أُبَي عابودي الذي اعتقله الاحتلال يوم 13 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي من منزله في ضاحية كفر عقب شمال القدس المحتلة.
وأحيل عابودي إلى الاعتقال الإداري لمدة أربعة أشهر وفق ملف سري، تم تقليصها إلى شهرين مع التهديد بتوجيه لائحة اتهام بحقه قريبا. ومن المقرر أن يمثل أمام المحكمة الخميس القادم، في اليوم التالي لعيد الميلاد.
يشغل عابودي (35 عاما) منصب مدير مركز بيسان للبحوث والإنماء في رام الله، وقد وجهت مؤسسة "علماء لأجل فلسطين" نداء عالميا من أجل الإفراج عنه.
وشارك علماء بارزون من أنحاء العالم في التوقيع على بيان يدعو إسرائيل إلى إطلاق سراحه، وتضمن اقتباسا للعالم الأميركي نعوم تشومسكي. كما كان الحائز على جائزة نوبل للكيمياء جورج سميث أحد المطالبين بالإفراج عنه.
ودعا البيان إلى ضمان التحاق عابودي بمؤتمر علمي عالمي يُعقد بولاية ماساتشوستس الأميركية في يناير/كانون الثاني المقبل، وكان سيتحدث فيه عن بيئة عمل الفلسطينيين تحت الاحتلال.

علم فلسطين
وقبيل أيام من عيد الميلاد، اختارت زوجته هند عابودي الاستجابة لأطفالها خالد (5 أعوام) والتوأم غسان وباسل (3 أعوام) بتزيين شجرة الميلاد كما وعدهم والدهم. وعوضا عن الزينة، علقوا عليها صوره المطبوعة ولحظاتهم معه، واستبدلوا النجمة أعلاها بعلم فلسطين، وقالت الزوجة إن "عيدنا سيكون عند حرية أسرانا من سجون الاحتلال".
وحاولت عابودي الالتفاف على الأثر النفسي السيئ لاعتقال زوجها على أطفالها منذ اقتحام منزلهم ليلا، وذهبت بهم إلى أحد النشطاء المتقمصين لشخصية "سانتا كلوز" (بابا نويل) فقدم لهم هدايا الميلاد وظنوها مرسلة من والدهم.
وكان العربيد وعابودي من بين ستة نشطاء مسيحيين شملتهم حملة الاعتقالات التي طالت نحو 50 فلسطينيا -معظمهم من الجبهة الشعبية- في أعقاب عملية تفجير عبوة ناسفة قرب عين بوبين غربي رام الله، أدت إلى مقتل مستوطنة إسرائيلية وإصابة اثنين من عائلتها نهاية أغسطس/آب الماضي.

العيد للتضامن
في منزل عائلة الحلبي بالقدس المحتلة لم تُضأ شجرة الميلاد هذا العام، وقد تصادف اعتقال نجليها نائل وناصر منذ شهرين مع مرض والدهما، فخيمت على العيد أجواء حزينة.
قال شقيقهما رائد الحلبي إن نائل (34 عاما) وناصر (31 عاما) يخوضان تجربة الاعتقال للمرة الثالثة، وقد أمضى كلاهما ست سنوات على الأقل في السجون الإسرائيلية، إلى جانب اعتقال ابن عمهما خالد الحلبي منذ سنوات.
وتتحول أجواء عيد الميلاد في بيوت الأسرى إلى مناسبة للتضامن لا للمعايدة والفرح، كما يقول رائد. ومنذ العام 2004 غابت أجواء الميلاد العائلية في بيتهم، لكن هذه المرة كانت الأصعب بعدما تلقت العائلة قبيل العيد أخبارا عن تعرض نائل للتعذيب في مركز تحقيق المسكوبية، ومُنع محاميه من زيارته لأكثر من 45 يوما.
ولسنوات، منع الاحتلال عائلة الحلبي من زيارة أبنائها في السجون أو الاتصال بهم خلال أعياد الميلاد رغم تقدمها بطلبات لذلك، زاعما عدم وجود إثبات على مسيحية هذه العائلة "لأن أسماء أبنائها عربية".
في بيت الأسير جورج أبو غزالة برام الله، أضيئت شجرة العيد كفأل حسن للإفراج عنه، وقال والده خليل أبو غزالة "نرفع رأسنا بالأسرى ونضيء شجرة الميلاد لأجل حريتهم".
واعتقل أبو غزالة منذ شهر، ولا يزال في مركز تحقيق المسكوبية، ويتوقع أن توجه له لائحة اتهام أمام محكمة عوفر.