هل يمهد تبادل السجناء لمفاوضات مباشرة بين الحكومة الأفغانية وطالبان؟
حميد الله محمد شاه-كابل
أعلنت الحكومة الأفغانية عزمها على الإفراج عن ثلاثة من معتقلي حركة طالبان، بينهم الشقيق الأصغر لسراج الدين حقاني، زعيم شبكة حقاني ونائب زعيم حركة طالبان، وحافظ عبد الرشيد، شقيق محمد نبي عمري عضو المكتب السياسي لحركة طالبان، ومالي خان خال سراج الدين حقاني.
وقال الرئيس الأفغاني محمد أشرف غني إنه سيفرج عن السجناء -ومن بينهم أنس حقاني- من سجن باغرام، مؤكدا أن القرار "كان صعبًا ولكنه مهم"، لأنه يمهد الطريق أمام مفاوضات مباشرة بين الحكومة وطالبان، حسب تعبيره.
في المقابل، ستفرج حركة طالبان عن أستاذين غربيين يعملان بالجامعة الأميركية في كابل اختطفتهما في أغسطس/آب 2016.
وجاءت الصفقة بين الحكومة الأفغانية وطالبان بوساطة أميركية، حيث وقع المبعوث الأميركي لأفغانستان زلماي خليل زاد اتفاقية إطلاق سراح المعتقلين من سجن باغرام، في حين تعهدت طالبان ببدء مفاوضات مباشرة مع الحكومة الأفغانية.
ولا تعد هذه المرة الأولى التي تعقد فيها الحكومة الأفغانية صفقة تبادل سجناء مع حركة طالبان، حيث خطف مسلحو الحركة في 2007 الصحفي الإيطالي ماسترو جياكومو في ولاية هلمند (جنوبي البلاد)، وبعد فترة أفرج عنه مقابل إفراج الحكومة عن خمسة أعضاء في الحركة، كان بينهم أول متحدث رسمي باسمها مفتي حكيمي.
كما تمكن مسلحو طالبان في السنة ذاتها في ولاية غزني من خطف 25 منصرا كوريا كانوا قادمين من ولاية قندهار للعاصمة، واشترطت حركة طالبان مقابل الإفراج عنهم انسحاب كافة القوات الكورية من أفغانستان، إضافة إلى الحصول على فدية مالية.
وفي عام 2019، خطف مسلحو طالبان ثلاثة مهندسين هنودا كانوا يعملون لصالح الحكومة الأفغانية في مشاريع بناء السدود الكهربائية، وبعد ثلاثة أشهر أفرجت الحركة عنهم مقابل إطلاق سراح 11 من أعضاء الحركة، بينهم حكام ولايتي نورستان وفراه.
من أنس حقاني؟
أنس حقاني هو الابن الأصغر لمؤسس شبكة حقاني، وشقيق النائب الأول لزعيم حركة طالبان سراج الدين حقاني، واعتقل من قبل المخابرات الأميركية في البحرين عام 2014، وسلّم لاحقا للحكومة الأفغانية.
وتقول مصادر حكومية إن الرئيس الأفغاني محمد أشرف غني قرر الإفراج عنه بصورة مشروطة لبدء المفاوضات المباشرة بين حكومته وحركة طالبان، والحد من العنف في البلاد.
ويقول الخبير في الحركات الإسلامية وحيد مزدة إن الصفقة تمت بين الولايات المتحدة وحركة طالبان، والحكومة الأفغانية ليست معنية بالأمر لأن المخابرات الأميركية اعتقلت أنس حقاني في مطار مملكة البحرين واحتجزته في سجن باغرام الأميركي لمزيد من التحقيق نظرا لقربه من زعيم شبكة حقاني، سراج الدين حقاني.
وعندما تأكدت الولايات المتحدة أنه لا يملك معلومات كافية عن الشبكة وزعيمها سلمته للحكومة الأفغانية.
ويرى مزدة أن الإفراج عن أنس حقاني جاء نتيجة توافق أميركي مع الحركة، ولا يمكن أن يفتح الطريق إلى مفاوضات مباشرة مع الحكومة الأفغانية، لأن طالبان ترى أن وجود القوات الأميركية في أفغانستان هو العقبة الرئيسية أمام المصالحة، وما لم يتم التوافق على هذه النقطة لا يمكن للحركة الجلوس مع الحكومة الأفغانية.
ويقول الكاتب والمحلل السياسي عنايت كاكر إن هذه الصفقة كانت جزءا من مفاوضات طالبان وواشنطن، وبعد قرار الرئيس دونالد ترامب وقف المفاوضات، يمكن لتفعيل هذه الصفقة أن يحرك المياه الراكدة بين الطرفين، وأن يكون بداية جيدة لاستئناف المفاوضات، على الأقل بين واشنطن وطالبان.
ويرى كاكر أن الرئيس الأفغاني تمكن من استخدام الصفقة كورقة ضغط على المبعوث الأميركي زلماي خليل زاد، وحث طالبان على الجلوس مع الحكومة الأفغانية.
يشار إلى أن حركة طالبان لم تعلق رسميا على قرار الحكومة الأفغانية الإفراج عن ثلاثة من أعضائها، ولكن مصادر في المكتب السياسي وصفت الخطوة بأنها "إيجابية"، واعتبرت أنها "على الأقل تساعد في تقريب وجهات النظر".