واشنطن بوست: رغم الاحتجاجات العارمة البشير لن يتزحزح
تصف صحيفة واشنطن بوست الأميركية الاحتجاجات الشعبية التي تعم مدن السودان المختلفة للمطالبة باستقالة الرئيس عمر حسن البشير، بأنها تمثل تهديدا خطيرا لنظام حكمه الذي ناهز الثلاثين عاما.
وتقول في تقرير لاثنين من مراسليها في الخرطوم -هما يسرا الباقر وماكس بيراك- إن التظاهرات التي شارك فيها عشرات الآلاف من الجماهير جاءت عفوية وبدون قيادة ولا مركزية الطابع إذ لم تقتصر على العاصمة فحسب بل شملت مدنا عديدة في البلاد.
وتشير الصحيفة إلى أن الاحتجاجات حظيت بدعم من بعض حلفاء البشير السابقين وحتى أعضاء من حزبه المؤتمر الوطني الحاكم.
ويؤكد المراسلان في تقريرهما أن المتظاهرين -الذين رددوا شعارات استلهموها من احتجاجات الربيع العربي في مصر وليبيا المجاورتين- كانوا من الكثرة بحيث ملؤوا ملاعب لكرة القدم والساحة الواقعة أمام القصر الجمهوري.
قوة مطلقة
ويضيفان أنه حتى هذه اللحظة ليس هناك مؤشر على أن البشير سيتنازل عن السلطة، فقد درج على استخدام "القوة المطلقة" للصمود في وجه موجات من الاحتجاجات شهدتها البلاد خلال العقود الماضية.
ولعل هذا هو الاستنتاج الذي خلص إليه أيضا مستشار سابق للرئيس هو غازي صلاح الدين الذي لا يعتقد أن البشير سيستقيل من منصبه.
فقد نقلت واشنطن بوست في تقريرها عن صلاح الدين الذي يرأس (حركة الإصلاح الآن) المعارضة، قوله إن ما حدث مؤخرا يشكل تحولا خطيرا في مسيرة الشعب السوداني نحو الثورة.
ويضيف أنه مهما يكن من أمر، فإنه يعتقد أن البشير لن يتزحزح ولن يستقيل. فالأمر أشبه برجل وجد نفسه على ظهر أسد. فهو لن يستطيع القفز لكيلا يلتهمه الأسد.
مواقع التواصل
وتذكر الصحيفة أن الحكومة السودانية أغلقت مواقع التواصل الاجتماعي على شبكة الإنترنت في محاولة منها لاحتواء المظاهرات التي اندلعت احتجاجا على ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة.
لكن السودانيين لجؤوا بشكل واسع إلى استخدام الشبكة الخاصة الافتراضية (في بي أن) التي أتاحت لهم التواصل عبر الإنترنت وتبادل المعلومات وصور القتلى والجرحى من المتظاهرين.
وتمضي واشنطن بوست بالقول إن الاقتصاد السوداني عانى في ظل نظام البشير من هبوط مريع. فمنذ توليه السلطة في انقلاب عسكري عام 1989، أنفق البشير مليارات الدولارات على عقود عسكرية مقابل تقتير الصرف على الصحة والتعليم ومشاريع البنية التحتية.
وتنوه الصحيفة إلى أن العديد من المحتجين هم من الطلاب والمهنيين الذين تبخرت أموالهم في ظل ارتفاع معدلات التضخم.
صحراء وهجرة
وتضيف أنه إزاء تدهور الاقتصاد، اضطر آلاف السودانيين إلى المجازفة بعبور الصحراء الغربية في محاولة للهجرة إلى أوروبا.
وتقول إنه تحت وطأة الضغط الشعبي، فإن البشير قدم بعض التنازلات البسيطة. فقد أعلن الخميس الماضي زيادة رواتب العاملين في القطاع العام، وربما يوسع من مظلة التأمين الصحي.
ونسبت الصحيفة إلى محلل سياسي مستقل في الخرطوم يدعى محمد عثمان القول إن انهيارا تاما لنظام الرئيس البشير "ليس وشيكا كما أن ما ستتمخض عنه الاحتجاجات من نتائج ليس بالأمر المضمون أيضا".
ويتابع قائلا إن المسألة كلها تتوقف على ما إذا كانت الاحتجاجات ستتواصل بالزخم ذاته "فإذا كانت كذلك، فإن السيناريو الأرجح أن يحدث انقلاب في نهاية المطاف مع إدراك مزيد من رجال الأمن أن البشير أصبح يمثل عبئا".